سبقت إحداهما الأخري تحمل طستا تملؤه الفطائر المتراصة طبقات بعضها فوق بعض برائحة شهية أعارت عربة المترو رائحتها لتزكم الأنوف وتسيل اللعاب. كخاطبة تسرد محاسن عروس راحت في حماس تدلل علي ما صنعته يداها لكن ما لبث هذا الحماس يفتر وجذوة النشاط تنطفئ رويدا رويدا فالدقائق تمر الواحدة تلو الأخري وما من أحد حاول أن يستدعيها ليقطف ثمرة تعبها واستيقاظها فجرا وتكبدها عناء السفر ويبدلها بما تستحقه ويشتري منها. من إحدي المحطات دخلت الأخري تحمل علي كتفها طفلا في كامل هندامه مع أداء تمثيلي بائس لا ينم عن أي موهبة أو اتقان الدور تقطب جبينها حد اعتصار العين مع ضبط موجات الحشرجة الصوتية لتخرج أشبه بالبكاء تسير في انكسار تستدر الجيوب قبل القلوب فتهافتت عليها الأيادي اليمني من كل حدب وصوب حتي من لم تسعفه محفظته بأقل القليل لم تنج من وخزات الضمير ولا من هاجس داخلي يتوعده بسوء الحساب علي ارتكابه جرم ضياع الثواب. لم يصرفني شيء عن الانشغال بصاحبة الفطائر الطاعنة في السن وهي ترقب المشهد بنظرة هازئة متهكمة تواري وراءها مر شعورها بضياع التعب. المرأتان -وإن كنت لا أتجاهل مخالفتهما- ومن امتلكن ناصية الجزاء نموذج عفوي أراه ينسحب علي واقع حي -قل أو كثر- لم يدع وزارة ولم يعف هيئة ولم يترك شركة أو مؤسسة يرسخ لقاعدة تحيل الباطل حقا بجعل الصنارة الفارغة لمن يجتهد ويعمل والسمكة في النهاية لمن لا يعمل أو من كان له من الحظوة نصيب. وهي بلا افتئات تضرب بمبدأ تكافؤ الفرص عرض الحائط وتستوجب إدراكا من كل مسئول بخطورة تأثير انتشارها في مجتمعنا خاصة بين الشباب.. فهل من مدكر؟