وقام الخادم بتنفيذ أوامر سيده.. فإذا بالتمثال يتحول إلي تمساح حقيقي ويفتك بالعشيق!! السبت: كان بعض الافراد في مصر الفرعونية يمارسون اعمالا سحرية موجهة ضد اشخاص آخرين.. ومن اكثر تلك الاعمال شهرة، ما قامت به احدي زوجات الملك رمسيس الثالث، عندما دبرت مؤامرة للقيام بانقلاب للطاحة به، ليعتلي العرش بعد عزله وقتله ابنها منه لكن المؤامرة التي عرفت بعد ذلك ب »مؤامرة الحريم« فشلت!. ومع ان احدي البرديات التي تم العثور عليها قد سردت بعض تفاصيل تلك المؤامرة، الا انها كانت في بعض مقاطعها غامضة ومبهمة، فلم تذكر بوضوح ما اذا كان الملك رمسيس الثالث قد قتل ام لا، ولكنها اشارت الي ان ابنه رمسيس الرابع الذي خلفه، اجري محاكمة لجميع من شاركوا في المؤامرة، اسفرت عن ادانة »باي باك كامن« احد امناء القصر، بالقيام بالدور الرئيسي الذي قالت البردية انه انحصر في صنع تماثيل صغيرة من الشمع لبعض الالهة والقيام بكتابة بعض العبارات التي تتضمن الاوامر الموجهة لتلك التماثيل التي استخدمت كأجسام وسيطة لتحقيق المطلوب منها!!. واستعمال التماثيل الشمعية الصغيرة في الاعمال السحرية التي كانت تؤدي الي نتائج مؤكدة، كان امرا سائدا في مصر القديمة. ويروي عالم المصريات الفرنسي »ايفان كونج« في كتابه »السحر والسحرة عند الفراعنة« الذي قامت بترجمته الي العربية الاديبة الكبيرة الراحلة فاطمة عبدالله محمود، تفاصيل ما ذكرته بردية »وستكار« عن زوج مصري مخدوع، اراد الانتقام من غريمه، فيقول ان الزوج قام بصنع تمثال من الشمع لتمساح، لايزيد طوله عن سبع بوصات.. وقرأ عليه صيغة سحرية تقول: »كل من يأتي للاستحمام في حمامي، اطبق عليه بأسنانك واقتله« واعطي التمثال لخادمه، وامره بالقائه في حوض الاستحمام خلف عشيق الزوجة عندما يحضر اثناء غيابه كالمعتاد.. وقام الخادم بتنفيذ اوامر سيده، فاذا بالتمثال يتحول الي تمساح حقيقي ويفتك بالعشيق!!. وتطالعنا بردية اخري بحكاية لا تخلو من الغرابة، تتعلق بمنافسة بين ساحرين.. الاول مصري، والثاني نوبي فقد طلب الساحر المصري احضار كمية لا بأس بها من الشمع النقي.. وصنع منها محفة، واربعة حمالين.. وقرأ عليهم بعض التعاويذ ثم امرهم بأن يصبحوا احياء.. وطلب منهم الذهاب الي بلاد الشعوب السوداء واحضار ملكها إلي حيث يجلس الفرعون في قصره ثم يقوم الحمالون بضرب الملك الاسود بالسياط امام الفرعون ورجال بلاطه، ثم يقومون بعد ذلك باعادته الي بلاده والعودة في نفس الليلة.. فقالوا »سمعا وطاعة ولن نهمل شيئا مما امرت«، وانطلقوا بين سحب السماء الي بلاد الشعوب السوداء.. ونفذوا مهمتهم علي الوجه الاكمل!!. الفرق بين السحر والدين! يقول عالم المصريات الكبير »ارمان« ان المتخصصين فسروا السحر المصري القديم بأساليب مختلفة.. فبعضهم اعتبره شكلا مبتسرا للدين، استنادا الي احكام قديمة.. بينما ارتكز بعضهم الاخر علي اسلوب اكثر جدية، فقاموا بدراسة السحر باعتباره تعبيرا عن قوة ما يمتلكها شخص ما.. ثم يقول »ارمان« بصرامة بالغة، ان السحر هو وليد غير شرعي للدين، والقائم به يحاول كبح جماح القوي التي تسير قدر البشر.. ويقول انه قد يحدث ان تسجيب الآلهة لاحدي الدعوات التي يرددها الساحر، وفي احيان اخري قد لا تستجيب.. وعندئذ يسود الاعتقاد بأن الدعوات التي استجابت لها الالهة تعتبر الاصلح، وسرعان ما تصبح صيغة لها فاعلية مؤكدة لتقرير المصير. ويقول »ارمان«: »اذا اعتبرنا الدين نبتة سامية فان الاعشاب الطائشة التي تظهر حولها هي السحر«.. وعلي ذلك فان السحر يعمل عند الشعوب المتخلفة، في نهاية الامر، علي كتم انفاس الدين تماما.. وعندئذ تسود البربرية التي لا تتقبل اي نظام عام.. ويحتل الساحر والمشعوذ مكان الكاهن وقدسية الإله. تم يستدرك العالم الكبير »ارمان« فيقول: »واذا كنا لا نستطيع القول بأن المصريين القدماء كانوا متخلفين، الا اننا نعتقد ان عددا قليلا منهم قد ساهموا بقسط ما في سيادة السحر، منذ وقت مبكر«. ويقول »ايفان كونج« ان هذا السرد الذي قدمه »ارمان« يرتكز علي تعارضات ولا يستند علي اية ادلة، او نصوص مؤكدة، وهذا يثير الدهشة!.
لايزال الحديث عن السحر وعلومه كثير، ولكني سأكتفي هنا بهذا القدر لضيق المساحة، وقد اعود إليه فيما بعد بإذن الله!.