لم تعد جلساتنا الاجتماعية أو في العمل أو حتي عند الطبيب تخلو من الحديث عن الثورة وشبابها.. المليارات والفاسدين.. مبارك وأولاده وأصدقائه.. البلطجية والشرطة.. الأفكار والمقترحات والرؤي والأحلام.. مستقبل مصر وماضيها أيضا.. الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية.. المجلس العسكري والحكومة.. الأسعار والقرارات الاقتصادية وزيادة الحد الأدني للمرتبات. نسي الشعب بعض مشاكله.. نسي رمضان ومسلسلاته »والحمدلله«.. نسي الحديث عن المصايف والرحلات وتكاليفها التي لا تتحملها الطبقة المتوسطة.. حتي امتحانات الثانوية العامة لم تعد تشغل غير الطلبة وأولياء أمورهم فقط، بعدما كانت حديث مصر كلها قبل وبعد الامتحانات بشهر علي الأقل.. ولعل هذا النسيان يعطي للثانوية العامة روحا مختلفة عما كانت تحمله لنا من مخاوف من عفريتها. كل مصري لديه مقترح لعودة الأمن للشارع المصري، والسيطرة علي كم البلطجة الذي ظهر علي السطح بعد ان كان تحت الرماد.. كل لديه أفكار عن كيفية النهوض بالاقتصاد المصري حتي لو لم تكن دراسته متكاملة، إلا أن أحلام المصريين البسيطة وأفكارهم يمكن أن تتحول إلي مشاريع صغيرة، ما تلبث ان تصبح عملاقة. المعلمون والخبراء يحملون أفكارا لتطوير التعليم بدءا من الحضانة حتي المرحلة الثانية، وكلها أفكار لها بريقها، ومنها ما هو حاصل علي رسائل الماجستير والدكتوراه.. فقط تحتاج إلي من يتبناها.. وينفذ. قرارات الحد الأدني للمرتبات، والتي أقرتها الحكومة، علي الرغم من أنها لا ترضي كل الطموحات، إلا أن المصريين وافقوا عليها، علي أمل أن السنوات القادمة ستكون أفضل، وستحمل لمصر كلها خيرا كثيرا مع حكومة يحترمها ويقدرها الجميع. حتي الاعلام المصري الذي لم يتغير كثيرا.. إلا من بعض الوجوه القديمة التي بدأت تظهر علي الشاشة.. واسماء جديدة لبرامج كلها أفكارها قديمة.. حتي نشرة الأخبار مازالت تهتم أولا بأخبار المجلس العسكري ثم الحكومة ثم اجتماعات القوي الوطنية ثم الاخبار الاقتصادية.. ترتيب ممل لا يحمل أي معني إلا أننا في الاعلام المرئي محلك سر. وعن القوي الوطنية والسياسية والأحزاب وشباب الثورة، فمازالوا مختلفين في كل شئ.. كيف نبدأ المرحلة القادمة؟ انتخابات برلمانية ثم رئاسية؟ أم الدستور أولا؟ هل المطلوب دولة رئاسية أم برلمانية؟ مجلس رئاسي يدير أم نبقي علي المجلس العسكري حتي يسلم مصر لأصحابها بعد إجراء انتخابات برلمانية حقيقية ومحترمة ورئيس دولة مدني كما وعد المجلس؟ الاجابة لم تحدد بعد. الأفكار كثيرة.. بعضها مدروس ويحتاج دراسة والبدء في التنفيذ، وبعضها مجرد أفكار لكنها تستحق الدراسة. أما الاختلاف الذي لم يحسم بعد، والأيام والشهور تجري هو نتائج الحوارات الوطنية التي دائما ما تشهد خلافات في كل شئ.. أما المصريون فانهم يريدون الوصول إلي حلول يتوافق عليها الجميع، وهو أمر ليس مستحيلا.