حين تسمع عن »مصارعة الثيران» يذهب تفكيرنا إلي إسبانيا، ولا يعرف كثيرون أن أول تحد في التاريخ بين الإنسان والثور حدث في مصر، وبالتحديد في منطقة سقارة، عندما تحدي الملك زوسر» الثور» أمام الهرم الذي يحمل اسمه، ولكن بشكل يختلف عن المتعارف عليه حاليا وكان الهدف هو أن يثبت جدارته بتجديد حكمه لفترة ثانية، فيما كان يعرف بطقس »حب سد»، لتنطلق من هناك فكرة تحدي الثيران ومصارعتهم. وكان تحدي الثور أحد طقوس احتفال ال »حِب- سد»، الذي يقيمه الملوك عادة للاحتفال بمرور 30 عاما علي حكمهم، كما احتفل به بعضهم مثل الملكة حتشبسوت التي احتفلت به في العام السادس عشر من حكمها، حسب ما يؤكد لنا د. محمد حمزة، عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، ويلفت إلي أن طقوس الاحتفال كانت تبدأ بوضع تمثال الملك بالمقصورة، ثم إقامة عمود الجد، وهو طقس رمزي يعبر عن تجديد حياة الملك، ثم الجري والهرولة حول سور البلاط الملكي أو ببهو المعابد، والتي خلالها يتحدي الملك الثور بالجري خلفه حتي إمساك ذيله، ليدلل علي أنه لا يزال في ريعان شبابه ويتمتع بالقوة والخصوبة التي تمكنه من الجري وراء حيوان قوي مثل الثور،وكانت من أشهر ساحات الاحتفال الموجودة إلي الآن ساحة هرم زوسر المدرج بسقارة، فبعد أن تطأ قدمك رمال منطقة سقارة حيث ينتهي بهو الأعمدة بالفناء الواسع أو قاعة »حب سد»،وهي مساحة رملية شاسعة، حيث يوجد في أقصي اليمين غرفة تغيير ملابس الملك بزي طقس الهرولة وهي عبارة »نقبة تشبه الجييبة، وبعد الغرفة يوجد أقدم بناء ضخم في التاريخ، هرم زوسر وفي مقابلته بئر الدفن، وبين الهرم والبئر كانت تدور معركة الملك والثور. ويوضح د. حمزة أن الهدف كان يتعدي إظهار قوة الحاكم،إلي هدف أكبر وهو التأكد من خضوع حكام الوجه القبلي والبحري له بحضورهم الطقوس ومشاهدتهم لصراعه مع الثور، وكذلك اعطاء الفرصة إلي الواعظ الديني لاجلال دور الملك ممثل الإله حورس،حيث يتقدم الأهالي بالقرابين، فيما يقوم الملك في ختام الاحتفاليات برمي أربعة سهام في الاتجاهات الرئيسية الاربعة في إشارة إلي أنه أنه ملك الأرض الذي يسيطر علي كل اتجاهاتها.