رغم أن القيادات النسائية نفسها، وتساندها قيادات سياسية واجتماعية وأصحاب رأي وفكر، أجمعوا علي فشل نظام »كوتة المرأة« الذي سبق تطبيقه في انتخابات مجلس الشعب عام 1984 بتخصيص مقعد للمرأة بكل محافظة، والنص علي مضاعفة الكوتة في برلمان 0102 المزور والمنحل، إلا ان الحكومة الانتقالية، والمجلس العسكري قد أبقيا علي نظام الكوتة في ظل الانتخابات البرلمانية القادمة. الكوتة سبق تطبيقه في السبعينيات، وذكرت أسباب لا تعد ولا تحصي، خلاصتها هي اعطاء المرأة فرصة للمشاركة السياسية وتدريبها وإعداد قيادات نسائية تكون قادرة علي العمل والمشاركة السياسية. وإبعادها عن مزاحمة الرجال، ومنعا للتحرش السياسي للرجال وهي ليست قادرة علي صده. كل ذلك كان لضمان 52 مقعدا للمرأة كحد أدني في مجلس الشعب إلي جانب شطارة المرأة في الاستحواذ علي أي عدد من المقاعد، اضافة إلي الكوتة، إلا ان التجربة فشلت فشلا ذريعا! الفكرة ضد مبدأ المواطنة، وتتسم بتمييز واضح للمرأة، وهو ما يناقض مبادئ الدستور الذي ينص علي ان المصريين جميعا متساوون في الحقوق والواجبات! نفس الفكرة التي كلفتنا كثيرا، وهي كوتة ال05٪ من مقاعد المجالس البرلمانية والنيابية للعمال والفلاحين، التي مضي علي تطبيقها أكثر من نصف قرن ويمكن أن تكون قد أدت الهدف منها مع بدايات ثورة 32 يوليو وهي النسبة التي خصصت طوال هذه الفترة الزمنية الطويلة، واستفاد منها طبقة العمال والفلاحين الكادحين في تلك الفترة، وأصبحت هذه الكوتة الآن حقا يراد به باطل، فقد تم اختطاف هذه النسبة وأصبح يتمتع بها رجال الأعمال واللواءات وأصحاب رؤوس الأموال الجدد، وأبُعد عنها العمال والفلاحون الحقيقيون ولم يعد يجدون من يمثلهم وما أكثر مشاكل الفلاحين وصغار المزارعين التي لا حصر لها وأصبحت معيشتهم ضنكا، مشاكل في التعليم والصحة والري وخدمات الزراعة، والبطالة المتزايدة، وأصبحت الأرض لمن يتاجر فيها وليس لمن يزرعها وكل القوانين والقرارات تساعد علي ذلك وترسخه.. والعمال أحوالهم لا تسر عدوا ولا حبيبا، بطالة سافرة ومقنعة وأجور لا تسمن ولا تغني من جوع، بل أقسم بالله أجور عمال التراحيل قبل ثورة 32 يوليو تزيد عنها من حيث حجمها وقيمتها السوقية!! اضافة إلي عمليات فصل وتشريد منظمة بالقانون تحت مسمي تشجيع الاستثمار.. وليذهب العمال للجحيم! وعلي الرغم من الدراسات والأبحاث والتحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أكدت أن هذه الكوتة المتخفية تحت مسمي نسبة ال05٪ فقدت مضمونها والهدف منها وتستخدم في غير موضعها.. رغم كل ذلك أبقي الاعلان الدستوري علي هذه النسبة، وسيتم اجراء الانتخابات البرلمانية القادمة! المبدأ الدستوري فقد أسباب وجوده ويسوء استخدامه وثبت الانحراف به وفشله.. لماذا لا يلغي حتي نتأكد ان جميع المواطنين المصريين رجالا ونساء عمالا وفلاحين ومهنيين وأصحاب أعمال وكل فئات المجتمع متساوون في الحقوق والواجبات، وبعدين ماذا لو أصبح كل أعضاء المجالس البرلمانية عمال وفلاحين أو فئات أو الجميع معا أو الغالبية من النساء ومتفرقش أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين المهم يكونوا مصريين. الطامة الكبري تؤكد ان السير علي طريق الفشل أريح وأسهل، يؤكد ذلك تكرار تجربة تعيين محافظ قبطي في قنا التي سبق أن عين فيها محافظ مسيحي، رغم فشل التجربة في هذه المحافظة تحديدا، فرفض أبناء قنا يرجع لعدة أسباب أهمها ان أهالي قنا مستاؤون من المحافظ الجديد رغم عدم معرفتهم به!! وانهم لم يلتقوا به من قبل!! إلا ان التجربة المريرة التي عاشوها مع المحافظ السابق هي التي أدت إلي ثورتهم ورفضهم للجديد، لأنهم لا يرغبون في تكرار التجربة التي كانت فاشلة! ويتساءل أبناء قنا.. لماذا قنا بالذات لتكرار التجربة؟.. هل أصبحت قنا كوتة؟! قنا تحديدا محافظة قبلية تعاني من احتقان طائفي منذ عهد المحافظ السابق بدليل وقوع مذبحة نجع حمادي ليلة عيد الميلاد، وما سبقها من أحداث مؤسفة، وإعادة التجربة زادت من الاحتقان أكثر فكان ما كان! وبعيدا عن هذه القضية فإن اختيار وتعيين المحافظين تحتاج إلي إعادة نظر وتقييم لوضع استراتيجية جديدة، ويجب ألا يكون اختيار المحافظ هو »مكافأة نهاية الخدمة« لبعض الأشخاص والمسئولين، فقد حان الوقت لكي نتحدث بصوت عال، فلا يجب أن يكون منصب المحافظ مكافأة لرجال المسئول فلان أو علان! نريد ضوابط ومعايير واضحة ومحددة لاختيار المحافظين والوزراء حتي لا نخلق مراكز قوي جديدة لأشخاص أو مسئولين جدد، وإلغاء تحديد كوتة المحافظين التي نسير عليها منذ سنوات طويلة حيث يتم تحديد عدد من المحافظات لرجال الشرطة وأخري للجيش وثالثة لأساتذة الجامعات ورابعة لرجال القضاء، قد يكون البعض منهم ناجحا ومتميزا في مجاله العملي بشكل رائع وربما يفشل الكثير منهم فشلا ذريعا أثناء جلوسه علي مقعد المحافظ، وربما تكون هذه الطريقة سبب بلاء وفساد المحليات الذي غطي الرؤوس! لماذا لا نفكر في إعطاء فرصة لتصعيد قيادات المحليات لاعتلاء مقعد المحافظ علي طريقة »أعط العيش لخبازينه؟!« ولدينا معاهد الإدارة المحلية ومراكز تدريب متعددة لتدريب هذه القيادات المخضرمة.. لماذا لا نختار من القيادات الناجحة بشكل واضح في عملها الجماهيري والتنموي أو من يكون لهم سابقة أعمال مشرفة ولديهم أفكار ورؤية لتطوير العمل في المحليات، أو نعلن عن شغل وظائف لمحافظين جدد لمدة محددة ونختار منهم من يصلح. بغض النظر عن كوتة مسلمي أو مسيحيي.. »ثورة 52 يناير عملها الشباب« مسلمون ومسيحيون مطلوب تفكير مختلف عما سبق وليس »فكر جديد« الذي أوصلنا إلي محيط الفساد والسقوط إلي الهاوية! نجح المجلس العسكري والحكومة الانتقالية في كسر كوتة »المقعد الوزاري العمالي« المخصص للقيادات النقابية العمالية، منذ أكثر من نصف قرن وهو مقعد وزير القوي العاملة، وتم شغل منصب وزير القوي العاملة لأول مرة من خارج »التنظيم النقابي« هذا المنصب من أخطر وأهم المناصب الوزارية، فهو يتعامل مع أغلي ما تملكه مصر من ثروات علي الاطلاق، وهي الثروة البشرية، فقد تم تعيين الدكتور أحمد البرعي وهو أستاذ قانون متخصص في التشريعات العمالية وتنمية الثروة البشرية وهو ليس غريبا أو بعيدا عن مشاكل العمال بل يعرف كل كبيرة وصغيرة في هذا الملف الخطير والمهم وله أفكار ومقترحات يمكن أن تغير خريطة وعائد الثروة البشرية في مصر. هذا المقعد كان مخصصا »كوتة« للعمال ولا يشترط فيمن يشغله أن يكون حاصلا علي مؤهل علمي أو حاصلا علي أي دراسات أو حتي يكون قد أخذ الاعدادية أو رجعها أو دبلوم.. استمرار هذا التخلف لشراء رضاء القيادات النقابية العمالية! حتي لو اتفقنا علي أن منصب الوزير سياسي، فللأسف فإن الأحزاب الموجودة علي الساحة لم تقدم للحياة السياسية أي قيادات تستطيع أن تشغل هذه المناصب المهمة والخطيرة، إنما الحال وصلت بنا إلي اعتلاء هذه المناصب عمال كل خبراتهم في تجميع الهتيفة وتنظيم المظاهرات لافساد المظاهرات المضادة، وحتي خبراتهم العملية والفنية تزيد علي الصفر قليلا لابتعادهم عن الصنعة! أتمني أن يكون التخلص من هذه الكوتة فاتحة خير للتخلص من كل أشكال الكوتات التي تضرب مبدأ المواطنة في مقتل وتؤخرنا سنوات وسنوات وتنتج لنا مشاكل وكوارث لا تعد ولا تحصي.. أليس كذلك!