لم تقدم القطاعات الإنتاجية الحكومية في الأعوام الستة الماضية سوي عدد قليل من الأعمال الدرامية ولم ترتق للمستوي المطلوب ولا تليق بتاريخ الإنتاج الدرامي الحكومي وتواصل هذه القطاعات الصراخ طلبا للدعم المادي حتي تتمكن من العودة للإنتاج كسابق عهدها دون مجيب حيث توقفت عجلة الإنتاج في قطاع الإنتاج وتعافر شركة صوت القاهرة لمزاحمة القطاع الخاص بعمل أو اثنين علي أقصي تقدير وهو ما يدفعنا للسؤال ما هي آليات هذه القطاعات للعودة للإنتاج مرة أخري خاصة بعد توجيهات الرئيس بضرورة تصدي الدراما والسينما للتطرف الفكري والإرهاب. يقول المؤلف حسان دهشان إن تكلفة إنتاج الدراما بالقطاعات الحكومية شديدة التكلفة فهي تتحمل تكلفة إنتاجها الفعلية الحوافز والبدلات والمكافآت التي يتم صرفها بالمحسوبية والمجاملة للقيادات والعاملين بالقطاع العام، ولهذا يخرج العمل الدرامي الحكومي بشكل لا يتفق مع المبالغ الطائلة التي يتم إنفاقها ولذلك أري أن ما وصلت إليه الدراما الحكومية هو المنحني الطبيعي وحتي يعود الإنتاج الحكومي للدراما إلي رونقه وبريقه عليه أن يتخلي عن البيروقراطية في المقام الأول ويتم ذلك عن طريق إسناد الأمر إلي عقلية إنتاجية حقيقية بعيدا عن التصعيدات الإدارية للقطاعات الإنتاجية الحكومية والتي ترتبط بالسلم الوظيفي ولابد من الاستعانة بمجموعات شبابية في شتي المجالات كالإخراج والكتابة لتقود فكرة التغيير وتقديم ابتكارات جيدة بعيدا عن القوالب القديمة. ويؤكد د. صفوت العالم أستاذ إعلام جامعة القاهرة أن الإنتاج الدرامي الحكومي غائب تماما في السنوات الأخيرة وحتي يعود لابد من تكتيك جديد ومختلف وأن تتحقق المعادلة الصعبة حيث يلتقي الهامش الربحي مع نوعية الموضوعات الهادفة وبالتالي يجب دعم هذه الجهات بالأموال من خلال عمل خطة برامج تمويل يتم من خلالها إنتاج عدد من الأعمال ومن العائد يتم تسديد هذه المبالغ مضيفا إلي أنه يمكن اللجوء إلي حل آخر من خلال وجود هيكل إداري جديد سواء شركة أو إدارة لإنتاج المسلسلات الدرامية المطلوبة الهادفة. وتري د. ليلي عبد المجيد أن ماسبيرو لديه مشاكل اقتصادية أدت إلي توقف الإنتاج الذي يحتاج إلي المال فالتمويل هو السبب الرئيسي لانهيار القطاع العام بجانب مشكلة افتقار الإعلانات والحل لهذه المشكلة أنه من الممكن أن يتم الاتفاق علي مشاركة منتجي القطاع الخاص للقطاع العام واختيار أعمال مناسبة تعالج قضايا حقيقية كالانتماء الوطني والقيم الاجتماعية. ويقول المخرج محمد فاضل إن عجلة الإنتاج الحكومي توقفت منذ فترة طويلة ولا يمكن أن تعود طبقا لمعايير السوق الحالي لأن الهدف من الأعمال الحكومية ليس الربح وإنما تغطية التكاليف وتقديم مادة مفيدة للجمهور تساعد علي زيادة الوعي وروح الانتماء ويقول يجب أن تكون المعايير مختلفة عن القطاع الخاص الذي يهدف إلي الربح ليس أكثر وإذا كنا نتحدث عن عودة الإنتاج الحكومي بصدق فيجب تطبيق التوصيات التي خرجت من »مؤتمر الإبداع» الذي نظمته مؤسسة أخبار اليوم في شهر ديسمبر عام 2014 لأن كل التوصيات كتبت علي يد خبراء ومتخصصين في كل المجالات الفنية تم اختيارهم بعناية فائقة وكان المؤتمر تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وحضر رئيس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب وقدم الإعلامي أسامة الشيخ خلال المؤتمر اقتراحاً بتعديل الهيكل الإداري لماسبيرو وللقطاعات الإنتاجية الحكومية للقضاء علي الروتين بشكل كامل وإعطاء الدولة دفعة للأمام نحو عودة ريادة مسلسلات القطاع العام وكانت تحتوي التوصيات علي طرق للتغلب علي ظاهرة ارتفاع أسعار الأجور ومشاكل التسويق وغيرها من العقبات التي تقف عقبة في وجه مؤسسات الدولة الإنتاجية. ويقول عبد الرحمن رشاد عضو الهيئة الوطنية للإعلام إن صناعة الدراما الحكومية لم تكن تعترف بالروتين في عصور ازدهارها واستطعنا وقتها تغطية الأسواق العربية كلها بأعمال متميزة ولكن للأسف اصاب قطاعات الإنتاج الحكومية مرض البيروقراطية القاتل منذ سنين والذي يجب أن نتكاتف جميعا للقضاء عليه إذا كنا نرغب حقا في عودة الإنتاج الحكومي فصناعة الدراما تحتاج إلي الحرية في الحركة سواء للمنتجين أو للمؤلفين أو للمخرجين وأن تتاح الفرصة لشباب الكتاب وعمل ورش تدريبية لهم واختيار الموهوبين لكتابة نصوص تلائم لغة الشباب ليتابعوا الأعمال ويستفيدوا منها، ويجب أن يكون بطل العمل هو النص المكتوب وليس النجم لنحد من ظاهرة المغالاة في أجور الفنانين.