رغم الآمال الكبيرة التي طغت علي احتفالية افتتاح رئيس مالي إبراهيم أبوبكر كيتا مقر قيادة قوة مجموعة دول الساحل لمكافحة الإرهابيين في 9 سبتمبر الجاري، إلا ان القوة الجديدة التي تضم جنودا من ماليوالنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا مازالت تحيطها المشكلات، قبل أيام من الموعد المحدد لبدء أول عملية عسكرية لتلك القوة في المنطقة الحدودية بين ماليوالنيجر وبوركينا فاسو. أزمة التمويل العائق الأبرز أمام جهود تفعيل القوة المشتركة التي تضم 5 آلاف جندي، حيث لم تحصل سوي علي 108 ملايين يورو من أصل 450 مليون يورو مطلوبة لتمويل عملياتها، هي 50 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي و10 ملايين مساهمة كل دولة من دول المجموعة و8 ملايين يورو من فرنسا، وفي محاولة لحشد الدعم اللازم للقوة الجديدة التقي قادة مجموعة دول الساحل الخمس علي هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحضور الاجتماع الامين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس، ومسؤولة الشؤون الخارجية بالإتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني. ورغم المشكلات مازالت الدول الخمس تجري استعداداتها لافتتاح قيادات فرعية إحداها خاصة بالمنطقة الغربية ويقع مقرها في امبيكيتال قرب مدية النعمة الموريتانية، والثانية خاصة بالمنطقة الوسطي وتقع في مدينة انيامي في النيجر، والثالثة خاصة بالمنطقة الشرقية وتقع ببلدة وور في صحراء تبيستي التشادية، كما شكلت الألوية السبعة المؤسسة لهذه القوة التي يقودها الجنرال المالي ديدييه داكو، فيما ينتظر وصول الخمسة آلاف جندي وضابط المكونة لها. وتعول دول الساحل وخاصة مالي، علي القوة المشتركة في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي تهدد عموم منطقة الساحل بالعمليات الإرهابية وبتهريب الأسلحة والمخدرات وتعتبر هذه القوة المشتركة سلاحا جديدا في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي فشلت القوات الأممية والقوات الفرنسية في هزيمتها، وتكتسب هذه الخطوة أهميتها من توقيتها الذي يتزامن مع تزايد احتمالات انتقال بعض العناصر الإرهابية إلي تلك المنطقة بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها تنظيم »داعش» في كل من العراق وسوريا ولحل مشكلة التمويل اقترح مؤتمر عقد في بوركينا فاسو وضع خطة مارشال، أو برنامج مخصص للديون يتيح للدول التزود بالتجهيزات المناسبة لمواجهة التحديات الأمنية. وبعيدا عن أزمة التمويل تواجه القوة المشتركة العديد من التحديات أهمها تشكيل التنظيمات الإرهابية تحالفات فيما بينها ما مكّن تلك التنظيمات من رفع مستوي التنسيق فيما بينها، بشكل سمح لها بتصعيد حدة عملياتها الإرهابية في نطاق جغرافي أوسع. كما أن من التحديات التي ستواجهها القوة المشتركة حرص التنظيمات الإرهابية علي تكوين شبكة تحالفات مع مجموعات قبلية وعرقية في المنطقة، خاصة تلك التي تتبني توجهات جهادية تسعي من خلالها إلي تحقيق أهداف سياسية ما يساعدها علي ضم عناصر جديدة إليها وتوفير ملاذات آمنة تستطيع من خلالها التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية والتعامل مع أية أزمات طارئة، بالإضافة إلي ظهور تنظيمات محلية أعلنت تبعيتها لتنظيم القاعدة، واتجاه بعض التنظيمات إلي تكوين مجموعات إرهابية صغيرة تستخدم في الغالب أسلحة خفيفة، وهو ما مكّن هذه المجموعات من التحرك والتنقل بين المناطق المختلفة كما أن بعض عناصر تلك التنظيمات تمتلك خبرة في استخدام الممرات والطرق الجبلية في تلك المنطقة. وتعد الحدود الهشة بين دول تلك المنطقة أحد الأسباب التي دفعت تلك التنظيمات إلي محاولة التمدد داخلها، حيث إنها تستغل اتساع مساحة هذه الحدود وعدم القدرة علي ضبطها ومراقبتها بشكل كامل من أجل تنفيذ عملياتها الإرهابية.وفي ظل الدعم الكبير الذي تقدمه باريس للقوة المشتركة الجديدة، في ظل نشرها نحو 4 آلاف جندي في مالي، يعتقد أن تكون القوة المشتركة خطوة أولي لاستراتيجية تؤدي إلي انسحاب القوات الفرنسية علي الرغم من نفي ماكرون وجود خطط لسحب قواته.