مر عشرون عاما علي انتخاب أول رئيس جمهورية في تاريخ روسيا. ففي يوم 21 يونيو 1991 تدفق الناخبون الروس علي صناديق انتخابات الرئاسة ليفوز بها »بوريس يلتسين« كأول رئيس للجمهورية الروسية بعد عام من سقوط ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، وتفتته إلي دول ودويلات مستقلة عن موسكو وحزبها الشيوعي الحاكم الأوحد. في أعقاب الثورة أي ثورة تمر البلاد بمرحلة انتقالية شديدة الصعوبة، قبل أن تهدأ تدريجيا للأحسن والأفضل والأصلح. وهذا ما حدث بالفعل في روسيا خلال عامي 0991 و1991. واليوم.. تذكرنا صحيفة روسية شهيرة Ogoniok بأحداث تلك الفترة الانتقالية بالغة الصعوبة التي عاشها الروس في أعقاب نجاح ثورتهم العظمي. الزبالون اختفوا من المدن الكبري، وتراكمت أكوام القمامة في كل مكان.. بعد أن تدفق الملايين من الثوار علي شوارعها وميادينها ينددون بالعهد القديم، ويهللون للثورة، وحاضرهم المشرق ومستقبلهم الأكثر اشراقا. حوائط المباني الرسمية والسكنية غُطت بالشعارات الجديدة وأخفت تحتها الشعارات القديمة. السلع الأساسية والضرورية اختفت من داخل محلات »القطاع العام« المالك الوحيد لأي شيء وكل شيء. ما يمكن للمواطنين الحصول عليه كان بأسعار أعلي مما كانت.. رغم قلتها في جيوبهم. الانتاج قل. والموارد شحت. والخدمات تضاءلت. هذه الصعوبات كلها وغيرها لم تؤثر سلبا علي فرحة الروس بثورتهم. بل علي العكس زادتهم فرحا ولهفة علي حياة أخري طال انتظارهم لها. أكثر ما أسعد الروس انهم تخلصوا فجأة من كل المجالس والمؤتمرات التي كانت تكتم أنفاسهم خلال العقود الثمانية السابقة. فما من واحد منهم كان يتصور أن يري اليوم الذي يختفي فيه: مجلس السوفيت الأعلي، ونواب البرلمان، ومجالس البلديات والمحليات! ما كان مستحيلا في الأحلام.. أصبح الآن واقعا يتباهون به ويهللون له. فما من أحد كان يريد أن يري هذه الوجوه التي كانت تفرض عليهم مشاهدتها ومتابعتها علي شاشة التليفزيون.. وعلي مدار الساعة. لقد اختفت فجأة هذه الوجوه وحلت محلها رموز الثورة مثل: »جورباتشوف«، و»يلتسين«، و»أناتولي سوبتشاك«، و»أناتولي ليانوف«، و»يوري آفاناسييف«.. وغيرهم. حياة الروس بعد الثورة تغيرت، وتتغير يوما بعد يوم.. لدرجة كان من الصعب التنبؤ بما سيحدث غدا أو بعد غد. فإلي جانب محلات القطاع العام المفرغة من سلعها ظهرت محلات صغيرة تعرض السلع والبضائع المستوردة التي بدأ المواطن الروسي يتعرف عليها لأول مرة. وظهر أول مصرف قطاع خاص للتعامل مع المواطنين مع بدء المرحلة الانتقالية 005 يوم لإعادة الحياة لاقتصاد البلاد، وبدء الانتقال من النظام الشمولي إلي النظام الرأسمالي الذي يعتمد علي العرض والطلب، مدعما بحرية التعبير وقيام تعدد الأحزاب السياسية.. وغيرها من الاصلاحات التي توجت بإجراءات انتخابات ديمقراطية جاءت بأول رئيس جمهورية في تاريخ الروس. ولم يكن التغيير الشامل في البداية سهلا. فما ينتظره الشعب من رئيس الجمهورية وحكومته أكثر من امكانياتهما. واضطرت الحكومة في عام 1991 إلي بيع 962 طنا من احتياطي الذهب لحاجتها الملحة لعملات أجنبية تشتري بها السلع الأساسية: الغذائية والعلاجية، إلي جانب تسديد ديون البلاد الخارجية وتكاليف خدمة هذه الديون التي ورثتها روسيا عن الاتحاد السوفيتي. تحمل الروس الكثير من الصعوبات في سنوات التسعينيات، لكنهم استطاعوا بعدها تجاوز كل هذه الصعوبات وأصبحت جمهورية روسيا علي ما هي عليه الآن.