ترجع عظمة شكسبير لاعتماده علي احداث تاريخية استلهم شخوصها واشتغل عليها دراميا ليعري في مسرحياته كل النوازع البشرية،فقدم لنا ما يدور في بلاط الملوك والأمراء، ودهاليز القصر، ما يدورمن صراعات تراجيدية مغموسة بالدم والخيانة والانتقام ! وقد شاهدت الكثير من المسرحيات التي تستند لأحداث تاريخية مكتوبة بسطحية، ومنها العروض التي تتناول داعش وظواهر الارهاب والتطرف بسطحية لا تتناسب مع خطورة تلك الظواهر، لفقر في المرجعية التاريخية لكتاب المسرح وعدم تعمقهم في جذور المشكلة، وغيابهم عن الدراسات المتعمقة التي تشرح وتوضح وتفسر جذور تلك الدموية وكيف نبعت وتطورت وتصاعدت حتي أصبحت عقيدة مغلوطة لا تمت للدين بصلة إنما هي صراع محدد علي السلطة وفق أوهام استعادة دولة الخلافة من جديد. لهذا أشير علي كتاب الدراما عامة والمسرح بالخصوص كتاب » دماء علي جدار السلطة » للمفكر والمثقف الكبير رجائي عطية، الصادر حديثا عن مكتبة الشروق في 416 صفحة، ويتناول فيه بأسلوبه السهل الممتنع والتوثيق المحقق محطات كثيرة بشأن جذور الصراع علي السلطة بالدم في مراحل كثيرة من تاريخ الحكم العربي علي مدي 14 قرنا، مستعرضا زمنا قتل فيه الابن أباه والأخ أخاه، والأب ابنه، عشقا للسلطة، والكتاب يناقش ما نعانيه من نتاج زمن الولاة، وصراعات الخلفاء وكيف مهد ذلك الطريق لظهور » داعش »، وكيف بدأ شلال الدم في تاريخ أبناء دين يجرم إزهاق الأرواح ويقدس النفس البشرية، الكتاب يكشف عما نعانيه اليوم من أمراض فكرية وصراعات وتطرف دموي، منجم ثري لكتاب المسرح.