نتوجه بها لبني جلدتنا، شركاء الهم والصبر، وهم وليس غيرهم الأخوة الأقباط. وهذه التهنئة وإن كانت من الأمور الواجبة لعشرات الاعتبارات ومن باب المشاركة فيما يعيشونه من أفراح وأتراح، إلا أن هذه المشاركة وهذه التهنئة باتت أمرا ضرورياً، بل وواجبا علي كل مسلم ومسلمة أن يقدمها للأخوة الأقباط، بعد انتشار فتاوي الجمود والتخلف، وأصحاب الوجوه القبيحة، والقلوب المتحجرة، من أنه لا يجوز للمسلم تهنئة الأقباط بأعيادهم، باعتبارهم كفاراً. ناهيك عن الفتاوي الأخري تتعلق بالمسلمين، وليس لها أصل في صحيح الدين، ولا يستقيم مع كرامة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالي، وجعله خليفة في أرضه. وبخصوص التهنئة لقبط مصر والمشاركة في أفراحهم وأتراحهم، إنما ينبع من عشرات الاعتبارات الدينية والإنسانية والوطنية. فبالنسبة للاعتبارات الدينية، فهناك أهل الاختصاص الأجدر ببيانها، ويكفي وفقط أن نشير إلي أن رسول الإسلام محمد (صلي الله عليه وسلم) يقول: أنا أولي الناس بعيسي بن مريم في الدنيا والآخرة ويقول عليه الصلاة والسلام : أوصيكم بقبط مصر خيراً فإن بيننا وبينهم صهراً ونسباً، وصدق الله العظيم حيث يقول تعالت صفاته – »ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون» صدق الله العظيم، وهذا معناه أننا مأمورون بالمودة للنصاري واحترامهم، وعدم المساس بهم، لأنهم في القلب والوجدان الإسلامي ويستنكر أصحاب الخطاب الديني الصحيح من علماء المسلمين ما يدعو إليه دعاة الردة والتخلف من عدم مشاركة الإخوة الأقباط احتفالاتهم الدينية وتقديم التهنئة لهم. مؤكدين أنه لا يوجد نص ديني أو حديث نبوي يحرم هذه المشاركة وهذه التهنئة بل علي العكس تحث آيات القرآن الكريم علي تكريم الإنسانية، وعلي التعارف والتواصل وصدق الله العظيم، حيث يقول : » يا أيها الذين أمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا » كما يؤكد القرآن الكريم »احترام الأديان والمعتقدات»، وصدق الله العظيم »لكم دينكم وليا دين» هذا علي مستوي مكانة الأقباط في الحنيفة السمحاء. أما علي مستوي الوطن والمواطنة، مما بين المسلمين والأقباط أخوة في الوطن والعرق، فالكل مصريون قبل الأديان وبعدها علي حد قول عاشقة مصر نعمات أحمد فؤاد – إذا صح التشبيه الشائع عن الزواج الطبيعي بين أرض مصر وفيضان النيل فإنه من الصحيح القول : إن ثمرة هذا الزواج هم المصريون جميعاً، فالنيل أبوهم ومصر أمهم والمسلمون والقبط – كما يقول العقاد – سواء في تكوين السلالة القومية، ولا فرق بين هؤلاء وأولئك في الأصالة والقدم عند الانتساب إلي هذا البلد فوحدة الجنس والأصل أقدم من كل دين. وهنا نقول: إن ما بين مسلمي وقبط مصر ليس مجرد وحدة وطنية بالمفهوم السياسي وإنما وحدة جنسية وثقافية، باختصار وحدة في كل مكونات الهوية المصرية أرضاً، وبشراً، جنساً وثقافة، لغة وفكراً، عقلاً ووجداناً، طبعاً ومزاجاً، ومن قبل ومن بعد ولاء وانتماء. لهذا ولغيره نقدم لهم خالص التهنئة بأعيادهم الدينية، رغم أنف سجناء الكهوف والوجوه القبيحة الطافية علي وجه الحياة المصرية.