تعلمت من الأخوة الشوام وأهل السودان كيف يعظم بعضهم بعضا، فلا يقللون من شأن حتي من هو أقل قدرا وشأنا.. انتهجت هذا الأسلوب لفترة أشيد بأدني عمل يقوم به زميل من الزملاء أو صديق من الأصدقاء، متصورا أن الناس يستقبلون الإشادة والإطراء من منطلق أن الكلمة الطيبة صدقة. صدمتي كانت شديدة وأنا أري الذي تشيد به يتعامل وكأن هذا هو الأمر الطبيعي أو أنه المفروض أن يكون.. الأسوأ أنني بدأت ألاحظ أن هناك فئة من »المنتفخون« الذين يعطون لأنفسهم حجما وتقييما أكبر بكثير من حجمهم الحقيقي، رغم أن من حولهم يعلمون إمكاناتهم جيدا. أحد الزملاء شكا لي من آخر تعود أن يقلل ويسفه من عمل زملائه، وكثيرا ما يخاطب الآخرين باستعلاء مطالبا إياهم أن يتعلموا منه، زاعما أن ما يقدمه هو النموذج الذي يجب أن يحتذي. بنبرة ألم قال: هل تتخيل أن الغرور بلغ بهذا »المنتفخ« مداه إلي الدرجة التي جعلته لا يلقي السلام علي أحد منتظراً أن يبدأه الآخرون بالتحية. أخونا »المنتفخ« كان واثقاً أن المنصب إياه سيأتيه لا محالة، ولما »طاش السهم وطلع نأبه علي شونه«.. قال بكل غرور: »عالم جهلة مش عارفة الصالح من الطالح!«. قلت لصديقي: ادع له أن يفيق من غيبوبته.. إبتسم وقال: أشك!