خلال النصف الثاني من القرن العشرين شهد العالم سلسلة من الاغتيالات التي أودت بحياة شخصيات سياسية كانت مشهورة، وازدادت شهرة بعد رحيلها وإلي الآن .. رغم مرور عقود عديدة علي اغتيالها. الكتاب الذي صدر منذ أسابيع قليلة، شارك في كتابته صحفيان فرنسيان هما:(Jean Lacouture) و(Jean-Claude Guillebaud) ووقع اختيارهما علي16من المشاهير الذين راحوا ضحايا للإرهاب، والتعصب، والصراع علي السلطة ليكتبا عنهم، وعنهن، ليس بهدف إعادة نشر تفاصيل جرائم اغتيالهم، ولا بالكشف عن أدلة جديدة ضد أناس شاركوا في الجرائم ولم تمتد يد العدالة لتقبض عليهم، وإنما كان حرص الكاتبين يكاد يكون مقصوراً علي التعرف علي »نتائج« هذه الاغتيالات، وكأن هناك نتائج، أو فوائد، للجرائم رغم المقولة الشهيرة: »الجريمة لا تفيد«. وفهمنا أن المقصود هنا هو البحث والتنقيب للإجابة عن سلسلة من التساؤلات المتعلقة بتداعيات جرائم اغتيال المشاهير، جريمة بعد أخري. فمثلاً..الرصاصات العديدة التي أطلقت علي الرئيس الأمريكي »جون كيندي« هل غيرت شيئاً في تاريخ الولاياتالمتحدة، أو تاريخ العالم؟! وماذا نتج عن الرصاصات التي استهدفت زعيم السود الأمريكيين: »مارتن لوثر كينج«، غير اسقاطه وقتله؟! وماذا أسفرت عنه جريمة اغتيال الرئيس المصري الراحل »أنور السادات«؟! هل تحقق السلام العادل، والشامل، والدائم، في الشرق الأوسط؟! والتطرف الصهيوني الأعمي الذي أودي بحياة رئيس الحكومة الإسرائيلية: »إسحق رابين«، هل كُسرت شوكته؟ وهل تضاءل عدد المتطرفين في إسرائيل؟! وعصابات »الألوية الحمراء« الإيطالية التي أعماها التطرف فأقدمت علي اغتيال »ألدو مورو« رأس الحكومة 5 مرات حتي لا يواصل سعيه إلي إخماد التطرف السياسي في بلاده، وهو الاغتيال الذي أحزن القارة الأوروبية كلها، ورغم ذلك فلا أحد يتعظ، والتطرف السياسي إزداد إرهاباً، وترهيباً. أليس اغتيال الشاب »بشير الجميّل« الذي رأس الجمهورية اللبنانية في بداية الثمانينيات دليلاً دامغاً علي توحش التطرف الديني والسياسي الأعمي، في بلد صغير مثل لبنان؟! ولأن المؤمن، العاقل، لا يلدغ من جحر مرتين.. فقد ثبت سوء وفساد هذه المقولة! ففي نفس البلد لبنان نجح التطرف السياسي، والديني، في العودة إلي الاغتيالات المرة بعد الأخري.. وأشهرها اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام2005! التطرف الذي أدي إلي اغتيال »المهاتما غاندي«، بطل تحرير الهند ومحقق استقلالها بعيداً عن نيرالاستعمار البريطاني، نجح أيضاً في اغتيال »أنديرا غاندي« رئيسة وزراء الهند في عام 1984، وهي الإبنة الوحيدة للزعيم الهندي:»نهرو«، تماماً كما تم اغتيال الباكستانية »بنازير بوتو« في عام 2007، وهي التي شغلت منصب رئيس وزراء باكستان مرتين، وكانت مرشحة للرئاسة للمرة الثالثة. و»بنازيز« هي ابنة أشهر، وأعظم، من حكموا باكستان: »ذو الفقار علي بوتو« الذي سبق اغتياله هو أيضاً برصاصات التطرف الأعمي! .. وللحديث بقية. إبراهيم سعده [email protected]