يبدو أن الصفعة التي تلقتها إدارة الرئيس »ترامب» في الأممالمتحدة بعد القرار الأحمق بشأن القدس، قد أفقد هذه الإدارة صوابها! وبدلا من أن تبادر هذه الإدارة التي تحكم قوة عالمية عظمي بتصحيح الخطأ الذي وضعها بمفردها في مواجهة العالم، تتصرف إدارة »ترامب» بنفس الحماقة، وتسير في طريق الكذب علي النفس وعلي الآخرين، وتلجأ للاحتيال السياسي لتداري الفضيحة.. بدلا من استعادة العقل الذي غاب مع قرارات خاطئة واستعادة الاحترام الذي ضاع مع تورط »ترامب» بنفسه في محاولة ابتزاز دول العالم وتهديدها بمنع المساعدات إذا لم تقف مع أمريكا في الأممالمتحدة، وتمنع إدانة قراراتها حول القدس.. وهو الأمر الذي انتهي بهزيمة ساحقة لأمريكا، وبتأكيد العالم علي رفض انتهاك الشرعية والقانون الدولي من جانب السيد »ترامب» وهو يحول بلاده بقراره الأحمق إلي شريك كامل في اغتصاب القدس العربية! السيدة »نيكي هيلي» مندوبة »ترامب» في الأممالمتحدة قررت تكريم الدول التي أيدت بلادها وصوتت إلي جانبها، ودعتها إلي حفل استقبال لشكرها علي صداقتها لأمريكا! للوهلة الأولي يبدو الأمر وكأنه استعادة لأجواء الفضيحة، فالذين أيدوا أمريكا كانوا ثماني دول من بينها إسرائيل بالطبع، إلي جانب هندوراس وتوجو وجواتيمالا وأربعة من شبه الدول أكبرهم »ميكرونيزيا» العظمي التي لا يزيد عدد سكانها علي مائة ألف نسمة! كان المشهد بهذه الصورة الواقعية يمثل حجم الإهانة التي لحقت بأمريكا بسبب السياسة الحمقاء التي جعلت »ترامب» يواجه العالم كله معتمداً علي تحالف إسرائيل وميكرونيزيا! وفي محاولة بائسة للهروب من الفضيحة.. ضمت الإدارة الأمريكية الدول التي امتنعت عن التصويت، ثم الدول التي امتنعت عن حضور الجلسة التاريخية للأمم المتحدة، إلي كشف المدعوين، باعتبار أن كل هؤلاء كانوا إلي جانب أمريكا في قرارها الأحمق حول القدس! وتعرف إدارة ترامب جيداً أن معظم من امتنعوا عن التصويت أعلنوا موقفاً معارضاً لقرار »ترامب»، وأن من تغيبوا عن الحضور كان بإمكانهم لو أن لديهم أدني تعاطف مع الموقف الأمريكي أن يحضروا الجلسة ويمتنعوا عن التصويت علي الأقل، فيجعلوا القرار يصدر دون أن يحقق أغلبية الثلثين! تعرف إدارة »ترامب» أنها عزلت نفسها عن العالم بقراراتها الحمقاء. ليس معها إلا إسرائيل وميكرونيزيا وست من الدول الصغيرة وأشباه الدول. بينما العالم كله يقف مع الشرعية ويرفض البلطجة السياسية! لو أن العقل السياسي قد عاد، لأدركت إدارة ترامب أنها تسير في طريق مسدود، ولأقدمت علي تصحيح الخطأ وإلغاء القرار الأحمق حول القدس، ولقدمت الاعتذار لشعب فلسطين وشعوب العالم.. وأيضا للشعب الأمريكي الذي يدفع ثمن سياسات إدارته الحمقاء!