قرار.. نعم.. لا.. تراجع أصابتني الدهشة الممزوجة بالحسرة بعد أن تراجع وزير المالية عن فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية في البورصة بحجة تأثير ذلك علي الاستثمار. الضرائب كانت ستوفر 5.2 مليار جنيه تساعد في تخفيض عجز الميزانية .. والآن علينا البحث عن طريق اخر لتوفير هذا المبلغ.. مأزق كبير لا يقل عن مأزق الأجور، كلنا نتمني أن تزيد الأجور أضعافا مضاعفة خاصة ان موجات الغلاء تأخذ في طريقها ليس فقط القرش الأبيض بل القرش ذا الألوان المتعددة ولكن لابد أن يرتبط ذلك بالإنتاج وفقا للقاعدة الأصيلة »الجزاء من جنس العمل« ونحن في أمس الحاجة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة إن لم تكن المستحيلة أن ندفع بعجلة الإنتاج أميالا وأميالا حتي نتغلب علي مشاكلنا الاقتصادية وبهذا نحقق التوازن بين طرفي المعادلة الاقتصادية فإنتاج جيد وفير يساوي دخلا ماليا متميزا. لكن وزير المالية خيب أملي أيضا في مفهوم زيادة الأجور كما فعل عند تراجعه عن فرض ضرائب علي أرباح البورصة. تمنيت أن تكون هناك خطة اقتصادية محكمة الأطراف واثقة الخطوات التنفيذية لا تسمح بالتراجع عن فرض الضرائب خاصة انها علي الأرباح، أو القبول تحت ضغط بزيادة الأجور دون عمل لمجرد ارضاء وامتصاص غضب المواطنين. أشعر من حديث وزير المالية عندما قرر فرض شريحة جديدة من الضرائب تزيد بنسبة 5٪ عن المطبقة حاليا علي الأرباح التي تتجاوز 01 ملايين جنيه انه يأمل أن تمر مرور الكرام دون اعتراض خاصة انه استطلع رأي رجال الأعمال - الذين لا ينامون الليل من فرط حبهم لمصر ثم ينتفضون رفضاً لزيادة يسيرة في الضرائب - قبل التصريح بهذه الزيادة واطمأن لردود أفعالهم، أما عن زيادة الضريبة علي السجائر 01٪ رغم أنني أرفض التدخين بكل صوره لما له من آثار سلبية علي الصحة واستنزاف دخل الأسرة والدولة في الانفاق علي أمراض التدخين إلا أن هذا ليس بحل كافٍ فما نأخذه باليمين ننفقه علي العلاج بالشمال. ما هكذا تكون قرارات المرحلة الانتقالية خاصة مع ما يمر به العالم من تراجع في النمو يصل إلي 2.3٪ من اجمالي الناتج العالمي مما يؤثر علي حركة الاستثمار العالمي وارتفاع أسعار الغذاء والوقود وكل هذا في مجمله يؤثر علي الدول النامية التي مازالت تعتمد علي الخارج اقتصاديا. استسلم وزير المالية لخيار الاعتماد علي القروض من صندوق النقد والبنك الدولي وبعض الدول وبفرض عدم وجود شروط مجحفة لهذه القروض إلا انها في النهاية قروض تزيد الأعباء علي الميزانية في السنوات القادمة في الوقت الذي تعاني فيه عجزا يزيد من مرحلة إلي أخري. ما نمر به كان يحتاج إلي حلول جذرية نضع بذرتها ونفصح عن صعوبة المراحل التي تمر بها البلاد حتي نحصد ثمارها وفي هذا الطريق سوف يتحمل الجميع أعباء هذه المرحلة كل حسب سعته وقدرته. كنت أفضل أن يكون لدينا جدول اقتصادي اجتماعي زمني واضح الملامح والخطوات لا يستجيب إلي العواطف والغضب لا يسمح بالطبطبة حتي نعبر عنق الزجاجة اعتماداً علي أنفسنا ونقلل الاعتماد علي الغير بقدر ما نستطيع وأن يكون الاقتراض في حدود ضيقة فالأمر جد صعب. كنت أتوقع أن تزيد الدولة قبضتها لخلق الجو المناسب لاستعادة الأمن حتي تعود السياحة والاستثمارات المصرية والعربية والأجنبية لسابق عهدها بما يفيد بلدنا وينمي ثروتها وليس بما يفيد المستثمر فقط لمجرد تشغيل حفنة من الأفراد وفقا للنظام السابق الذي صدعنا بكم الاستثمارات والمليارات وبقيت معدلات البطالة في ازدياد مرعب.