مصر ليست محل مزايدة علي موقفها من فلسطين فقد ضحت بكل نفيس وغال من أجل استعادة حقوقها المسلوبة منذ نكبة 8491. لقد أذهلني ما سمعته عبر إحدي القنوات التليفزيونية من شاب متحمس راغب في التوجه للحدود تضامنا مع غزة متهما مصر انها بعدت عن الشعب الفلسطيني وانها لا تقدم له الدعم وطالب كل المصريين بعبور المعابر وفتحها والتلاحم مع إخوتنا هناك. جميل أن يكون الشباب بهذا الحماس والاهم ان نشعر ان هناك ظلما علي شعب شقيق دمرته إسرائيل وانتهكت حرماته ولكنها لم تنل من كبريائه علي مدي 36 عاما ولكن ان يتهم شبابنا مصر بأنها مقصرة في حق فلسطين فهذا جفاء لحق بلدي ودورها الذي أدته علي أكمل وجه، لقد خاضت مصر الحروب ميدانيا ودبلوماسيا من أجل فلسطين وضحت بأكثر من 021 ألف شهيد سالت دماؤهم لنصرة قضيتها. قد يكون هذا الشاب صغير السن لم يشهد أيا من هذه الحروب فآخرها كان منذ 83 سنة في أكتوبر 3791، وحققنا أغلي الانتصارات العسكرية. لقد ضحت مصر وعاشت من أجل فلسطين فترات عصيبة وفقدت جزءا من ثروتها المادية والبشرية دون ان تشتكي فاحتلت أرضها بعد 7691 ودمر جيشها وهجّر أهلها من مدن القناة 6 سنوات كاملة وتوقفت حركة الاقتصاد والملاحة في القناة بالكامل من أجل معركة استرداد الكرامة ضرب اهلنا في بيوتهم وراح الآلاف شهداء من أجل فلسطين دون ان تبدي مصر استياءها أو تهرب من الميدان بحجة وأنا مالي بل كانت دائما في طليعة الصفوف. ولولا مصر وهذه حقيقة ما تحقق لفسطين وشعبها الكثير فقد كان أول اعلان لقيام منظمة التحرير الفلسطينية من القاهرة وأول إذاعة من مصر وكانت مؤتمرات نصرة فلسطين وانقاذ الشعب الفلسطيني عندما تعرض للإبادة في الأردن ولبنان من قلب العروبة وقدم عبدالناصر نفسه شهيدا من اجلها، حتي عندما عقدت اتفاقية السلام التي يعترضون عليها الآن كانت فلسطين حاضرة باعلامها علي مائدة المفاوضات التي رفضوها ولم يكن هذا مناً من مصر علي اخوتنا هناك ولكنها كانت الحضن الدافئ لم تتهرب يوما من نصرتهم ودعمهم. ليس عيب هذا الشاب المتحمس الذي هو في سن ابني ان يقول علي مصر ذلك ولكن العيب في النظام الذي زال والذي حرمه من معرفة التاريخ علي حقيقته. لقد كنت اتعجب وأنا الذي قاربت علي نهاية الخمسينيات وشاهدت كل حروب مصر بعد الثورة في 2591 ومراحل الكفاح حتي تحقق انتصار اكتوبر، لماذا يخبو عاما بعد عام ضوء الاحتفال بهذا الانتصار العظيم وكانت السلطة تتعمد ان يكون خاليا من أبطاله الحقيقيين الذين حققوه بمعجزة وان يكون في أيام سابقة علي يوم السادس نفسه وتساءلت هل كان حتي لا نذكر الاسرائيليين وبيوم انتصارنا عليهم أم نكرانا لتضحية جنود مصر في الحرب؟ الشباب الصغير معذور فقد زور التاريخ علي مدي 06 عاما كاملة حتي الحقائق منه ولذلك فقدت مصر ريادتها السياسية والثقافية. وصارت دولا من الدرجة الثانية والثالثة تحاول ركوب الموجة علي حسابها. مصر أيها الشاب المتحمس هي صاحبة الحضارة الضاربة في القدم منذ خمسة آلاف عام وهي التي حمت الثورة الفلسطينية وحافظت علي الحياة ودافعت عنها وعن شعبها وإذا كانت الظروف قد حجبت ما يقوله التاريخ عن دورها فان التاريخ لا يكذب وصفحاته تكتبها الأيام بدقة وصراحة حتي ولو حاولوا تزويره، الحماس مطلوب ولكن مصلحة مصر أولا وأخيرا ومساندة أخوتنا في فلسطين ليست بالعنتريات ولكنها بحسابات نتمني ان نحسبها صح حتي لا ندفع الثمن غاليا كما دفعناه من قبل.