لا احد يختلف في الماضي والحاضر والمستقبل علي أن القضاء المصري الشامخ رغم كل محاولات التشويه الظالمة كان وسيبقي حصن الامان لكل المصريين بلا استثناء. استطاع هذا الصرح التاريخي لحماية العدالة والحقوق ان يصمد امام الضغوط والاعاصير مستمرا في مسيرته لاداء واجباته بما يرضي الله والضمير تحكمه القوانين دون تفرقة. وكما هو معروف فإن القضاء الطاهر يعد الركيزة الاولي لضبط الحقوق والواجبات في اي مجتمع يسعي للنهضة والتقدم. انه الوسيلة الحضارية الانسانية التي تضبط ايقاع الحياة في مواجهة الانحراف والاجرام وارتكاب المعاصي وكل الاعمال غير المشروعة التي تؤدي الي افساد المعاملات والعلاقات بين البشر وتشويه السلوكيات. بالطبع فانه لا يمكن بناء اي نظام سياسي واقتصادي واجتماعي دون وجود هذا القضاء العادل الملتزم بكل القيم الراسخة. من ناحية اخري فان استقرار المجتمعات وضمان تقدمها في كل الاوقات لا يمكن ان يتحقق دون توافر الثقة والهيبة والاحترام والحماية والحصانة لهذا القضاء وترسيخ هذا الهدف يتطلب ان تلتزم بمبادئه كل اجهزة الدولة واطياف المجتمع بما في ذلك الاسرة القضائية. إن هذه الركائز تدخل ضمن المقومات الاساسية لقيام اي دولة حريصة علي كيانها وتسعي الي ان تكون افاق المستقبل الآمن مفتوحة امام ابنائها علي اختلاف اجيالهم. لابد ان نؤمن بأهمية تقوية مؤسسة القضاء وضمان استقلالها وحريتها وعدم الوقوع تحت اي تأثيرات او محاولات للتسلط . ان الانحراف بالدور المنوط بالقضاء هو كارثة بكل المقاييس سوف يتحمل الجميع ودون اي استثناء وزرها وتداعياتها. وليس جديدا القول بان اهداف ثورة 52 يناير منذ البداية تركزت علي التغيير والاصلاح والمساواة وتحقيق العدالة ومكافحة الفساد بكل انواعه. السؤال الذي يطرح نفسه وبعد ان تمكنت هذه الثورة من اسقاط النظام الحاكم وليس الدولة هو من الذي يحكم بالعدل والقسطاس ويقرر ويقيّم ويتولي الحساب علي أي خروج عن متطلبات العدالة. من الطبيعي ووفقا لشرع الله والقيم الانسانية والقانون ومباديء العدالة ان القضاء والقضاء وحده هو الجهة التي عليها ان تتحمل هذه المسئولية وهي قادرة علي القيام بهذه المهمة بكل جدارة واقتدار. ان غير ذلك يعني الفوضي والتسيب والانفلات وتحول الساحة المجتمعية في هذا الوطن الي غابة تسود فيها الغوغائية التي لا عائد من ورائها سوي التدمير والضياع للجميع. اذن فان العدالة والعدالة وحدها هي الطريق الوحيد لاستيفاء حق المجتمع عن كل الممارسات التي قد تكون قد الحقت الاضرار بالدولة او بالافراد والمجتمع. لابد ان يعمل الجميع من اجل قيام القضاء بهذه المهمة التي من المؤكد اننا جميعا نتطلع إلي اتمامها علي اكمل وجه وبما يرضي الله دون سقوط في هوة الظلم . ان احقاق الحق والعدالة يحتم ممارسة القضاء لمسئولياته في أمن وهدوء ودون اي ضغوط حتي يتحقق التوازن في المجتمع. ان الشارع والغضب والاحساس بالظلم ليست ابدا ادوات لتحقيق العدالة التي يرجوها كل واحد منا لنفسه ولغيره. يجب عند الحساب توافر الحق البين المدعم بالقرائن القانونية وليس بالمشاعر حتي لو كانت صادقة. ان التمسك بالقانون والعدالة حكما هو لصالح اي فرد في المجتمع لمواجهة حقوق الماضي والحاضر والمستقبل. اننا اذا فرطنا في ذلك سوف ينطبق علينا المثل الذي يقول »وعلينا سوف تدور الدوائر«.. أي انه من الممكن ان ما نمارسه اليوم من خروج عن القانون يمكن ان يعرضنا نحن لويلاته غدا. إذن فإنه من الواجب ان تكون هناك مباديء وقواعد تضع في الاعتبار ان الاخطاء التي نطالب بمحاسبة مرتكبيها عليها سواء كانت ظلما او خروجا علي القانون لا يجب السماح تحت اي ظروف بالوقوع فيها. ان التطلع الي المستقبل وعبور الازمة التي نعيشها تلزمنا بان نرفع راية العدالة والقانون حتي نضمن مباركة الله لخطواتنا في خدمة الطموحات والآمال.