الأزهر يتبني استراتيجية لنشر الوسطية والتصدي لمحاولات الإساءة للإسلام ليس غريبًا أن تتفق الهيئات العالمية علي شخص الإمام الأكبر، د. أحمد الطيب شيخ الأزهر لتكون الشخصية الأكثر تأثيرًا في العالم للعام الثاني علي التوالي، بل الغريب ألا يحدث هذا وسط تلك المجهودات الضخمة التي يقوم بها الأزهر للذود عن حياض الأمة في الداخل والخارج، مع تصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار المتطرفة التي أضحت نذير بؤس للأمة العربية والإسلامية.. وفي هذا الإطار تقوم اللجان العلمية بالأزهر الشريف وبالتنسيق والتعاون مع جامعة الدول العربية للتحضير لمؤتمر عالمي الشهر المقبل لمواجهة التطرف وأثره السلبي علي التراث الثقافي العربي، وقد استطلعت »الأخبار» أهم محاور هذا المؤتمر في التحقيق التالي: الموروث.. والمستقبل يؤكد د. أسامة هاشم الحديدي، عضو المكتب الفني لوكيل الأزهر أن الأزهر الشريف وبالتعاون مع جامعة الدّول العربية يعقد ندوة كبري في قاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر في الرابع من الشهر القادم بعنوان: (التطرف وأثره السلبي علي مستقبل التراث الثقافي العربي) يفتتحها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ود. أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدّول العربية ويشارك فيها عدد من الوزراء وسفراء الدّول وعدد من الشخصيات العامة ورؤساء الجامعات والأساتذة والمثقفين والإعلاميين وغيرهم من المعنيين بهذا الشأن. ويُشير د. أسامة إلي أن الأزهر الشريف إذ يضطلع بدوره محليًا وعالميًا في إرساء قواعد الاعتدال والوسطية والتي تعمل بدورها علي نشر السلام وترسيخ قيم العدل والحوار والحرية والمواطنة والتعايش السلمي وقبول الآخر والتأسيس لمبدأ اللاعنف والمحافظة علي التراث الثقافي والحضاري الإنساني علي مر العصور، فإن الأزهر الشريف يعقد بهذا الخصوص مجموعة من المؤتمرات والندوات والبروتوكولات مع بعض الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات ومنها جامعة الدول العربية والتي وقّع معها الأزهر الشريف مذكّرة تفاهم في 2-8-2017، ومن بنودها: التعاون في جميع المجالات المتعلقة بدعم الحوار والتواصل الحضاري لترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية المشتركة.. وأن يعمل الطرفان في إطار رؤية إستراتيجية تعمل علي التصدي للمحاولات التي تسيء للإسلام وتشوه قيمه السمحة وذلك بتقديم الصورة الصحيحة عن الحضارة الإسلامية والعربية وإسهامها في إثراء الحضارة الإنسانية.. مع الاستفادة المتبادلة من التجارب والخبرات والمطبوعات والنشرات والبحوث في المجالات ذات الاهتمام المشترك، ووضع تصور للمشروعات المشتركة وتنفيذها وفق ترتيب محدد، بالإضافة إلي التعاون في تنظيم المؤتمرات والندوات والجلسات التشاورية وورش العمل واللقاءات الحوارية في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتي ينعكس أثرها علي المجتمع. تعاون مستمر ويُتابع د. أسامة أن الأزهر الشريف يتعاون مع جامعة الدول العربية قبل هذه المذكرة، وأنه بعد توقيعها عقد الأزهر الشريف بالتعاون مع الجامعة العربية العديد من المشاركات الفاعلة بينه وبين إدارة حوار الحضارات، وكذلك مشاركة الأزهر الفاعلة في وضع خطة عمل تنفيذ توصيات الإعلان العربي حول دعم العمل العربي للقضاء علي الإرهاب، إضافة إلي المشاركة في أعمال اجتماع فريق العمل مفتوح العضوية لتنفيذ قرار القمة العربية رقم (699) بشأن »الإرهاب والتنمية الاجتماعية» الذي عقد يومي 9/10 أكتوبر 2017 في مقر الأمانة العامة. كما أن الأزهر قد شارك في ورش العمل التي سبقت مؤتمر (الثقافة وخطة التنمية المستدامة 2030.. التحدِّيات والحلول) والذي عقد يومي 1، 2/11/2017 وشارك فيه الأزهر بورقة تبين دوره في المحافظة علي التراث الثقافي الإنساني تاريخيًا وخطة عمله المستقبلية بهذا الشأن كما أكد فيها ممثل الأزهر علي الدور الذي يقوم به الأزهر في الترسيخ لثقافة اللاعنف ودعم الحوار بما قدمه من مشروعات بقوانين لتجريم الحض علي الكراهية وكذلك لاستعادة منظومة القيمة والأخلاق ومؤتمرات لنشر السلام وإرساء قواعد الحرِّية والمواطنة ومكافحة التطرف والإرهاب. خطة التنمية المستدامة أما د. محمد الجبة، الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو المكتب الفني لوكيل الأزهر فيشير إلي أن خطة التنمية المستدامة 2030 تهدف إلي تعديل المسار وتغيير وجه التاريخ من خلال تحقيق مجموعة من الأهداف التي تصنع عالمنا الجديد.. ويُتابع د. الجبة أن هذه الأهداف تكفل الرخاء والرفاه للإنسانية وتضمن لأبناء العالم تعليمًا جيدًا وتدعم قضايا الشباب والمرأة وغيرها من الأهداف والحقوق التي تضمن للإنسانية المساواة في الحقوق والواجبات وعدم التفريق أو التمييز علي أساس جنس أو عِرقٍ أو لونٍ أو ديانة بما يرسخ لقيم الحوار والتعايش السلمي وقبول الآخر وحق المواطنة، ذلك كله يرتبط بميزان دقيق هو ميزان العدالة »وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان»، قمَّة أممية ومحفل عالمي نتجت عنه أهداف عظمي ترقي بالإنسان، وإذا تكاتفت الجهود وتشابكت الأيدي من أجل تحقيق هذه الأهداف العظيمة الملهمة من خلال المشروعات المقدَّمة من بعض المنظمات لمساعدة الدول الأعضاء في تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030، فإنها حتمًا ستصل إلي تحقيق أهدافها المأمولة.. ويضيف الجبة أن الأزهر الشريف قام بالعديد من الأدوار علي مر التاريخ في الحفاظ علي التراث الثقافي بل والحضاري والإنساني فتاريخه ذاخر بالنماذج التي تدلل علي ذلك بمكتبة الأزهر الشريف من قبل عام 517ه قد أسند إلي داعي الدعاة أبي فخر صالح منصب الخطابة بالجامع الأزهر مع الإشراف علي خزانة الكتب وهي تحتوي علي عدد ضخم من الكتب ، وكذلك من المخطوطات العلمية النادرة الذاخر بتراث الإنسانية المعرفي الثقافي والحضاري ولست أبالغ إن قلت أن الأزهر الشريف قد أصدر نسخة جديدة لفهرس مخطوطات مكتبته في ثمانية وعشرين مجلدًا علي ثلاثة وستين فنًا من فنون العلم والمعرفة تم نشره في معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام الماضي.