الاحكام الشرعية والاسلامية لها طرق ورود، ولها طرق دلالة، ومنها ما هو قطعي، ومنها ما هو ظني، والقطعي وروداً ودلالة كآيات في القرآن الكريم، وأحاديث متواترة، لا تقبل الالغاء بدعوي نسخ أو اجتهاد، ويعبر عن ذلك بالمعلوم من الدين بالضرورة، والثوابت، والاصول، وهي مسلمات شرعية لا تقل قوة عن مسلمات عقلية، فهي هكذا في شتي الأزمنة وسائر الامكنة. ومن الامور القطعية وروداً ودلالة مسائل تتعلق بالاحوال الشخصية »فقه الاسرة، والمواريث». أوضاع المرأة في الميرات المرأة لها حقوقها في الميراث، فالأنصبة المقدرة لها في أحوال كثيرة أفضل مما قدر للرجل فرضا أو تعصيبا، ونظام المواريث في الاسلام لا يقوم علي أساس ذكورة وأنوثة، بل علي مبادئ مهمة منها : درجة القرابة من المورث، موقع الجيل الوارث من المورث، اعتبار الاعباء المالية في توزيع الميراث. وأمثلة ونماذج كاشفة عما سبق منها : مستحقات للنصف : البنت الصلبية المنفردة »لا ابن للميت معها»، والبنت لابن المنفردة- حسب ما ذكر-، والأخت الشقيقة للمنفردة ، والاخت لأب المنفردة وفق قيود معينة. مستحقات الثلثين : من ذكرنّ في النصف عند تعددهن بالشروط السابقة. مستحقات للربع : الزوجة إن لم يكن للميت فرع وارث. مستحقات للثمن : الزوجة إن يكن للميت فرع وارث. مستحقات للثلث : الام ان لم يكون للمورث ولد ولا اخوة الاخوة لأم بالتساوي بين الذكور والاناث. مستحقات للسدس : للأم ان كان للمورث ولد أو أخوة من الذكور أو الاناث. يتردد كثيرا قول بعضهم »إن الاسلام ظلم المرأة، حيث جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الرجل» ونحن المسلمين نؤمن بثوابت راسخة من صفات الله تعالي، تجعل تلك الشبهة لا تطرأ علي قلب أي مسلم أو مسلمة، وتتمثل تلك الثوابت في ان الله سبحانه وتعالي حكم عدل، وعدله مطلق، وليس في شرعه ظلم لبشر أو لأي أحد من خلقه، قال تعالي : »وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» الآية 19 من سورة الكهف وقال : »وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً» الآية 72 من سورة الإسراء، وغيرها وإن الفروق في انصبة المواريث هي اساس قضية المواريث في الفقه الاسلامي، ولا تختلف الأنصبة في المواريث طبقا للنوع، وانما تختلف الأنصبة طبقا لثلاثة معايير : الأول : درجة القرابة بين الموارث والمورث : ذكراً كان أو أنثي، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين، فتري البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها »وهي أنثي» بينما يرث أبوها ربع التركة »وهو ذكر» وذلك لان الابنة أقرب من الزوج، فزاد الميراث لهذا السبب. الثاني : موقع الجيل الوارث : فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل اعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الاجيال التي تستدبر الحياة وتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها - عادة- مفروضة علي غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والانوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفي ترث أكثر من أمه- وكلتاهما أنثي- وترث بنت المتوفي أكثر من أبيه كذلك في حالة وجود أخ لها مثلا. الثالث : العبء المالي وهذا هو المعيار المهم الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والانثي، لكنه تفاوت لا يفضي الي أي ظلم للأنثي أو انتقاص من انصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح. حقائق مهمة أولا : أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة فيها نصف الرجل. ثانيا : أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة فيها نصف الرجل. ثالثا : هناك حالات كثيرة جدا ترث المرأة فيها أكثر من الرجل. رابعا : هناك حالات ترث المرأة فيها، ولا يرث نظيرها من الرجال. وتفصيل تلك الحالات فيما يلي : أولاً : الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل 1- البنت مع أخواتها الذكور، وبنت الابن مع ابن الابن. 2- الأب والأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة. 3- الأخت الشقيقة مع أخواتها الذكور. 4- الأخت لأب مع أخواتها الذكور. ثانيا : الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل : 1- الأب والأم في حالة وجود الفرع الوارث المذكر »ابن الابن». 2- الأخ والأخت لأم. 3- أخوات مع الأخوة والأخوات لأم. 4- البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب »مع عدم وجود الحاجب». 5- الأب مع أم الأم وابن الابن. 6- زوج وأم وأختان وأخ شقيق علي قضاء سيدنا عمر- رضي الله عنه- فإن الأختين لأم والأخ الشقيق شركاء في الثلث. 7- انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيباً، والبنت ترث النصف فرضاً والباقي رداً، وذلك ايضا لو ترك أبا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيباً، ولو ترك أما فسترث الثلث فرضا والباقي رداً عليها. 8- زوج مع الأخت الشقيقة فإنها ستأخذ ما لو كانت ذكرا بمعني لو تركت المرأة زوجاً وأخا شقيقا فسيأخذ الزوج النصف، والباقي للأخ تعصيباً. ولو تركت زوجاً وأختاً فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك. 9- الأخت لأم مع الأخ الشقيق، وهذا إذا تركت المرأة زوجا وأما وأختا لأم وأخا شقيقا، فسيأخذ الزوج النصف، والام السدس، والاخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيباً وهو السدس. 10- ذوو الأرحام توريثهم كما في القانون المصري في المادة 31 من القانون رقم 177 لسنة 1943 وهو ان لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصابات فإن ذوي الأرحام هم الورثة، وتقسم بينهم التركة بالتساوي كأن يترك المتوفي »بنت بنت، وابن بنت، وخالا، وخالة» فكلهم يرثون نفس الأنصبة. 11- هناك ستة لا يحجبون حجب حرمان ابدا وهم ثلاثة من الرجال، وثلاث من النساء، فمن الرجال »الزوج، والابن، والأب» ومن النساء »الزوجة، والبنت، والأم» . ثالثا : حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل : وهي 14 حالة نذكر منها : 1- الزوج مع ابنته الوحيدة. 2- الزوج مع ابنته. 3- البنت مع أعمامها. 4- إذا ماتت امرأة عن ستين فداناً، والورثة هم »زوج، وأب، وأم، وبنتان» فإن نصيب البنتين سيكون 32 فدانا بما يعني ان نصيب كل بنت 16 فدانا، في حين أنها لو تركت ابنين بدلا من البنتين لورث كل ابن 12٬5 فدان، حيث ان نصيب البنتين ثلثا التركة، ونصيب الابنين باقي التركة تعصيبا بعد أصحاب الفروض. 5- لو ماتت امرأة عن 48 فدانا والورثة هم »زوج، واختان شقيقتان، وأم» ترث الأختان ثلثي التركة بما يعني ان نصيب الأخت الواحدة 12 فدانا في حين لو انها تركت اخوين بدلا من الاختين لورث كل أخ 8 أفدنة لانهما يرثان باقي التركة تعصيبا بعد نصيب الزوج والأم. 6- ونفس المسألة لو تركت أختين لأب حيث يرثان أكثر من الأخوين لأب. 7- لو ماتت امرأة وتركت »زوجا، وأبا، وأما، وبنتا» وكانت تركتها 159 فدانا فإن البنت سترث نصف التركة وهو ما يساوي 72 فدانا، أما لو أنها تركت ابنا بدلا من البنت فكان سيرث 65 فدانا لانه يرث الباقي تعصيبا بعد فروض »الزوج، والأب، والأم». رابعا : حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال : وهي خمس حالات منها : 1- لو ماتت امرأة وتركت »زوجا، وأبا، وأما، وبنتاً، وبنت ابن» وتركت تركة قدرها 195 فدانا مثلا فإن بنت الابن سترث السدس وهو 26 فدانا، في حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلا من بنت الابن لكان نصيبه صفرا لانه كان سيأخذ الباقي تعصيبا ولا باقي وهذا التقسيم علي قانون الوصية الواجبة الذي اخذ به القانون المصري رقم 71 لسنة 1946. 2- لو تركت امرأة »زوجا، واختا شقيقة، واختا لأب» وكانت التركة 84 فدانا مثلا فإن الاخت لاب سترث السدس وهو ما يساوي 12 فدانا، في حين لو كان الاخ لأب بدلا من الاخت لم يرث لأن النصف للزوج والنصف للاخت الشقيقة والباقي للأخ لأب ولا باقي. 3- لو مات شخص وترك »أب أم أم، وأم أم أم» في هذه الحالة ترث أم أم الأم التركة كلها حيث تأخذ السدس فرضا والباقي رداً، وأب الأم لا شئ له لانه جد غير وارث. إذن فهناك اكثر من 30 حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أواكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابلة 4 محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسائل. وهناك احوال تزيد المرأة علي نصيب الرجل، وقد يستغرق اصحاب الفروض التركة ولا يبقي للرجل شيء. وتبقي تذكرة تعيها أذن واعية : تشريع الميراث إلهي رباني وصايا وحدود إلهية فيها »يوصيكم»، »وصية»، »فريضة». »تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ» الآيتان 13، 14 من سورة النساء