هل هذا معقول..؟! كل مسئول في البلد يقول لك إنه مقتنع بضرورة إعادة ترتيب خطواتنا لكي تسير العملية الديمقراطية في مسارها الصحيح، بأن نبدأ أولا بوضع الدستور الجديد واستفتاء الشعب عليه، وبعدها نمضي إلي اختيار البرلمان ورئيس الجمهورية وفقاً للقواعد التي سيحددها الدستور.. ثم.. يبدي لك المسئول أسفه لان ما يفرضه العقل والمنطق والمصلحة الوطنية لن يتم تطبيقه، لانه هو وغيره من المسئولين وضعوا ضمن التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في مارس الماضي نصاً يقول إن البرلمان الجديد هو الذي سيختار اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور. وهو نص اعترضنا عليه وقتها مع غيره، ولكنه بقي ضمن التعديلات الدستورية.. طيب.. ولماذا يتحمل الوطن هذا الخطأ؟..لا تجد إجابة إلا أن ماحدث قد حدث، وعلينا احترام نتيجة الاستفتاء حتي لو ثبت ان بها ما يضر بالوطن وبمستقبل العملية الديمقراطية!! وهنا ينبغي التأكيد أننا جميعاً اقتنعنا بالاستفتاء الأخير باعتباره مناسبة اثبتنا فيها جدارة شعبنا العظيم بالديموقراطية وتقديمه نموذجاً رائعاً في ممارسة حقوقه الدستورية كانت أبرز معالمه قبول المعارضين لنتائج الاستفتاء حتي وهم يدينون مناخ الشحن الديني الذي لجأ إليه البعض وهم يصورون الاستفتاء للناس علي أنه معركة بين الإسلام وخصومه!! ولكن القبول بنتائج الاستفتاء لاتعني أننا غافلون عن العيوب الدستورية فيه ولا عن غياب العديد من شروط صحة الاستفتاء كما حددها فقهاؤنا الدستوريون. فالاستفتاءات الصحيحة لايمكن ان تتم بطريقة »كله علي كله«.. أي ان تقبل التعديلات أو ترفضها كلها، ولايمكن ان يتم حشد الاسئلة فيها وكأن المواطن ذاهب للحصول علي الدكتوراه وليس للإجابة عن سؤال واضح محدد في قضية عامة لا التباس فيها.. من هنا يكون المطروح أمامنا الآن هو: لماذا لانعود للشعب في استفتاء جديد يتفادي كل هذه الاخطاء ويحسم الخلاف حول قضيتين اساسيتين هما: هل نؤجل الانتخابات البرلمان بضعة شهور؟ وهل نبدأ علي الفور في إعداد الدستور وبعدها ننتخب البرلمان والرئيس؟ البعض يطرح الأمر وكأن الاستفتاء الذي تم هو المشكلة.. فلماذا لايكون الاستفتاء الجديد هو الحل؟!