النداء والنهضة خطان متوازيان لا يلتقيان إلا بإذن الله.. وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله ∩ هكذا رد الرئيس التونسي القائد السبسي خلال حملته الانتخابية للرئاسة منذ ثلاث سنوات علي سؤال ∩ ماذا لو وضعتكم الانتخابات أمام التحالف مع النهضة الاخواني ؟.. ولم تتأخر الإجابة الفعلية أكثر من شهر من تاريخ فوزه برئاسة البلاد وأعلن حزب نداء تونس رسميا عن تحالفه مع حركة النهضة لتشكيل حكومة توافقية يقودها الحبيب الصيد بعد أن نجح ∩نداء تونس∪ في الانتخابات بناء علي حملة تخوين النهضة. تحالف ∩النهضة∪ و∩نداء تونس∪ الذي أسسه السبسي، كان إجبارا للطرفين ولم يكن اختيارا كان تحالف مصالح ولم يقم علي توافق مبادئ او أفكار نظرا لأن انسحاب الإخوان من التحالف الحاكم يسقط حكومة السبسي خاصة في ظل ضعف الأحزاب الصغيرة ذات المقاعد القليلة في البرلمان حيث تستحوذ حركة نداء تونس علي 58 مقعدا برلمانيا، والنهضة 69 مقعدا وآفاق تونس 10 مقاعد، والحزب الجمهوري مقعد واحد وحزب المسار بلا مقاعد برلمانية، لكن علي الرغم من الخلافات الإيديولوجية بين الطرفين وتعارض التوجهات والمبادئ لدي كل منهما فالنهضة ذات مرجعية دينية، في حين ∩نداء تونس∪ ذو مرجعية علمانية مدنية إلا أن المصالح جمعتهما. ولكن اعتراف الرئيس السبسي مؤخرا بخطئه بعد ثلاث سنوات في إشراك ∩النهضة∪ في الحكومة، يحمل في طياته الكثير من الاحتمالات خاصة أن تصريحات الرئيس التونسي تأتي قبل شهور قليلة علي الانتخابات المحلية ∩البلدية∪ وهي الأولي منذ 2011 وتنتظرها النهضة لتوسيع قاعدتها بالشارع السياسي التونسي، بعد إجراءاتها الأخيرة من التبرؤ من التنظيم الدولي للإخوان وفي ظل تخوف باقي الأحزاب من سيطرة النهضة علي مفاصل الدولة التونسية استغلالا لضعف إمكانيات الأحزاب المنافسة حاولت بشتي الطرق بتأجيل الانتخابات إلا انها واجهت استماتة من النهضة لإجرائها في موعدها. ويبدو أن السبسي أراد بتصريحاته أن يقطع الطريق علي تحالفات النهضة التي تسعي لجذب المستقلين الذين تحاول استقطابهم لخوض الانتخابات المحلية من خلالهم بعد تأكيدها علي أنها تبرأت من التنظيم الدولي للاخوان وأنها حركة مدنية إسلامية، قادرة علي فصل العمل الدعوي عن السياسي، وأراد السبسي أن يستهدف من تصريحه كسب تعاطف الرافضين للتحالف القائم بينه وبين النهضة، ولكنه قد لا يعكس نية فض التحالف القائم، خاصة بعد التعديل الوزاري الأخير الذي أعلن عنه بعد هذه التصريحات والذي حافظ علي العلاقة بين الحزبين. علاقة نداء تونس والنهضة قائمة حتي الآن إلا أن مؤشرات انتهاء تلك العلاقة بدأت تتراكم خاصة في ظل الخلافات الإيديولوجية التي تظهر من حين لآخر مثل مبادرة الرئيس التونسي للمساواة في الميراث بين الرجال والنساء وهي الدعوة التي رفضتها النهضة بالإضافة إلي إلغاء المرسوم المتعلق بزواج التونسيات من غير المسلم.. حتي التعديل الوزاري الاخير الذي شهد خلافات بسبب بعض الحقائق الوزارية أبرزها تمسك النهضة بعدم تغيير وزير الداخلية الهادي مجدوب، بالإضافة إلي خلافات حول التوصل إلي الشخصيات المرشحة لعضوية لجنة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للإشراف علي الانتخابات البلدية المقبلة كلها مؤشرات علي انتهاء تلك العلاقة آجلا أم عاجلا. ضعف الأحزاب التونسية المتواجدة علي الساحة دفع الرئيس التونسي للتحالف مع الاخوان ضمانا لاستقرار الوضع السياسي بعد انتخابه علي الرغم من استمرار نوايا كل منهما للآخر.. بينما النهضة وجدت في التحالف الشرعية التي يحتمون بها في ظل الرفض الدولي لكل من له علاقة بتنظيم الإخوان علي المستوي العربي خاصة والمجتمع الدولي بشكل عام، ولكن تبقي المصالح المشتركة بينهما هي الهدف من وراء التحالف المؤقت.