من صغره وصغر سنة عارف معني إنه، من قلبه وروحه مصري والنيل جواه بيسري، تاريخ أرضه وبلاده بيجري جوه دمه، لازم رئيسك - يكون بيحبك - بيحب مصر، شرط ضروري وحتمًا ولابد، فرض عين ليس فرض كفاية، يعرف قيمتك ومكانتك، يعرف معني الحروف. حروفك يا مصر، الميم لازم يكون متيم، في حبها بيدوب، والصاد صادق في الحب مش كذاب، اللي يحب يبان في عينيه، والراء رحيم، قلبه كبير يسع الفقراء والغلابة، ما ينام الليل وتهجع جفونه حتي ينام الفقراء والبسطاء، وترتاح جنوب المرضي، ويجد الأطفال ما تغلي به القدور. لازم يكون بيحب البشر والحجر والناس، بيحب الليل وسماه ونجومه وقمره، قمره وسهره وأنت وأنا وكلنا، بيحب الصعايدة والبحاروة والصيادين، والحطابين في الجبال والفلاحين في المزارع والعجائز حول نار المدفأة في ليالي الشتاء ينتظرون عطفته، بيشرب وبيتوضي في نيلك، وبيرنم التراتيل، وبيذكر مع الذاكرين، الله حي وابنك يامصر من ميدان التحرير جي، وعلي رأسه أكاليل الغار. لازم يكون بيحب الفريق، الفريق الوطني، فريق من 80 مليونًا ويزيد، لا يعرف شلة ولا جماعة، وبيصلي الجماعة، فرض وراء الإمام، وبيقدس وراء القسيس، بيغسل ذنوبه في مياه النيل، بيراعي ضميره في أهله وناسه وفي كناسه، يربت علي كتف الكبير ويعطف علي الصغير، ويمشي بين الناس، يلامس الأكتاف، لا يركب الأكتاف، لا يركب مصر ويهز رجليه. لازم يكون حسيس، وحساس، بيحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس، بيحاسب نفسه قبل المنام وبعد المنام، قبل الأكل وبعده، قبل الحكم وبعده، ويحاسب رجاله حساب الملكين، كل قرش وكل جنيه، لا يترك الحبل علي الغارب، لا يقرب فاسد، ولا يقترب منه مذموم، لا بيبيع ولا بيفرط، شبر الأرض عرض، وحبة الرمل ياقوت ومرجان، إيده نظيفة وممدودة بالخير، بيشتغل لوجه كريم، كريم وجهك يا مصر. بيحب مصر مش كرسي مصر، وهذه الأنهار تجري من تحت الكرسي، ليس من تحت قدميه، وإن جلس علي الكرسي لا يرتاح، إن دامت لغيرك ما وصلت لك، الكرسي أمانة، إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض، وحملها الإنسان، لازم يكون الرئيس إنسان ليس من النسيان، ولكن من الإنسانية، الحكم ليس منحة إلهية، لكنها هبة شعبية، وكالة مجتمعية، من ولاك عليهم، لست عليهم بمسيطر، فليتذكر أولو الألباب من المرشحين والمرشحات. الكرسي زائل، لا يدوم ليوم أو بعض يوم، والهبوط إلي الليمان أسهل كثيرًا من الصعود إلي البرلمان، والصعود إلي القصر كالصعود إلي القمر، شاق لو تعلمون، والحكم جبل واعر، وكبح النفس مشقة، والنفس أمارة بالسوء ليس باقتصاد السوق، ومصر ليست سوقًًا، مصر حضارة وعلم ونشيد، مصر منارة وعلم وفن، مصر خلقت للخلود، أنا إن قدر الإله مماتي، لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي، تبقي مصر ويفني الجميع، مصر أصل الخلود. الكرسي كبير كبير، الكرسي الكبير، كرسي الفرعون، أكبر كثيرًا مما تظنون، والمهمة قاسية أقسي كثيرًا مما تتخيلون، والبلد عظيم فوق ما تقدرون، ورئيسها القادم من خلف الغمام لازم يكون كبير، كبير المقام، عالي الهمة، قادراً علي النهوض والصعود والصمود، الريح جبارة، ريح صرصرٍ عاتية، والسفينة قديمة، بلد عتيق، عمره من قبل عمر الأهرامات، قامته قامة، وتاريخه نادر المثال، مصر تتحدث عن نفسها، يتحدث عنها الركبان من سالف الزمان. آن الأوان، لم يفت الميعاد، أذن الأذان، حي علي الصلاة في محرابها، حي علي الفلاح علي ضفاف نيلها، من يؤمنّا في صلاة الوطن، من يصلي بنا صلاة القيام، من يسجد بنا في محراب العدالة، من يقيم العدل علي الأرض، من يزهد في المال العام، من يعمل للصالح العام، من ينسي نفسه ويذوب عشقًا في بلادي. المرشحون كثر، والطامعون كثر، والواجفون كثر، أولادك ماسكين قلوبهم بأيديهم، خوفًا، رافعين علمك، فخرًا، شايلين همك حبًا، لكنهم صاروا شيعًا وأحزابًا، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي، من يوحد القلوب، من يصف الصف، ويؤم المصريين في صلاة الغوث، من يشق الصفوف، من يصلي صلاة مودع، من يحمل الأمانة ويؤدي الرسالة وينصح الأمة ويكشف الغمة؟! من ذا الذي يقرض مصر قرضًا حسنًا، يقرضها حبًا، ويبادلها عشقًا، لا يرضي عنها بديلا، لا حزب ولا جماعة ولا طائفة ولا طريقة، مصر الحزب والطائفة والطريقة، مصر مسجد وكنيسة، مصر فن وعمارة، مصر تاريخ وحضارة، مصر مهبط الرسالة، الطريق معبد لحامل الرسالة، رسالة مصر إلي الوجود، حامل الرسالة كحامل المسك، عبقه يسبقه، عطر يسري في النفوس، يشرح القلوب، يملأ الأرض عدلاً وقسطًا بعد أن ملئت جورًا وظلمًا، إنه الرئيس لا كذب، إنه الرئيس المنتظر.