طبعا ليس المقصود من العنوان تأييد ما كان يفعله الرئيس السابق وأسرته وبطانته من تمهيد للتوريث. ولكننا نتحدث عن ظواهر في حياتنا يبذل فيها أساتذة الجامعات وبخاصة كليات الطب وبعض الهيئات السيادية جهودهم ليورثوا أبناءهم مواقعهم التي اكتسبوها هم بجدهم وعرقهم وتفوقهم وأصبح يشار إليهم بالبنان، وبدلا من ان يساهموا في أن يتبوأ هذه المناصب والمواقع من هو أجدر بها وأحق تجدهم يتفننون في وضع اللوائح والتحايل علي القوانين ليمكنوا فلذات الأكباد من هذه المناصب حتي لو كان هناك غيرهم أحق بها منهم وحتي لو كان ما يفعلونه ظلما وافتئاتا علي حقوق الآخرين. تتجسد مأساة التوريث في ذلك الشاب الذي انتحر بعد رفض إلحاقه بالسلك الدبلوماسي كمفوض تجاري رغم اجتيازه جميع الاختبارات علي جميع أقرانه ،ولكن لانه »مش ابن مين في مصر« تم استبعاده واختيار ابن اخت مسئول كبير في نفس الوزارة دافع بكل بجاحة عن قريبه بقوله انه من حقه التقدم للوظيفة.. نعم يا سيدي من حقه ولكن كم كان ترتيبه ومن منهما كان أحق بالوظيفة. وتسأله أيضا كيف وصلت أنت إلي منصبك الرفيع الذي مكّنك من التحكم في عباد الله واختيار هذا ورفض ذاك دون مراعاة للقوانين والعدالة في الاختيار. وإذا جئنا إلي الكليات الجامعية فالحديث عن اختيار اعضاء هيئة التدريس ليس فيه جديد ويكفي دليلا الحكم بحبس وكيل إحدي الكليات لتلاعبه في اوراق الاجابات داخل الكونترول حتي تتاح الفرصة لنجله ليكون معيدا ثم استاذا غير مهيأ للتعامل مع المرضي فعلمه محدود ،وقدراته علي التحصيل والدراسة محدودة أيضا.. لاننكر أن من هؤلاء الابناء من يستحق أن يكون عضوا في هيئة التدريس بالكلية التي يعمل به أبوه أستاذا ولكن أن يصبح كل الابناء خريجي هذه الكلية بل ،اساتذة فيها فاننا نصبح أمام ظاهرة يجب التصدي لها خاصة بعد ثورة 52 يناير التي أحد أهم مبادئها اقرار العدالة والمواطنة بين الجميع. لن نتطرق إلي جهات أخري مثل الشرطة والقضاء لم تنج من هذه الظاهرة واعتقد انه لابد أن تكون لهؤلاء المورثين وقفة مع أنفسهم ولنعد إلي الزمن الذي تم فيه اختيارهم واسس العدالة والاستحقاق التي طبقت عليهم ليطبقوها علي الجميع ثم اختيار الاصلح. وحتي نستطيع القول لقد حرموا علي أنفسهم ما حرمناه علي مبارك. وحتي لا يقال إنني لاأجد إلا الجامعات وكليات الطب نموذجا لهذه الظاهرة فإنني اعترف ايضا أن النماذج صارخة في المجال الاعلامي مرئيا كان أو مقروءا ،ولكن هؤلاء يمكن للقاريء أو المشاهد ان يحيد عنهم بلمسة زر ولكن كيف سيحيد عن أستاذ في الطب يفحصه ويقرر حاجته لجراحة هو في غني عنها أو يحيد عن أستاذ يلقنه العلم في كلية عملية كانت أو نظرية ويخضع لهواه الشخصي عند تصحيح ورقة اجابته أو حتي عند وضع الاسئلة. بالقطع القياس مع الفارق بين رجل كان يريد أن يورث أمة ووطنا لنجله وآخرين يورثون لابنائهم مواقع ومناصب ولكن في النهاية النتيجة منحدر يتجه اليه الوطن ومواطنوه لا يعلم قراره إلا الله وإن لم نلحق أنفسنا فقل علي مصر السلام. وعلي فكرة إذا أردنا معرفة خريطة التوريث في مصر فعلينا بمتابعة جيدة لصفحة الوفيات الأشهر في الاهرام لتعرف كيف تدار مصر أو كما أتمني كيف كانت تدار وكفانا توريثا. [email protected]