تضحيات عديدة يقدمها أبطال القوات المسلحة والشرطة المصرية البواسل للذود عن الوطن وحماية أبنائه من الارهابيين وسفكة الدماء وكارهي التنمية والاستقرار وأحفاد الشياطين، فلا يكاد يمر يوم إلا ونجد بطلا جديدًا يقدم روحه قربانا في سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأنه يقدمون الغالي والنفيس لينعم الشعب المصري بحياة مستقرة، وبطل قصة اليوم هو الشهيد مجند محمد زارع طه عبدالمقصود ابن عزبة عبدالنبي حسين التابعة لقرية العامرية بمركز الفيوم والذي استشهد في نوفمبر 2015 إثر هجوم ارهابي علي كمين المنوات بمنطقة سقارة اثناء تأدية واجبه وفي واقعة استشهاده قصص وعبر، كان يلقبه أقاربه ب »ابن موت« كونه إنسانًا نقيًا طاهرًا، بارا بوالديه وشقيقيه، لم يسمع عنه أهل قريته إلا كل خير، علاقاته بالجميع علي ما يرام، حسن الخلق والخلقة، خرج مودعًا عائلته يوم استشهاده باكيًا، وقال جملته الأخيرة لهم «أشوف وشكم بخير»، مرت الكلمات علي عائلته غير كل مرة، فالشهيد البطل لم يعتد أن يبكي فور مغادرته وانتهاء أجازته ودارت التساؤلات التي طرحوها بينهم، حتي جاءهم خبر استشهاده وعند تشييع جثمانه الطاهر الي مثواه الاخير دخل عليه شقيقه ليكشف عن وجهه فيجده مبتسمًا، بعدما تلقي جسده النحيل 8 طلقات غادرة ممن لا دين لهم ولا عهد، وكأنه يقابل كل طلقة نارية بابتسامة حتي أطلق عليه أهالي قريته «الشهيد الضاحك الباكي» . يقول زارع طه «والد الشهيد» والذي كان يعمل مساعدًا للشرطة بالفيوم وبالمعاش حاليًا يوم استشهاد نجلي مر وكأنه يوم القيامة، لانني «فقدت قطعة من جسدي» فالشهيد كان ابنًا بارًا بي وبوالدته التي وافتها المنية منذ شهرين، كان يعمل «حلاقا» بالقرية، ولم يبخل علينا أبدًا بأي شيء، فكل دخله من مهنته يعطيه لنا، ولم أجده يغضبني يومًا أنا أو أمه أو حتي اخوته لافتا إلي أن الشهيد هو الابن الثالث له بعد عمار وأحمد، والتحق بالقوات المسلحة في عام 2013 بقوات الأمن، ولم يكن يتبقي له سوي 6 أشهر لانتهاء مدة خدمته وكنا نستعد لاتمام زواجه علي احدي فتيات القرية عقب ذلك ولكن لم يمهله القدر واستشهد دفاعًا عن وطنه.وتابع: أن والدة الشهيد قبل وفاتها بساعات أكدت لهم أنها لأول مرة منذ استشهاد نجلها تراه في منامها وقالت جملتها قبل الموت بلحظات «ابني جاي ياخدني» ونفذ أمر الله. ويقول عمار 38 سنة شقيق الشهيد الأكبر، أن شقيقه كان دائمًا يحكي لنا عن بطولات زملائه في التصدي للإرهاب والخونة، مشيرًا إلي أنه كان يتمني أن ينال الشهادة وكتبها له الله، وكان دائم الابتسامة ومحبا لوطنه جدًا ولقادته، واستشهد وهو مبتسم يتصدي للطلقات النارية الغاشمة وهو يعلم أنه سيكون في مكان أفضل مما كان عليه في الدنيا، لافتا إلي أن أخلاقه الحميدة وسيرته الطيبة بين أهالي القرية هي أهم المكاسب فمن أحبه ربه حبب فيه خلقه. بينما يتذكر أحمد زارع 32 سنة الشقيق الثاني آخر مقابلة جمعتهما قبل الحادث بثلاثة أيام وشقيقه يستعد للرحيل إلي عمله حيث كان مجندًا بالأمن المركزي حينما قال له والدموع تنهمر من عينيه لأول مرة منذ تجنيده «أشوف وشكم بخير أنا مش هاشوفكم تاني» وذهب إلي وحدته، وبعدها بساعات علمنا بالحادث، واستشهاده وعدد من زملائه، علي يد الإرهابيين ممن لا دين ولا عهد لهم، وعند تشييع جثمانه الي مثواه الاخير مع الابرار والشهداء كشفت عن وجهه وجدته مبتسمًا وهو ما أثلج صدري. اصبح عريسا في الجنة مع الشهداء، مشيرًا إلي أن والدة الشهيد توفيت منذ شهرين فقط بعدما تمكن منها المرض حزنا عليه، وكانت تتمني قبل وفاتها أن تري اسم نجلها الشهيد علي مدرسة أو مسجد ولكن شاءت الأقدار أن تحرمها من أمنيتها. استطرد علي مدار عامين وأكثر ونحن نتمني وضع اسم شقيقي علي احدي مدارس القرية تخليدا لذكراه العطرة وتحقيق أمنية والدتنا في ذلك. لذا اطالب د. جمال سامي محافظ الفيوم بوضع اسم الشهيد علي مدرسة تقع في القرية الأم تكريمًا للشهيد وتحقيقًا لرغبة أسرته والمرحومة والدته حتي ترتاح في قبرها.