بدء محاكمة رموز النظام السابق..هروب عدد من المساجين من قسم الحجز ببعض أقسام الشرطة..اعتداءات لبعض البلطجية علي مستشفيات حكومية. تراجع في احتياطي مصر من العملات الأجنبية..اضرابات فئوية في أكثر من محافظة..صدور قرارات جهاز الكسب غير المشروع بالتحفظ علي أموال مسئولين سابقين..الفراغ الأمني لايزال موجودا..د.عصام شرف يجتمع ببعض المحتجين علي رصيف مجلس الوزراء..شرف يتناول الطعام مع اسرته في مطعم شعبي..شرف يوقف سيارات موكبه لاسعاف مصاب..وزير الداخلية يعد بعودة الشرطة الي الشارع..استمرار اضرابات العاملين بماسبيرو..مبارك يطلب من المصريين العفو عنه وأسرته ومليونية ترفض العفو..ومليونيات كل جمعة في ميدان التحرير.. العناوين السابقة هي مجرد عينة علي سبيل المثال -لا الحصر طبعا- لوصف حال مصر خلال الشهور الثلاثة الماضية..وعودة سريعة الي ماتنشره الصحف خلال تلك الفترة ستكتشف أن (اللي نبات فيه نصبح فيه)..فلا خطوة الي الأمام أبدا وأصبحنا محلك سر..نعرف بطبيعة الحال أن الثورات عندما تندلع فإنها تهدم نظاما مستقرا بأكمله كي تؤسس لنظام جديد ونعرف أيضا أن عملية الاحلال والتجديد لتلك النظم السياسية للحكم يستغرق وقتا طال أو قصر وأن تلك المدة تختلف من بلد لآخر وفق عوامل كثيرة..ربما سنوات قليلة وربما عشرات السنين مثل الثورة الفرنسية..لكن في كل البلاد التي قامت فيها ثورات كانت هناك ملامح لطريق المستقبل..أي ضرورة وجود بوصلة تحدد للناس الي أين هم ذاهبون..بينما الملاحظة الرئيسية علي الحالة الآن في مصر إنها سائلة جدا ويمكن وصفها بالخلطبيطة فلا توجد رؤية واضحة..وفيما يلي بعض الأمثلة التي تؤكد المعني السابق: 1- حكومة شرف:نريد أن نعرف من حكومتنا الحالية ماهي السياسة الاقتصادية لتلك الحكومة وماهي توجهاتها ومن هم وزراء المجموعة الاقتصادية فيها ان وجدوا..ولماذا مثلا لم نر رئيس الوزراء يعقد اجتماعا واحدا مع مايسمي وزراء المجموعة الاقتصادية كي يحددوا لنا خطتهم في الشهور القادمة تجاه تراجع احتياطي البنك المركزي من العملة الاجنبية..ثم ماذا سيفعلون مع السلع الغذائية الاستراتيجية التي تشهد بورصاتها العالمية تقلبات في أسعارها..ثم ماهي خطة تلك الحكومة لعودة الأمن وبدء دوران عجلة الإنتاج.أين الخطط والبرامج لكل ماسبق.. ولماذا نشعر أن كل وزير في حكومة شرف (شغال لوحده) دون تنسيق مع بقية زملائه. 2- سياسة مصر الخارجية:اذا كانت حكومة شرف مؤقتة وهي موجودة لتصريف الأعمال..واذا كان المجلس الأعلي قد أعلن أنه يدير البلاد ولايحكمها وأنه سيرحل فور انتخاب رئيس جمهورية جديد في يناير القادم..واذا كان ذلك كذلك..فلماذا يجري رسم ملامح حادة لسياستنا الخارجية منذ الآن مثل التقارب مع ايران وفتح حوار مع حزب الله (ليس لدي اعتراض علي ذلك التوجه) لكن اذا كانت السلطة الحالية مؤقتة فلماذا لاتدع تحديد تلك السياسات الي السلطة القادمة وتتفرغ لشئوننا الداخلية التي تحتاج منا الكثير. 3- هناك اسئلة تبحث عن اجابات وتأخير الاجابة يزيد من حالة التوهان والسيولة التي نعيشها ومن هذه الأسئلة:لماذا لايتم حل مشكلة الفراغ الامني بأقصي سرعة ومن هم المستفيدون من استمرار حالة الفراغ الأمني هكذا..ماسبب الهوادة واللين من الحكومة والمجلس الأعلي مع ازدياد حالات البلطجة..ولماذا لايتم الضرب بيد من حديد علي كل من يهدد الوحدة الوطنية..ولماذا هبط علينا قانون مباشرة الحقوق السياسية دون طرحه للنقاش مثلما كان يفعل النظام السابق..ماهو موعد اجراء الانتخابات الرئاسية..وهل سيكون نظام الحكم رئاسيا أم برلمانيا أم مزيجا من النظامين..لماذا لايتم اقالة كل وزير ثبت فشله وخطأ في اختياره بل لماذا لايتم اقالة رئيس الحكومة نفسه بعد غياب رؤيته ومعه أعضاء حكومته لاجتياز حالة اللاسلم واللا حرب التي نعيشها..من الذي يسرب بالونات الاختبار للمصريين كل فترة لجس نبضهم مثل بالونة العفو عن الرئيس السابق وأسرته مما يشغل ذهن الناس ويصرفهم عن الأهم في حياتهم الآن..لماذا التباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق..أموالنا المنهوبة التي سرقها رجال الحكم السابق وهربوها الي الخارج ..ماهي خطة الحكومة لاستعادتها؟. الأسئلة السابقة وكذلك بقاء الأمور معلقة مع استمرار سياسة نصف الطريق هي التي تؤدي بنا للحالة التي تعيشها مصر حاليا..وتزيد من احساسنا جميعا بحالة التيه والسبب غياب الرؤية..لدينا هنا احتمالان لتأخر الإجابة عن الأسئلة السابقة وعدم حسم ملفات كثيرة معلقة..الإحتمال الأول: أن من بيدهم الأمر لايريدون الإجابة الآن ويفضلون مسك العصا من منتصفها وبقاء أمور كثيرة هكذا دون حسم لأسباب لانعلمها وعلمها عند ربي وعندهم..والاحتمال الثاني:أنهم لايمتلكون بوصلة تحديد الطريق وأنهم يبحثون عنها مثلنا تماما..وتلك مشكلة كبيرة إذا صح هذا الاحتمال. في كل الأحوال لانزال نعيش في حالة من السيولة غير المسبوقة وغياب خريطة طريق تشرح لنا وتوضح للجميع أهداف المرحلة الانتقالية وخطواتها خطوة خطوة سوف يزيد المشكلة تعقيدا وسوف تزداد حالة الفوضي في البلاد بدرجة أكبر كما أن التظاهرات سوف تستمر ومليونيات التحرير ستتواصل..طالما بقيت الأحوال علي ماهي عليه.