تسألني مابال حديقتنا كفت هذا العام عن الإثمار.. والظل ارتد وأضحي كالنجم السيار السبت: من وقت لآخر اشتاق إلي قراءة ديوان من الشعر الجيد الذي يبث فيّ الروح ويعيد إليّ الأمل في الحياة من جديد.. من الشعراء الذين اشتاق إليهم من وقت إلي آخر وأجد يدي تمتد بالحب لأعمالهم.. الشاعر الكبير كمال عمار الذي توفي إلي رحمة الله منذ سنوات طويلة.. وماتزال كلماته تعيش في وجدان المعاناة في هذا الزمن الجاف أو في زمن الجفاف، ولم نعد نجد كلمة جميلة تروي عطش الملهوف إلي قطرة ماء!! ماء عذب »فرات« لذة للشاربين.. وكمال عمار شاعر كبير وله ديوان بديع اسمه »أنهار الملح« الذي كتبه عقب هزيمتنا الفاجعة في يونيو 7691. »والملوحة« عرفت طريقها إلي »حلوقنا« الجافة بعد الهزيمة وعبر عن ذلك معظم الشعراء و لعل أبرزهم نزار قباني الذي كتب في قصيدته الشهيرة »هوامش علي دفتر النكسة« مالحة في فمنا القصائد.. ضفائر النساء.. والليل.. والأستار والمقاعد.. مالحة في فمنا الأشياء!! وقال باكياً.. ياوطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين إلي شاعر يكتب بالسكين.. لأننا نحسه أكبر من أوراقنا.. لابد ان نخجل من أشعارنا.. إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بمنطق الطبلية والربابة والعنتريات التي ما قتلت ذبابة!! ولكن الشاعر الفذ والكبير الذي لم ينل حظه من التكريم الذي يليق به »كمال عمار« كتب قصيدة »أنهار الملح« التي أخذ منها عنوانا لديوانه الجميل والتي قال فيها: تسألني ما بال حديقتنا كفت هذا العام عن الإثمار؟ والظل ارتد وأضحي كالنجم السيار.. قاصي.. وقريب.. تسألني حسنا سأجيب حتي لو كان القول يسوء ذلك أنا صلينا من غير وضوء.. وزعمنا أنا أطهر من حبات الثلج.. حتي مارحنا نسعي للحج.. صرنا نخدع ملاح الزورق حتي لا نعطيه الدينار! تسألني ما بال حديقتنا.. كفت هذا العام عن الإثمار!! والشاعر الكبير كمال عمار كان من الممكن ان تقبل عليه الدنيا لو أنه »باع« أو »فرط« في حق الوطن! ولكن الشاعر التزم الصدق! لم يكذب ولم يخادع. الشاعر مات قبل أن يكمل مشروعه الشعري وترك لنا بقايا ما كتب من فن القول الطيب.. والجميل وهو الشعر الذي هو »ديوان العرب« يقول »عمار«: وانفتحت أدراج الأسرار.. أن نصمت ينشق الصدر.. أن نتحدث ينفتح القبو وعلينا أن نختار! تسألني ما بال حديقتنا كفت هذا العام عن الإثمار؟ الشاعر يريد أن يقول: انهزمنا لما كذبنا وقلنا وصدقنا أنفسنا.. كما أعلنا أن لدينا أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط.. ولدينا.. ولدينا.. ولدينا!! وضاع كل ما لدينا في 83 دقيقة، لما بدأت إسرائيل الهجوم علينا.. وكان ما كان.. لأننا كذبنا علي الدنيا والدنيا كلها كانت تعرف أننا نكذب و لكن بالأمل صدقنا أنفسنا.. وكنا نخاف أن يعلن الناس أنهم لا يصدقون كما قال عبدالرحمن الشرقاوي: فما عاد لسان ينطق سوي بزيف.. وكل هذا من حصاد الخوف!! بالله ياريح الظلام.. عودي إلي البلد التي أقبلت منه.. وبلغي عنا السلام.. هذه الغيلان فوق السور حراس علينا بالله ياريح الظلام.. عودي إلي البلد الذي أقبلت منه وبلغي عنا السلام.. القهر دستور العصر أنا أبصق في وجه العصر!! ومن الملاحظ أن كل شعرائنا العظام مثل الشرقاوي وعمار ونزار رحلوا عن عالمنا إلي عالم أفضل وأرحب.. وبقي لنا شعرهم الذي نقرأه سراً وكل هذا من حصاد الخوف!! الدكتورة رضوي الخميس: لا أعرف اسمها بالكامل.. فالكل في »دار المني« الذين يتلقون العلاج الطبيعي يحبونها.. فهي صاحبة وجه جميل وبشوش، وأسمع كل من يتعاملون معها يدعون لها بالصحة والعافية لأنها تقوم بعملها علي أحسن وجه والمريض يحتاج للحب والاهتمام قبل العلاج.. ولكن لمسة لطيفة وجميلة جعلتني أتوقف أمامها.. فقد رأيتها تحمل باقة ورد جميلة وتهديها إلي إحدي النزيلات العربيات التي تتلقي العلاج بالدار.. وعندما سألتها: هل اليوم هو عيد ميلادها أو هناك مناسبة؟ قالت رضوي ضاحكة: لا.. لكنها زعلانة مني وأنا أردت أن أصالحها!! هذه هي الروح التي يحبها الله ورسوله.. وهذا هو الوجه الذي يجب ان نلقي به الله.. هذا في مقابل كل من يسيئون إلي المريض ويستغلون مرضه لإصدار قرارات ظالمة وكأنهم يظنون أن الله سيمن عليهم بالصحة مدي الحياة.. كل ما أريد قوله هو: »حسبي الله ونعم الوكيل«!! الليلة.،. يا عمدة الثلاثاء: لست من هواة الجلوس أمام التليفزيون أو الفرجة علي قنوات الأفلام ولكني من هواة مشاهدة القنوات والبرامج الإخبارية بحكم عملي لفترة طويلة في الشئون العربية والدبلوماسية.. وكانت مصلحة الوطن هي همي ومتعتي الأولي.. ولكن بالمصادفة كانت إحدي القنوات الفضائية تعرض فيلم »الزوجة الثانية« ولا أعرف عدد المرات التي شاهدت فيها هذا الفيلم ولكن كل ما أعرفه أن الفيلم عندما يذاع »أتسمر« أمام التليفزيون وكأني أشاهده لأول مرة.. وأنتم تعلمون أن الريف المصري ينام علي كنوز من الآداب الشعبية والقصص التي تصلح مادة للدراما أو السينما أو المسلسلات التليفزينية أو الإذاعية وهذه الكنوز لا يعرف قيمتها إلا »الجواهرجي« الذي يعرف الفرق بين »الفالصو« والحقيقي من الأحجار الثمينة من الذهب والفضة والألماس والياقوت.. والمرجان!! كذلك الكاتب الذي يعرف كيف يختار من هذه الكنوز موضوعا لإبداعه في مجال القصة القصيرة والرواية والمسرحية وكيف يبدع المسلسلات ذات الموضوعات التي تلمس شغاف القلب التي تعرف الجمال ومعني الإبداع الجميل! »فيلم الزوجة الثانية« للكاتب المبدع المرحوم »أحمد رشدي صالح« الذي اختار من كنوز الريف هذه التحفة الابداعية وهو المؤهل بشكل طبيعي لاختيار الجواهر من هذه الكنوز فهو صاحب الكتاب الضخم والفخم والجميل »الأدب الشعبي« وقد هيأت الأقدار لهذا العمل »كوكبة« الفنانين القادرين علي انجاز هذا العمل »الباذخ الثراء« فالمخرج هو الراحل سيد المخرجين »صلاح أبوسيف« والأبطال: سعاد حسني، سناء جميل، صلاح منصور، عبدالمنعم إبراهيم، شكري سرحان، حسن البارودي من شوامخ المبدعين في فن التمثيل ولا نقول راحلين لأنهم مخلدون في قلوبنا وعقولنا بما أمتعونا، ولا ننسي الفنان الموسيقار »فؤاد الظاهري« قمة شامخة في الموسيقي التصويرية لهذا العمل.. حيث الموسيقي من روائع التأليف الموسيقي الذي يتميز بالرومانسية البديعة، وهذه الرومانسية من خصائص الإبداع الحقيقي والطروب!! ولا ننسي الرائعة سهير المرشدي أعطاها الله الصحة والعافية.. فكل مشهد كانت تقوم به نقول: الله.. الله وأظن أن القارئ ليس في حاجة إلي تلخيص هذه التحفة الإبداعية للكاتب الكبير أحمد رشدي صالح فهي تقدم نفسها.. متعة للمشاهدين!!