في برلين عاصمة ألمانيا أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي والأكثر تأثيرا في اقتصاده وسياساته مازالت الأزمة الاقتصادية تخيم رغم ما تحقق من نجاح في اجتيازها.. في الأروقة الحكومية وفي الشارع الألماني.. أهم مظاهر هذه الأزمة تجسد في ارتفاع معدلات البطالة والتي من المتوقع حسب البيانات المعلنة ان تصل هذا العام الي 6.3 مليون عاطل. والأمل معقود حتي الآن الا تتجاوز هذه المعدلات الأربعة ملايين عاطل. وتشير البيانات الي ان حجم البطالة قد زادت في الشهر الأول من هذه السنة بنسبة 6.8٪ بدلا من 8.7٪ وتعود هذه الزيادة في رأي الخبراء الي الأثر السلبي لموجة البرد القارس الذي ساد ألمانيا هذا الشتاء وأدي الي تعطيل الحياة وعجلة الانتاج. ويري هؤلاء الخبراء ان انخفاض معدلات البطالة في عام 9002 وهو عام الأزمة الاقتصادية انما يرجع الي الاتفاق بين رجال الاعمال ونقابات العمال لتفادي موجه تسريح واسعة للعمالة. تضمن هذا الاتفاق دواما جزئيا لقطاع من العاملين دعمه تنازل العمال عن حقهم في 05 ساعة عمل في السنة بما ساهم في توفير مليون وظيفة وصمود سوق العمل للازمة. يضاف الي ذلك دعم الحكومة الجزئي لمعاشات وأجور العمال. لقد ادي نجاح هذا الاتفاق القائم بين العمال واصحاب العمل علي نظام الدوام الجزئي الي المطالبة باستمرار تفعيله ليس للحفاظ علي الوظائف وباب الرزق وانما من اجل تفادي خسارة الايدي العاملة المؤهلة. قدر العبئ المالي لنظام الدوام الجزئي علي موازنة الدولة بحوالي 31 مليارا و97 مليون يورو تم تدبيره من صندوق خاص كان قد تم استحداثه خلال فترة الانتعاش الاقتصادي بين عامي 6002 و8002 ويخشي المسئولون عن ادارة شئون الاقتصاد الالماني وفي ظل انخفاض معدلات النمو الاقتصادي ان تكون هذه السنة صعبة خاصة في ظل تراجع رصيد هذا الصندوق الي ثلاثة بلايين يورو بينما تصل الاحتياجات الي 81 مليارا لاستمرار الدور الذي انشيء من اجله. وهناك توقعات بعدم استمرار هذا الوئام بين العمال واصحاب العمل في ظل المطالبة بزيادة الاجور بنسبة 5٪ وهو ما ينذر باندلاع الخلافات والاضرابات. ان الوسيلة الوحيدة لتجنب هذه المواجهة ارتفاع معدلات الاستهلاك للانتاج مما يتيح الفرصة امام مزيد من الفوائد والارباح للمصانع. وتعارض الحكومة هذه التوجه من جانب العمال حيث تري ضرورة الالتزام بالواقعية ومراعاة الاوضاع الحالية للاقتصاد الالماني والعالمي. كان من الطبيعي ان تكون لهذه الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الالماني اثر سلبي علي منطقة اليورو والتي تقف عاجزة حاليا عن مواجهة ازمة اديون التي تغوص فيها اليونان عضو الاتحاد الاوروبي حاليا والتي ادت إلي تعقيد المشاكل الاقتصادية لدوله. ويضيف المراقبون والخبراء الي ان حالة التعثر التي يتعرض لها الاقتصاد الالماني قد ساهم فيها انخفاض في حركة تجار ة التجزئة بنسبة 7.2٪ وهو اعلي تراجع تحققه منذ عام 5991 ويقدر بعض الخبراء ان يتم تعافي في الاقتصاد الالماني وقدرته علي استعادة انطلاقته في نهاية عام 1102 . وفي هذا الاطار يسود التفاؤل بأن يصل معدل النمو هذا العام في المانيا ما بين 6.1٪ و8.2٪ لعل ما يشوب هذا الشعور بالتفاؤل ما ذكرته التقارير الاقتصادية العالمية عن احتلال الصين للمرتبة الثالثة التي كانت تحتلها المانيا بعد الولاياتالمتحدة واليابان لتصبح في المركز الرابع. برلين - جلال دويدار [email protected]