وسط ترقب محلي ودولي.. تنطلق الجمعة القادم الدورة الأولي لمهرجان الجونة السينمائي الذي يسعي منذ اللحظة الأولي لولادته أن ينافس الكبار باحتراف، صاحب خبر انطلاق المهرجان الطموح ضجة إعلامية كبيرة، وأقاويل كثيرة، وأرقام ضخمة، وشائعات وفتاوي لا حصر لها، وضعته تحت المجهر وسلطت الضوء عليه، في انتظار ما ستكون عليه نسخته الأولي وما يحققه من إنجاز يبدو حتي الآن غير مسبوق في مصر. انتشال التميمي مديرا للمهرجان.. المبرمج السينمائي صاحب التاريخ الطويل في تنظيم وإدارة عدد من المهرجانات العربية والدولية الناجحة.... أول القرارات بعد فكرة إقامة مهرجان الجونة، وأهم القرارات برأيي، ليبتعد المهرجان الطموح عن الشللية وحسابات المصالح الخاصة المسيطرة علي الفكر المصري الآن التي تبدو السبب الأول والأكبر لفشل أي مشروع، كان أحد العناصر التي أثارت جدلا، لكونه ليس مصريا، لكنه بعيد عن التعصب مدير محترف، متخصص في البرمجة السينمائية وهو ما نفتقده حقيقة بلا جدال أو عناد. عن الدورة الأولي التي بدأ العد التنازلي لها، المختلفة شكلا وموضوعا، وعن البرنامج الطموح الذي يراهن عليه ليبقي سر تميزه، وعن الميزانية الوهمية، وأسرار ومفاجآت عديدة تحدث انتشال التميمي مدير الجونة للأخبار. كنت مصورا فوتوغرافيا محترفا ثم ناقدا سينمائيا، فلماذا هجرت ذاك وتلك لتصبح مبرمجا سينمائيا الآن ؟ - درست في موسكو وحصلت علي ماجيستير في التصوير الفوتوغرافي الذي أعشقه، لسنوات طويلة ارتبطت بمهرجانات عديدة، ساعدني ذلك في التوثيق لأكثر من أربعمائة شخصية عربية من كبار الأدباء والمثقفين والسينمائيين، أصبح لدي كنز ثمين، لكني انشغلت بمجالي النشر والسينما، وتخصصت في البرمجة السينمائية التي تستحوذ علي كل وقتي الآن علي أمل أن أعود مستقبلا لمهنتي الأساسية. البرمجة السينمائية، تخصص غائب أو غير واضح المعالم في مصر، كيف تبسطه لنا؟ - مادام هناك قاعات سينما، مهرجانات، برامج، فلابد من مبرمج سينمائي ليختار الأفلام ويصنفها وينظم عرضها، مصطلح عالمي لدور أصبح مهم جدا في العالم كله في المهرجانات وخارجها أيضا، لكن في العالم العربي وليس مصر تحديدا المهرجانات تقيمها الدولة وبالتالي يديرها من تعينه وتختاره وبيده كل شيء حتي لو كان غير متخصص، لكن في الجونة لدينا فريق محترف من المبرمجين المصريين منهم المخرج أمير رمسيس، ومعنا أيضا مبرمجون دوليون، جميعنا يعمل بروح الفريق لنخرج بنتيجة ترضي ذوق الجميع، أنا المدير لكن كلنا كيان واحد وليس لدينا قرارات فوقية، بهذا الفكر وصلنا لبرنامج ناضج لم تصل إليه مهرجانات سبقتنا بسنوات طويلة، ويكفينا فخرا أن 70٪ من البرنامج تنتمي لآخر شهرين قبل انطلاق المهرجان. ما معني تنتمي لآخر شهرين قبل المهرجان ؟ - أقصد أن معظم تلك الأفلام لم تعرض إلا في مهرجانات أقيمت خلال الشهرين الماضيين، وعدد كبير منها عرض عالمي أول للجونة مثل »فوتو كوبي»، و »الفيلم رقم 1001 في حياة أقدم كومبارس في العالم»، ومن الأفلام القصيرة »ندي» »مهرجاني»، و»داخل غرفة الملابس» و»قانون نيوتن» ومن الوثائقي فيلم الختام »تدفق انساني» وهو فيلم مهم جدا، و»سفرة» لتوماس مورجان.. اعتقد أن أكثر ما يميز برنامجنا أن أفلامه حديثة، أول عرض لها لا يتجاوز أياما قبل انطلاق الجونة، » قادما من » فينيسيا» و» تورونتو».. » الشيخ جاكسون » فيلم الافتتاح قادم من تورونتو، » تنفس » البريطاني عرض في المهرجانين وسيفتتح مهرجان لندن الشهر القادم.. و» زاما »الأسباني، و» القضية 23 » اللبناني الفائز بأفضل ممثل في فينيسيا منذ أيام، و» موسيقي الصمت »لمايكل ردفورد، حتي أفلامنا الكلاسيكية نعرض نسخا حديثة » باب الحديد » ليوسف شاهين، وهائمون » لناصر نعرض نسخته المرممة حديثا كأول عرض عربي بعد فينيسيا.. عندما راجعت البرنامج وجدت أقوي الأفلام وأحدثها، توقفت عند تلك الحقيقة،و هو إنجاز كبير لمهرجان وليد، ومازال لدينا مفاجآت في البرنامج. أنجيلينا وفيندر مفاجأة المهرجان و ما المفاجآت، هل ممكن أن تختص الأخبار بمفاجآت البرنامج ؟ - هناك أفلام جديدة رائعة اقتنصناها، انضم للمسابقة فيلمان متميزان هما » أولا قتلوا والدي » للنجمة العالمية أنجيلينا جولي والقادم توه من » تورونتو » الذي اختتم أول أمس، و» غرق » للمخرج الألماني الكبير فيم فيندرز وهو فيلم افتتاح مهرجان سان سباستيان الذي ينطلق معنا في نفس اليوم. أكاذيب مضللة هل كان التمويل السخي هو سر فوزكم كمهرجان وليد بأحدث الأفلام وأفضلها ؟ - لا طبعا، ولعلمك لم ندفع في الأفلام أكثر مما يدفع مهرجان آخر، كمهرجان القاهرة أو غيره، كثير من الأفلام حصلنا عليها مجانا، والأخري دفعنا للحصول عليها ما يتراوح بين 200 إلي 1400 دولار وهي أرقام عادية، الفكرة التي يروجها البعض أن الجونة مهرجان غني خاطئة، فميزانية المهرجان متواضعة لا تصل إلي ثلث مهرجانات عربية أخري. قيل أن ميزانية المهرجان أربعة ملايين يورو ؟ - غير صحيح علي الإطلاق، بل هو رقم مضحك جدا، نحن نعمل بميزانية وأجور متواضعة فعلا، وليس لأن ممول المهرجان رجل أعمال مصري، نشطح بخيالنا لهذا الحد ! وما الميزانية الحقيقية للمهرجان إذن؟ - ليس لدينا ميزانية محددة، نعمل وفق ميزانية مبدأية، سنعلنها بعدما ننتهي من الدورة، لكن بالتأكيد كما قلت لن تصل لثلث ميزانية مهرجانات عربية في المنطقة. افتتاح مبهر في »المارينا» بخبرتك الطويلة في هذا المجال، ما هي خارطة الطريق لإقامة مهرجان ناجح؟ - الإدارة المحترفة، البرنامج القوي وقاعات عرض مجهزة بشكل جيد وهو ما أعددناه جيدا في الجونة، فقد جهزنا قاعات العرض بأعلي تقنية في العالم من حيث الصورة والصوت، فالابهار لن يقتصر علي نوعية الأفلام ولكن في طريقة عرضها أيضا، الافتتاح سيكون في قاعة المارينا التي تتسع لألف متفرج جهزت بشاشة عملاقة 16 مترا وجهازي عرض من أفضل الشركات العالمية، وتعاون معنا خبراء عظماء لتشغيل تلك الأجهزة، في الواقع أعتبر أن أحد إنجازات مهرجان الجونة هو افتتاح مجمع » سي سينما »، ليصبح لدينا خمس قاعات جديدة مجهزة حديثا بأعلي مستوي تقني وهي بداية رائعة لمهرجان جديد. نحن في الجونة حرصنا علي تنفيذ خارطة الطريق للنجاح ، البرمجة، العروض، التنظيم، السجادة الحمراء، التكريمات، اتفاقات عديدة مع مهرجانات، علاقات دولية واسعة، وتدفق الناس، كل شيء معد مثل أي مهرجان في العالم. تدفق الناس معضلة كبيرة لأي مهرجان خارج القاهرة، فماذا أعددتم لجذب الجمهور ؟ - لا أتوقع مشكلة مع الجمهور، فصيغة المهرجان نفسه تتجاوز تلك المعضلة، عندما تأتين بالأقوي والأحدث في الافلام وتنظيمين عرضها بشكل احترافي وتوفرين معلومات عن الافلام ودعاية جيدة لها وتحترمين مواعيد العروض لتحترمي الجمهور تأكدي من حضوره وأنا أعتبر هذا الإمتحان القادم وظني أنني سأنجح فيه. هل تلقي المهرجان دعما ماديا من الدولة ممثلة في أي من وزاراتها او أجهزتها؟! - لا لم نحصل علي أي دعم مادي من أي جهة بالدولة، ولكن كان هناك دعم معنوي هائل من جهات وشخصيات حكومية في مقدمتها الرقابة علي المصنفات الفنية برئاسة خالد عبد الجليل والتي تعاونت معنا وسهلت الكثير من المعوقات، وكذلك محافظة البحر الأحمر وجهات أخري تعاونت معنا جيدا وهذا دعم معنوي له تقديره. في النهاية هل تجد المنافسة بين الجونة والمهرجانات المصرية الأخري عادلة؟ كل مهرجان له ظروفه وإمكاناته وعوامل الجذب الخاصة به، مهرجان القاهرة مثلا له اسم وتاريخ ولذلك تمكن من استقطاب فيلم » جبال بيننا » للافتتاح فذهب إليه ولم يأتِ للجونة، المهرجانات الأخري تحصل علي دعم حكومي لا نحصل عليه وتعرض افلامها في قاعات العرض منها دار الأوبرا مثلا، كل له ما يميزه، وفي النهاية علي الجميع أن يفخر أن لبلده الآن مهرجانين كبيرين بدلا من واحد وهو ما يستحقه هذا البلد الذي شهدت به طاقات وخبرات عملاقة.