عندما قمنا لآداء الصلاة ،جماعة في صالة التحرير ، طلب رئيس التحرير من الزملاء الذين أصطفوا لآداء الصلاة ، عدم التسرع حتي ينتهي من الوضوء ، فداعبه أحد الزملاء بقوله : أنت رئيس التحرير ، لست مثل بقية المحررين ، ومن حقك إذن أن تصلي من غير وضوء ! هذه الجملة التي قالها زميلنا قي هذا الموقف علي سبيل المزاح ،تقال في كل مكان في مصر منذ عقود ،بصور مختلفة ، ولكن بسوء نية ، وكلها تندرج تحت بند واحد ، هو صناعة الفرعون ، أو الحاكم الإله ، الذي لا يخطيء ، ولايراجع ، وكل توجيهاته وتعليماته سديدة واجبة النفاذ .. وعندما قال المصري البسيط المثل الشعبي "إيه يافرعون ، فرعنك ، قال : مالقتش حد يردني " ونحن في الغالب كمصريين نأخذ بعقيدة " اربط الحمار مطرح مايحب صاحبه ! " ومادامت مصر كانت ضيعة الحاكم ، واحد ممتلكاته، فمن حقه وفقا لهذا المثل ان يفعل بها وبأهلها ماشاء " ومن حكم في ماله فما ظلم " .. وتصل حالة التراجع مداها عندما نشارك في تأليه الحاكم وفي إصباغ القدسية علي كل مايقول حتي ولو كانت أضغاث أحلام " فاحلام سيادته أوامر " وبناء عليه فالمصري دائما يسدي النصيحة لإبنه باتقاء شر الحاكم أو من هو في موقع المسؤلية ويظهر ذلك في الصورة الساخرة التي يقول له فيها " لو رحت لبلد بتعبد البقر ، حش وارميله " .. هذا ما إنتهي بنا الي ما نحن فيه ، حولنا ، بأيدينا الحكام الي آلهة ، هل مكتوب علينا عبادة حكامنا من دون الله الواحد الأحد ؟