بداية يهمني أن أعتذر لاضطراري إلي تأجيل استكمال حديثي حول ما دار في بيت المال.. اقصد وزارة المالية متعلقا باتجاهات الموازنة العامة للدولة.. بسبب ما تشهده الساحة من تطورات متتالية . جاء هذا اللقاء الذي دعا إليه الدكتور سمير رضوان وزير المالية لنخبة من الاعلاميين وخبراء الاقتصاد في اطار سلسلة الحوارات والنقاشات المجتمعية لإلقاء الضوء علي الفلسفة التي استندت اليها هذه الموازنة.. لقد تناولت في المقال الذي نشر صباح الاثنين الماضي وجهات نظر فريقين شاركا في هذا اللقاء قد يختلفان في الفكر والاهداف ولكن جمع بينهما في النهاية الرغبة في الخروج بالوطن من عنق الزجاجة نتيجة ما صاحب أحداث ثورة 52 يناير. تواصلا لما دار فإنني أتناول في مقالي اليوم بالرأي محصلة مساهمتي بوجهة نظر في اطار تلبيتي لدعوة حضور هذا اللقاء والتي تلخصت فيما يلي: لا فائدة من أي خطوات أو اجراءات للاصلاح الاقتصادي الذي يحقق الآمال والطموحات دون توافر الأمن والاستقرار والانضباط باعتبارها العناصر الأساسية للنجاح المنشود. ضرورة تشجيع الصناعة المصرية باعتبارها المجال الأساسي القادر علي خلق فرص عمل جديدة والقضاء علي البطالة وتداعياتها الاجتماعية وأنه لا يجب تشجيع الاستيراد وما يصاحبه من عمليات اغراق غير عادلة بالسلع الأجنبية. ضرورة انضباط ورقابة الأسواق والأسعار وتجنب ارتفاع معدلات التضخم بما يؤدي إلي إبتلاع أي زيادات في الأجور والدخول »وكأنك يا بوزيد ما غزيت«. الشجاعة في مواجهة مغبة تجاوز بنود الدعم كل الحدود المعقولة وأن تكون هناك عملية تعويض عن أي تحرك علي هذا الطريق مع توعية الرأي العام والعمل علي توضيح الصورة والأوضاع ببساطة تساهم في القبول بأي اجراء. مراعاة أن زيادة الضريبة علي الدخول المرتفعة فيما فوق 01 ملايين جنيه فأكثر لا تمثل أي ظلم لرجال الأعمال وعليهم أن يتفهموا بأن هذه الخطوة تمثل عاملا نفسيا لدي الطبقات المتوسطة وغير القادرين تجاه الأثرياء وتؤدي إلي نزع الاحقاد من النفوس. وفي ختام هذا اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات جاء دور الدكتور رضوان وزير المالية للرد علي ما أثير من نقاشات وحوارات. كان حريصا علي إلقاء الضوء علي الركائز الأساسية للموازنة والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: الاستجابة لمطالب ثورة 52 يناير خاصة المتعلق منها بالعدالة الاجتماعية وهو ما تجسد بشكل أساسي في اصلاح هيكل الأجور والتحرك نحو العدالة الضريبية. الاهتمام بالفقراء والطبقة الوسطي. اقتصاد قائم علي القطاع الخاص في اطار من المراعاة للعدالة الاجتماعية. العمل علي زيادة الانتاج. توسيع الانفاق العام لتحفيز حركة السوق. زيادة الاعتمادات الاستثمارية لتحفيز وتنشيط القطاع الخاص وخلق المزيد من مجالات العمل له. بدء العمل من أجل اختراق مشكلة العشوائيات. زيادة الموارد والحد من العجز وعدم تحميل الأجيال القادمة أعباء مالية مستقبلية. تعظيم التوافق بين السياستين المالية والنقدية. تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتخصيص بنك القاهرة (قطاع عام) لتمويلها. تستهدف الموازنة من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة وزيادة الفرص بالقطاع كي لا تكون الوظيفة هدفا. تخفيض مخصصات دعم الصادرات سوف يتم تعويضها بتقديم العديد من التسهيلات للمصدر في كثير من المجالات منها علي سبيل المثال الطرق والنقل. في نفس الوقت تطرق الحوار إلي وسائل معالجة مشكلة الدعم والذي تركز علي تصاعد حجم الدعم المخصص لمواد الطاقة. أشارت الأرقام إلي ان دعم السولار والمازوت يبلغ 49 مليار جنيه من جملة حجم الدعم في الموازنة والمقدر ب621 مليار جنيه. أشاروا إلي ان الأزمة الحالية التي يعاني منها السوق تعود إلي التفاوت في السعر بين السولار والمازوت. اتفق غالبية الحضور علي ضرورة أن تكون هناك صيغة عادلة ومقبولة يتم التوافق عليها مجتمعيا لحل هذه القضية ومواجهة تداعياتها الاقتصادية. وانتهي اللقاء إلي الاتفاق علي مواصلة هذه السياسة الحوارية.