في الاسبوع الماضي أردت أن أبعد بلقاءات الأهلي والزمالك في كرة القدم عن لعبة السياسة ودهاليزها السرية رغبة في تهيئة الأجواء لعودة الجماهير للمدرجات بعد أن عانت من تصرفات طائشة من جماهير الأولتراس المتطرفة التي أبعدت التشجيع عن أصوله العريقة والواجبة !! وبرغم محاولتي لإبعاد شبهة التداخل بين السياسة والرياضة لهدف يخص بلدي، فإني لا أستطيع أن أنكر أو أنفي وجود مثل هذا التداخل والتماس بين الاثنين.. ولاشك أن السياسة طالت كل أوجه النشاط الإنساني بما فيها النشاط الرياضي.. وهناك شيء واحد مؤكد هو أن الرياضة قد تسبب قلقا مثل السياسة تماماً، وكما قال الكاتب الأسباني فاسكيز مونتلبان : » الرياضة الجماهيرية تعد متنفساً للغازات السيئة الموجودة في بطن المجتمع ».. وفي إتجاه آخر يدلل علي علاقة الرياضة بالسياسة قال جوبلز مسئول الدعاية في نظام هتلر النازي : » إن الفوز بمباراة دولية أهم من السيطرة علي مدينة ما ». أما فيما يتعلق بمدي إستفادة السياسيين من الرياضة في إتمام أعمالهم الخاصة والعامة فحدث ولا حرج، ولكننا لن نعود في هذا الأمر إلي أجدادنا الأوائل صناع الحضارة الإنسانية، وسنأخذ بعض الأمثلة الحديثة نسبياً، ولتكن بدايتنا مع الزعيمين هتلر وموسوليني وما أراده الأثنان من استغلال الرياضة في تعزيز الكرامة الوطنية تجاه السلطة الحاكمة.. فقد عزز موسوليني موقفه بحصول بلاده ( إيطاليا ) علي كأس العالم لكرة القدم في عامي 1934 و1938.. ونفس الشيء لهتلر عندما فازت بلاده ببطولة دورة الألعاب الأوليمبية 1936 كرمز لقوة النظام الحاكم وقوة عقيدته.. كما استفادت الأنظمة العسكرية في البرازيل والأرجنتين سياسياً من النجاحات التي حققتها في بطولات كرة القدم.. ولا ننسي دبلوماسية تنس الطاولة التي مهدت لعودة العلاقات السياسية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين الشعبية والتي شهدت دعوة منتخب تنس الطاولة الأمريكي للقاء نظيره الصيني ودياً في بكين، وتبعتها في العام التالي مباشرة ( 1972 ) قيام الرئيس ريتشارد نيكسون بأول زيارة لرئيس امريكي للصين بعد 22 عاماً من إنطلاق الثورة الشيوعية في هذا الجزء من العالم.. وعندما نذكر علاقة السياسة بالرياضة من منا ينسي » حرب كرة القدم » بين هندوراس والسلفادور عام 1969 والتي اسفرت عن مقتل حوالي الفين من مواطني البلدين بعد سلسلة من المباريات في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 1970.. والأمثلة كثيرة جدا في هذا المسار السياسي الرياضي ولكن تبقي الاجابة علي السؤال التالي : كيف نستفيد من هذه العلاقة الخاصة بما يعود بالفائدة علي كل الاطراف المتداخلة فيها ؟! وما يزال الحوار متواصلاً في هذا الشأن..