(1) شاء الله ان يكون اليابانيون سببا في اللقاء الوحيد الذي جمعني بالفقيه المجدد المفكر محمد سليم العوا. حدث ذلك منتصف الثمانينيات.كنت مراسلا لجريدة اساهي اليابانية. وسألني مستر فوجي تاكا مدير مكتب الجريدة: هل تعرف الدكتور سليم العوا، قلت: بلي، ففي بداية الصحوة الاسلامية منتصف السبعينيات، كنا في شدة النهم لمعرفة الصورة العصرية للدولة الاسلامية. قرأت كتاب الرجل:"في النظام السياسي للدولة الاسلامية". أعود لمدير المكتب ليكمل أسئلته: هل تعرف انه من أبرز المحكمين القانونيين الدوليين . قلت: نعم. المهم أجرينا الحديث.. ووقعت في أسر أفكار الرجل التي يعرضها بشكل منظم يجعلها تتهادي برفق الي عقلك ووجدانك، وعلي الرغم من انه كان اللقاء الاول والاخير بالدكتور سليم العوا، الا انني اصبحت صديقا علي الورق وعبر نبضات الاليكترون للرجل، فقد قرأت معظم كتبه ، وطرت فرحا حين أنشأ موقعه الاليكتروني، فمن خلاله قرأت كل أبحاثه ومقالاته، بل استمعت وشاهدت كل حواراته التليفزيونية ومحاضراته عبر الفيديو، لذلك قل إنها صداقة ومحبة وإحترام وتقدير علي البعد. لكل ذلك تمنيت لويجود الزمان علينا برئيس مثل الدكتور العوا يعوضنا عمن ظلمونا وداسوا باقدامهم الغليظة علي الدستور والقانون علي مدي 60 عاما، فلو أراد الله بهذا الوطن خيرا، لأجري إختياره علي ايدي المصريين وبأصواتهم. يقدم الرجل رؤية رشيدة حكيمة متبصرة للوطن تحشد المصريين جميعا ولا تفرق أو تميز بين مسلم ومسيحي فيشدد : "ما المانع إذا حكم قبطي أو حتي يهودي طالما مصري؟ ومن أعطانا الحق في نزع هوية المرء بسبب ديانته؟ فإذا فعلنا ذلك فنحن نشعل فتيل الفتنة فيما بيننا". ويري "إن أي مدعٍ يقول إنه يبايع حاكما علي الإمامة،أنا أول من يعارضه؛ لأنه لا يوجد أحد علي وجه الأرض الآن يستحق الإمامة الكبري التي عرفها صدر الإسلام، وبالتالي نحن خرجنا من إطار الإمامة إلي إطار الدولة المدنية التي نعيش فيها الآن، ويجوز أن يتولاها أي إنسان مسلم أو مسيحي، أو أي مواطن في الدولة؛ لأنه جزء من المؤسسة وليس هو المؤسسة كلها". ومن الاجتهادات البديعة للدكتور العوا إعلانه جواز تولي المرأة الرئاسة ويرد علي من يحتجون بحديث النبي(ص)"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" بأن للعلماء فيه ثلاثة تأويلات:أولها: أن القضية تتعلق بأهل كسري؛ حيث أشار الرسول صلي الله عليه وسلم أنهم لن ينتصروا في حرب الفرس والروم، حيث ان الله نبأه بذلك حين قال (ألم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَي الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون). والتأويل الثاني: أن حديث الرسول خبر، والخبر لا يفيد التكليف وإنما هو إنباء، والثالث: أن طبيعة الولاية قد تغيرت وهذا ما نأخذ به، وهو أن هذا الحديث أصبح في غير موضعه، علي خلاف ما يظن البعض من أنه دائم إلي يوم القيامة. ورغم هذه الاجتهادات يتعرض الرجل من وقت لآخر لهجوم علي مشروعه الفكري والسياسي، الا ان ذلك لايقلقه فيقول: لقد تعودت أن اقول لاخواني في جمعية مصر للثقافة والحوار اننا نقوم -في برنامجنا"معالم الثقافة الاسلامية- بإنشاء عمارة يرتفع بناؤها عشرون طابقا، ولا يسعنا أن نقف عند كل خطوة من خطوات البناء لننشغل بمن يخالفنا فنرد عليه. ولكننا معنيون بإتقان العمل في بنائنا ، فاذا فرغنا منه جاز لمن شاء منا أن يشغل نفسه بما شاء بعد أن يكون قد استكمل عدته وحصل من أصول ثقافته ما يجعله أهلا لنشرها" الان إذا كنتم تريدون رئيسا يحترم القانون، فمن أهل لذلك غيره وهوالفقيه القانوني الحاصل علي دكتوراه الفلسفة ( في القانون المقارن ) من جامعة لندن 1972 . وعاش في محراب القانون يتبتل به منذ ان عين وكيلا للنائب العام 1963 - 1966 ثم محاميا في هيئة قضايا الدولة بمصر 1966 - 1971 واستاذا للقانون بجامعة عين شمس. ومن يضبط حياته بالقانون لا يمكن أن يتجاوزه او يفتئت عليه او يعطيه اجازة. واذا كنتم تريدون رجلا يخشي الله، لا الناس ، يصدح بالحق في مواجهة السلطان،فهو "العوا" يكفينا أن نذكر أنه حين رشح الشيخ يوسف البدري مبارك للامامة العظمي ، كتب العوا مقالا انتقده فيه بعنوان"هلك المتنطعون". واذا كنتم تريدون رئيسا لا يعيش لجمع المال ويخاف ان يتكسب من حرام ويعترف بخطئه اذا أخطأ ، فهو سليم العوا. حكي لي زميلي عبد الهادي ابو طالب رئيس تحرير موقع اون اسلام أن الدكتور العوا حرر شيكا لاحد موكليه بمبلغ 80 الف جنية ، هي قيمة الغرامة التي حكم بها القاضي علي موكله بسبب خطأ من مكتب الدكتور العوا للمحاماة. لا تخافوا من يخاف الله والقانون ويعتبر الرئاسة تكليفا يتعبد به الانسان لله. (2) اذا اجتمع ثوريان كان الائتلاف ثالثهما! اصبح عندنا الان اكثر من مائتي إئتلاف للثورة، ولا يعني ما أقول ان الائتلاف هو الشيطان، ولكن اذا زاد الائتلاف عن حده إنقلب الي ضده، وأقامه من ليس له علاقة بالثورة. البعض لم يسمع عن الايثار بعد، ويزاحم لتصدر المشهد الإعلامي، لذلك أحيي فارس شارع القصر العيني الذي تحدي بجسده مدفع المياة الهادر كالشلال من مصفحة الامن المركزي في عز برد يناير اثناء الثورة ،ولايزال حتي الان مصرا علي عدم الافصاح عن إسمه اوصورته .