ألف رحمة ونور علي روح فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جادالحق علي جادالحق شيخ الأزهر الذي شَرُف مقعده خلف مكتبه به، والذي أعطي هذا المقعد الكثير ولم يأخذ منه شيئا. اليوم يا إمامنا حق لك الشكر والامتنان.. لماذا؟.. لأنك جابهت الرئيس السابق في عز عنفوانه وصولجانه.. قلت كلمة الحق قبيل انعقاد المؤتمر الدولي للسكان بمصر لبحث الشذوذ الجنسي وتكوين أسر المثليين.. ثم قلتها ثانية عشية بدئه في الخارج في العام التالي بعد فشله في مصر بسبب ما قلت.. ثم قلت ما شفي غليل كل المصريين والعرب والمسلمين ليلة عرض حلقة من مسلسل العائلة في رمضان وكانت كلمتك وقتها ضد من؟ ضد صفوت الشريف امبراطور الإعلام وصاحب جنة موافقيه ونار معارضيه.. قلتها ولم تخش النار.. وجاء إلي مكتبك في اليوم التالي مؤلف المسلسل ومخرجه وبطله ومعهم ممدوح الليثي ليطلعوك علي الحلقة بعد تعديلها لتعاد للمشاهدين بصحيح الإسلام حول موضوع عذاب القبر.. الله.. الله.. عليك ياشيخنا وإمامنا.. ثم أصدرت بيان الأزهر »هذا بيان للناس« الذي جمع أركان شريعة الإسلام، ووعي كل حقائقه، ماذا للحاكم، وماذا للمحكوم، ما دور الفرد، وما دور الجماعة؟ لقد كنت إماما يفخر بمثله الأزهر وظللت في بيتك الضيق جدا بالمنيل حتي خرجت منه للقاء ربك الذي كان نعم اللقاء. مضي الزمن سريعا ولم يعد يشعر بالأزهر أحد في مصر أو في خارجها وجاء ابن الكرام أحمد الطيب ليجلس علي نفس مقعد الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر.. وظللت أراقبه في منصبه بعد أن تعاملت معه في منصب الإفتاء ثم رئاسة جامعة الأزهر. وأسفرت تقارير المراقبة عن جيد جدا في الأقل، وامتياز في الأعم الأغلب.. تطوير مناهج الأزهر، نعم الصنيع.. تحسين أوضاع علمائه وعامليه، جهد تأخر كثيرا.. ترشيد النفقات والحوافز والمكافآت لعلية القوم، عدل وفضل.. الانفتاح علي كل الدنيا والسماع لكل الناس، استعادة للريادة والقيادة في كل الدنيا.. وأخيرا وثيقة الأزهر التاريخية لتأصيل ودعم الدولة المدنية، لا الكهنوتية ولا الدينية ولا الطائفية.. ماذا أقول لمولانا.. ما أنا بقائل، ويكفيه ما يقوله الناس كل الناس وهم طبعا ممن لا ينظرون تحت أقدامهم من ترحيب حار بدولة مصرية وطنية دستورية ديموقراطية حديثة علمية عادلة تحفظ مالله لله، وما لقيصر لقيصر.. وما للناس للناس.. أما الحاكم فعليه أن يكون راعيا ومسئولا لا متسلطا نهابا.. وما بين الإمامين الجليلين جاد الحق والطيب فهو جزء من التاريخ.. له ما له وعليه ما عليه. ياسادة.. شتان ما بين موقف الأزهر من البابا بندكت السادس عشر عندما حكي عنه ما قال عن أن الإسلام دين دموي.. وما بين مواقف للأزهر في فترات سابقة. لقد انبري الطيب للدفاع عن سماحة الإسلام وعدله وانصافه وبعده عن الدموية والعدوان علي الآخرين. انبري يدافع بقوة، ولم ينس أن يعلق ما بين الأزهر والفاتيكان من اتصالات ومشاورات كانت قد بدأت قبل مجيئه للمشيخة بأعوام طوال. كانت المشاورات لمصلحة من أشاروا بها حتي يكون لهم ظهور علي الساحة.. ولن أزيد.. وأنا وهم يعرف بعضنا بعضا.. أما وقد أخطأ الفاتيكان فالأزهر له نفس قوته وأكثر، وله نفس حقوقه وأكثر.. وبالتالي لا حاجة لتعاون مع من قال في الإسلام ما يكرهه ويرفضه المسلمون. كل هذا تذكرته عندما صدرت وثيقة الأزهر حول الدولة المدنية.. وثيقة أعادت للأذهان مجد الشيخ المجدد محمد عبده وأستاذه الشيخ المطور جمال الدين الأفغاني والعملاق الرباني د.عبدالحليم محمود.. وانني لأتمني أن تظل مسيرة الأزهر علي حالها الآن حتي تعوض مصر كثيرا مما فقدته في أصقاع الأرض.. مصر التي جاءها عبدالناصر فكان منه ما كان من خير. واتهمه آخرون ببعض الشر ظلما وعدوانا.. ويكفيه أنه أول من نشر في العالم القرآن المذاع من خلال إذاعة مصرية ليس فيها سواه وما يشرحه ويفسره.. مصر التي تعلقت أفئدة وعقول الأفارقة والآسيويين والأوروبيين بها من خلال تعليم أبنائهم فيها مجانا من خلال الأزهر حتي خرج منهم رؤساء وحكام لتلك الدول.. وهو دور إن عاد فسيعود معه لمصر الخير الكثير.