دخل إبليس من ناحية الغفلة في النفس البشرية ليوقع آدم في المعصية وهو يدخل إلي أبناء آدم من ناحية الغفلة أيضا، ولو أن أبناء آدم حكموا عقولهم وهم يعرفون أن هناك عداوة مسبقة بين آدم وإبليس لانتبهوا إلي ذلك ولأخذوا حذرهم. وبدأ إبليس بغواية آدم عليه السلام.. فآدم عاش في جنة تعطيه مقومات حياته بلا تعب وبلا عمل.. وكان في الجنة ألوف الأشجار تعطي كل الثمرات وهي حلال لآدم وحواء يأكلان منها ما يشاءان.. ما عدا شجرة واحدة حرمها الله عليهما..وكانت هذه الشجرة هي بداية الخطيئة..بدأ إبليس يغري آدم وحواء علي المعصية.. كيف ؟.. حاول إقناعهما بأن عدم الأكل من هذه الشجرة.. سيحرمهما من خير كبير.. واقرأ قول القرآن الكريم: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ(20) سورة الأعراف وفي إغواء أخر: »فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَي شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَي(120) سورة طه وهكذا نعرف أن إبليس يأتي للإنسان من أكثر من زاوية.. لذلك كانت الزاوية الأولي هي أن هذه الشجرة من يأكل منها يكون ملكاً أو يكون خالداً.. وكان الإغواء الثاني أن هذه الشجرة تعطي لمن يأكل منها بجانب الخلود ملكاً لا ينتهي. إذن فإبليس يصور للإنسان.. أن ما منعه الله عنه هو الخير.. وأنه لو عصي فسيحصل علي المال والنفوذ.. لقد أكل آدم وحواء من الشجرة. فلم يخلدا ولم يأت لهما مُلك لا ينتهي. بل ظهرت عوراتهما وعرفا أن ابليس كان كاذباً.. وأن الله سبحانه وتعالي بمنهجه وما ينهانا عنه إنما كان يريد لهما الخير. ولكن الشيطان يأتي ويزين للانسان طريق الباطل.. ولو أن آدم كان قد حكّم عقله لعرف كذب وسوسة ابليس.. فإبليس كما يدعي كان يدل آدم علي شجرة الخلد.. ولو أن هذه الشجرة كانت تعطي الخلد فعلاً.. لما طلب إبليس من الله تبارك وتعالي أن يبقي علي حياته إلي يوم القيامة.. بل لأكل من الشجرة ونال الخلد. ولكن إبليس دخل من ناحية الغفلة في النفس البشرية ليوقع آدم في المعصية.. وهو يدخل إلي أبناء آدم من ناحية الغفلة أيضاً. ولو أن ابناء آدم حكموا عقولهم وهم يعرفون أن هناك عداوة مسبقة بين آدم وابليس.. وأن إبليس طلب من الله سبحانه وتعالي أن يبقيه إلي يوم القيامة لينتقم من آدم وأولاده بإغوائهم علي المعصية.. لو تنبهنا إلي ذلك لأخذنا حذرنا.. وعندما تنكشف وسوسة الشيطان فإنه يهرب إبليس دخل إلي ناحية الغواية بأن أقسم بعزة الله.. وأن الله عزيز لا يحتاج لخلقه ولا يضره سبحانه وتعالي من كفر ولا يزيد شيئاً في ملكه من آمن.. إستغل عزة الله في استغنائه عن خلقه فقال كما يروي لنا القرآن الكريم: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) سورة ص ولكن الحق تبارك وتعالي أخبرنا أنه طرد ابليس من رحمته وسماه رجيماً حتي نعرف جميعاً أنه لن يدخل في رحمة الله أبداً. إبليس دخل إلي غواية بني آدم بعزة الله سبحانه وتعالي عن خلقه.. فلو أن الله أراد خلقه جميعاً مهديين.. ما استطاع إبليس أن يتقدم ناحية واحد منهم.. واقرأ قوله سبحانه.. إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ(4) سورة الشعراء إذن الله سبحانه وتعالي.. هو الذي أعطي للإنسان حق الاختيار ولو شاء لجعله مقهوراً علي الطاعة كباقي الخلق.. من نقطة الإختيار هذه.