أزمات متتالية، ومشاكل متعددة أصبحت تعاني منها الصادرات الزراعية، بعضها يرجع إلي ضعف الرقابة علي عمليات الحجر في المطارات والموانئ، وبعضها يرجع لأسباب سياسية تدفع ثمنها حركة الصادرات، وتصدر مصر محاصيل زراعية طازجة ومصنعة ومنتجات غذائية بما يقرب من 4.6 مليار دولار سنويا طبقا لإحصائيات عام 2016، ويشكل ذلك ما يقرب من 18 إلي 20 % من إجمالي حجم الصادرات المصرية. الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تؤكد أن الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية هذا العام زادت بمعدل 25% عن العام الماضي خاصة لمحاصيل البطاطس والموالح، وهو ما اعتبرته الوزارة مؤشرا جيدا لسمعة الحاصلات الزراعية المصرية في الخارج وجودتها، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك حيث أعلن عدد من الدول خلال الفترة الماضية وقف استيراد المنتجات والسلع الزراعية والحيوانية من مصر، وكان آخرها السودان التي قررت وقف استيراد كافة السلع والمنتجات الزراعية والحيوانية من مصر، وكذلك الكويت والتي أوقفت أيضا استيراد بعض الخضراوات والفاكهة المصرية، وتشمل البصل والجوافة والخس، معللة ذلك بارتفاع نسبة متبقيات المبيدات الحشرية فيها، علي الحدود المسموح بها، الواردة في المواصفات القياسية المعتمَدة، وأخيرا تم حظر دخول محصول الفروالة إلي السعودية. إجراءات رقابية أكد د. عبد المنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن حركة الصادرات الزراعية لم تتأثر كثيرا بقيام بعض الدول بتقليل معدلات الاستيراد، مشيرا إلي أن المنتجات الزراعية المصرية تتمتع بسمعة جيدة للغاية بالخارج وهو ما تؤكده الأرقام الرسمية الخاصة بطلبات الاستيراد من مصر. وأضاف أنه علي الرغم من ذلك فإنه تم خلال الأيام الماضية اعتماد شروط جديدة لتطبيق منظومة فحص ومتابعة الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة الطازجة، لحل مشاكل التصدير وزيادة قدرة مصر علي النفاذ للأسواق الدولية، والاستجابة لطلبات الدول الخارجية لضبط منظومة التصدير الزراعي، مضيفا أن الوزارة حريصة علي زيادة نسبة الصادرات الزراعية إلي الخارج، والحفاظ علي سمعة مصر التصديرية، بما يساهم في زيادة الدخل القومي لمصر، وتشجيع الاستثمار الزراعي. وأشار البنا إلي أنه من بين أهم الشروط الجديدة الخاصة بالتصدير أنه يتم أثناء الموسم التصديري أخذ عينات عشوائية من المزارع ومحطات ومراكز التعبئة للتحليل للتأكد من عدم استخدام مبيدات غير مصرح بها وأن نسب متبقيات المبيدات في حدود المسموح بها باعتبار أن هذه هي المشكلة الأبرز، . وأضاف أن الاشتراطات تتضمن أيضا أن يتوافر لدي المزرعة نظام للسجلات وقائمة بالمبيدات التي يتم استخدامها ومصدر الحصول عليها وأن تكون هذه المبيدات في اطار المبيدات المصرح باستخدامها. فيما قال د.صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة لشئون الخدمات الزراعية والمتابعة، إنه سيتم قريبا تفعيل الإدارة المركزية للرقابة علي المبيدات والأسمدة والمخصبات، والصادر بشأنها قرار وزاري قبل 9 أعوام، ولم يتم تفعيله رغم أهميته في الرقابة علي تداول مستلزمات التصدير ودورها في الحد من عمليات الغش أو سوء استخدام المبيدات، مشيرا إلي أن الوزارة بصدد إعداد قائمة سوداء للشركات التي تكررت مخالفاتها لضمان الالتزام بالمواصفات العالمية والحفاظ علي سمعة الصادرات الزراعية المصرية، بمشاركة جميع الجهات ذات الصلة. وأكد أن الحجر الزراعي يواجه تحديات كبيرة جدا. معوقات أساسية فيما أكد عبدالحميد الدمرداش، رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن الصادرات الزراعية برغم كل ما تعرضت له إلا أنها مازالت متماسكة وتزداد كل عام عما سبقه، مشيرا إلي أن هناك عددا من المعوقات التي تواجه عملية التصدير ومن بينها عدم وجود أسطول بحري يتولي عملية نقل البضائع المصرية إلي الخارج، وارتفاع تكلفة النقل عبر الطيران وهو ما يحتاج إلي إعادة النظر، كذلك لا يوجد أسطول بري وهو ما يجعلنا نعتمد بشكل أساسي علي السيارات السعودية والأردنية في النقل. وأوضح أن من بين المعوقات أيضا عدم التجديد في الأصناف التي يتم تصديرها، حيث إن كل العالم يبحث عن الجديد الآن، كذلك نحن نحتاج إلي منظومة جديدة للتعامل مع المصدرين الجدد من خلال عمل قواعد وسجلات مصدرين وملفات فنية ومعايير مختلفة وهو ما يتم العمل عليه حاليا. وأكد أن معظم الدول الأوروبية تقوم بإرسال تقارير شهرية للوزارة والمجلس التصديري للحاصلات الزراعية بمشكلات المحاصيل علي مدار الشهر وأسماء الشركات المخالفة ونسب متبقيات المبيدات الضارة حتي يتسني معاقبة كل الجهات المخالفة، مشيراً إلي أن الحديث عن ري المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي غير صحيح علي الإطلاق ويتسبب في مشكلات لمنتجاتنا بالخارج حيث تقوم بعض الدول بوقف الإستيراد لهذا السبب. وأكد أن لايمكن انكار وجود مشكلات في المنظومة لكن هناك خطوات جادة يتم العمل عليها من أجل فتح أسواق جديدة بالخارج كما حدث مؤخرا مع الصين حيث تم توقيع برتوكول لتصدير محصول العنب إليها. مناوشات سياسية ومن جانبه قال د.إمام الجمسي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، إنه لا يمكن إنكار أن السياسة أصبحت هي المتحكم الرئيسي في حركة الاقتصاد، وبالتالي فإن ما شهدته الصادرات الزراعية خلال الفترة الأخيرة جزء كبير منه »مناوشات سياسية»، مشيرا إلي أنه يجب العمل علي إيجاد أذرع قوية لمصر في الأسواق الدولية من خلال عمل شراكات مع تجار أجانب أو المصريين بالخارج لاستيراد وتسويق المنتجات المصرية هناك. وأوضح أنه يمكن التعامل مع بعض الدول بأسلوب الصفقات المتكافئة بمعني أن يتم تصدير حاصلات زراعية مقابل استيراد سلع أخري.