قالوا لي: »الوزير گسبان گسبان« فرددت: سيفوز بالكرسي ويخسر نفسه.. وقد كان! أجبروني علي خوض الانتخابات ضد وزير البترول ب »عجلة القيادة البحرية«! في الوقت الذي كانت أية انتخابات يخوضها أي وزير تعتبر نتيجتها (سابقة التجهيز) بالفوز لمعاليه، وقفت الدكتورة منال أبو الحسن مرشحة الاخوان في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أمام وزير البترول سامح فهمي علي مقعد الفئات بدائرة مدينة نصر ومصر الجديدة..المشهد كان لافتا ومثيرا، عندما فوجئ البعض بأن (رجال) جماعة الإخوان يرفعون صورة (سيدة) ويهتفون باسمها، علي عكس (الفزاعة) التي كان يطلقها النظام السابق التي تزعم أن الإسلاميين يحتقرون المرأة ويهمشون دورها..عن أبرز التجاوزات التي شابت تلك المعركة الانتخابية، وأثر التزوير الفاضح الذي جري فيها علي قيام ثورة 25 يناير، فضلا عن كشف النقاب عن كيان (الأخوات) في جماعة الإخوان المسلمين، تدور السطور القادمة مع د. منال أبو الحسن أستاذة الإعلام بجامعة 6 أكتوبر. لماذا خضت انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أمام سامح فهمي وزير البترول الأسبق؟ في البداية، أنا لم أخض انتخابات مجلس الشعب علي مقعد الفئات بدائرة مدينة نصر ومصر الجديدة أمام الوزير الأسبق، بل هو الذي ترشح في الدائرة بعد أن أعلنت عن ترشحي فيها، بعد أن كان عضو مجلس شوري عن إحدي دوائر محافظة السويس، حيث خاض الانتخابات هناك نظراً لتواجد شركات البترول بالمحافظة، إلا أننا فوجئنا به يترشح في مدينة نصر، ومع ذلك صممنا علي استكمال مشوارنا وخضنا معركة انتخابية نزيهة مع طرف لم يراع الشفافية ولا النزاهة. ولماذا لم تترشحي كامرأة علي مقعد الكوتة؟ أولا قرار ترشحي عن جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية يخضع بدرجة أو بأخري لقرار الجماعة، وأنا ملتزمة به، أما عن رأيي الشخصي، فإنني أرفض نظام الكوتة، فتخصيص عدد من المقاعد تتنافس عليها المرشحات فقط دون الرجال يعتبر أحد أشكال التفرقة بين المرشحين، فالمرأة قد تكون أفضل من الرجل في دوائر المنافسة المفتوحة بينهما، وقد يكون العكس، فنظام الكوتة لا يساعد المرأة علي المشاركة والمنافسة السياسية في مناخ طبيعي، وإذا كانوا يقولون أن هذا النظام أحد أشكال (التمييز الإيجابي)، فإنني أراه تمييزا مصطنعا، لذلك كنت سعيدة بإلغائه في التعديلات الأخيرة. ما أبرز التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية من وجهة نظرك؟ تعرض جميع المرشحين لمضايقات عديدة من جانب الحزب الوطني، ولست أنا فقط، وإن كانت معظم المضايقات تنهال عليّ باعتباري مرشحة الإخوان المسلمين، فمنذ تقدمي بأوراق الترشيح قام الموظف بتدوين اسمي في خانة (الكوتة) رغما عني، وعندما قلت له أنني مرشحة علي مقعد الفئات رفض أن يستجيب لي نهائيا رغم محاولات المحامين معه، وكأنه يعرف مصلحتي أكثر مني! وطبعا كان الغرض من هذا (المقلب) أخذ النسخ الأصلية من الأوراق الرسمية المطلوب تقديمها للمرشح، وتفويت الفرصة عليّ لخوض الانتخابات، ومن ثم الدخول في دائرة الطعون القضائية التي لا تنتهي، وتفضي دوما إلي (سيد قراره)، ولكن أعضاء اللجنة القانونية في حملتي الانتخابية كانوا قد تأهبوا لذلك واستخرجوا أوراقا رسمية احتياطيا، وبالفعل تقدمت بأوراقي رغم أنف هذا الموظف.. أما عن التجاوزات التي شابت الحملة الانتخابية، فقد تنوعت ما بين تمزيق اللافتات ومنع المسيرات واعتقال بعض أنصاري، ومنهم طفل في الصف الثالث الإعدادي، حتي أن زوجي اعتقلوه مرتين، وأغلقوا دار النشر التي يمتلكها وحاولوا تهديدنا في أموالنا وأعمالنا، كما قاموا بتغيير رقمي الانتخابي حتي يحدث ارتباك لدي الناخبين، والطريف أنهم أعطوني رمزا انتخابيا غريبا للغاية، فلأول مرة أجد رمزا مكونا من 3 كلمات، فكان رمزي الانتخابي (عجلة القيادة البحرية)! علي العكس تماما، كانت كل التسهيلات بل والتجاوزات مكفولة للوزير سامح فهمي مرشح الحزب الوطني، من خلال الضغوط علي العاملين بشركات البترول في الدائرة، وإجبارهم علي التصويت لوزيرهم، وإجبارهم علي المشاركة في عمليات الدعاية، وتهديد من لا يستجيب منهم بالفصل، كذلك رصدنا خلال يوم الانتخابات عمليات التصويت الجماعي، واستخدام سيارات حكومية في نقل الناخبين ومنع التصوير نهائيا في جميع اللجان الانتخابية بالدائرة للتستر علي التزوير الفاضح بها، عدا التصوير الرسمي في المدرسة التي كان يدلي فيها مبارك بصوته! هل دارت بينك وبين الوزير أية مواجهات مباشرة؟ لم تكن هناك مواجهات مباشرة بيني وبين المهندس سامح فهمي خلال الانتخابات، وإن كان أحد أنصاره بعث برسالة إلي ابني مفادها: "انتم تاعبين نفسكم علي الفاضي.. الوزير كسبان كسبان"، فقمت بالرد عليه من خلال تصحيح مفهوم المكسب والخسارة، فما قيمة أن يكسب الإنسان "كرسي البرلمان" بالتزوير في مقابل أن يخسر نفسه.. وعليه، فلا عجب أن من ارتضي علي نفسه المكسب الحرام في الانتخابات أن يتم التحقيق معه الآن في جرائم الكسب غير المشروع، فالجزاء من جنس العمل! وما الرسالة التي توجهينها لمنافسك السابق سامح فهمي؟ أقول له: "حساباتك كانت غلط.. أنا اللي كسبت وانت خسرت كثيرا". هل ترين أن تزوير انتخابات 2010 كان أحد أسباب اندلاع ثورة 25 يناير؟ بلا أدني شك.. فقد كان التزوير في هذه الانتخابات تحديدا فاضحا وفجا و(غبيا)، ولدينا مقاطع فيديو كاملة لعمليات التزوير وتسويد البطاقات بصورة جماعية، وقمنا ببثها عبر شبكة الانترنت، فقد كان النظام واضحا في خياراته، عندما وضع نفسه في جهة، ووضع الشعب المصري كله بكافة أطيافه السياسية والحزبية وقواه المجتمعية في جهة أخري، لذلك كانت المفاصلة بعد تلك الانتخابات الهزلية بأقل من شهرين. أخيرا.. هل ستخوضين انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟ تم ترشيحي داخليا علي مستوي الجماعة في إطار إعداد مجموعة من الرموز علي مستوي القاهرة لتأهيلهم لانتخابات مجلس الشعب ومجلس الشوري والمجالس المحلية، لكن حتي الآن لم أتخذ قرارا نهائيا بشأن انتخابات مجلس الشعب القادمة. ننتقل للحديث عن وضع الأخوات داخل الإخوان.. ما رأيك في تصريحات صبحي صالح حول أن "الأخ لا يتزوج إلا أخت"؟ بالطبع هو لم يكن يقصد بذلك أية إساءة ل (غير الأخوات)، إنما كان المقصود أن المجتمع الإخواني فريد من نوعه، لا أقول أنه أفضل أو أعلي بل مختلف، ولا يعرفه إلا من عايشه، فالمناهج التربوية المتميزة، والتنشئة علي الفهم الشامل للإسلام التي يتلقاها الفرد المسلم تجعل الأخ أكثر فهما للأخت، والعكس صحيح، وإن كان هذا لا يعني أن الرجل (غير الأخ) مشكوك في صلاحه وإيمانه وتقواه، ولا الفتاة (غير الأخت) متهمة في أخلاقها.. وأرجو أن نفهم أن المقصود بهذه الرؤية أن (صفات) تتزوج (صفات)، وليس (كادر تنظيم) يتزوج (عضوة جماعة). لا تزال (الأخوات) كيانا غامضا عند الكثيرين.. ما تعليقك؟ الأخوات في جماعة الإخوان المسلمين لهن دورهن المشهود علي مدار التاريخ، وقدمن تضحيات كبيرة للدعوة، وأفرزن رموزا سياسية واجتماعية وخيرية، كما أن لهن المنهج التربوي الأخلاقي السلوكي الخاص بدءا من الزهراوات الصغيرات حتي الأخوات، هذه التربية تساعد المرأة علي المساهمة الفعالة في المشاركة الاجتماعية والسياسية دون إغفال دورها الأساسي في تربية الأولاد والاهتمام بأسرتها، فالأخت داخل الجماعة تمارس دورها الدعوي وفقا للفهم الشامل للجماعة. والأخوات لا تعاني مما يعاني منه غيرهن من أشكال القهر والظلم، وليست فئة مستضعفة من الرجال داخل التنظيم، وإن كانت الظروف الأمنية السابقة تحول دون إدماجهن في التنظيم...... أقاطعها: لكن ظهرت بعض الأصوات النسائية داخل الجماعة في الفترة الأخيرة تطالب بتمثيل الأخوات في المناصب القيادية.. حتي مكتب الإرشاد؟ أعتقد أن هذه المطالب مشروعة وإن كانت بدأت تتحقق بالفعل علي مستوي بعض المكاتب الإدارية، كما حدثت أيضا في تشكيل أعضاء الهيئة التأسيسية لحزب (الحرية والعدالة) وكان من ضمن المؤسسين عددا لا بأس به من النساء، فالعمل داخل الجماعة يسير بشكل منظم، ووجود ممثلة للأخوات في مكتب الإرشاد مثلا أؤيده إن كان يشكل إضافة للجماعة والعمل الدعوي والمؤسسي، وإن كان غيابها لا ينتقص من دور الأخوات شيئا، فالعديد من اللقاءات العامة الآن أصبحت مشتركة بين الإخوة والأخوات بما يعني أن العائق أمام حدوث هذا الاندماج في السابق كان الظروف الأمنية الصعبة وليس منهجا في الفصل عند الإخوان. أخيرا.. باعتبارك أستاذة في الإعلام، ما تقييمك للأداء الإعلامي للصحف والفضائيات في الفترة الأخيرة؟ بالطبع هناك أصوات جادة ومحترمة وملتزمة بالمنهج الوطني في التعامل مع المستجدات السياسية في مصر ما بعد الثورة، إلا أن هناك بعض الممارسات الإعلامية السلبية لم تتغير، فمن كان ينافق النظام السابق أصبح ينافق الثورة، كما أن هناك حالة استقطاب عديدة من الاتجاهات الليبرالية والأحزاب السياسية ضد التيار الإسلامي بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص، وظهر ذلك في تحويل قضية الاستفتاء علي التعديلات الدستورية إلي (معركة حربية) في الصحف وبرامج التوك شو، ثم تجددت (الاشتباكات الإعلامية) حول مظاهرات جمعة الغضب الثانية، وأرجو من الإعلام أن يطرح القضايا الوطنية للنقاش وإثراء الحوار وليس للصراعات والخلافات والانقلاب علي الشرعية.