كل واحدة منهن نموذج مختلف تماما عن كثير من السيدات والرجال والشباب يقضون نهار رمضان نوما، ويسهرون ليله في المقاهي والكافيهات ومتابعة البرامج والمسلسلات علي الفضائيات،أما هي فتخرج من بيتها بعد صلاة الفجر تدعو الله أن يعينها علي صومها ويفتح لها أبواب رزقه وستره،وتتكل علي من لا معين غيره،و تخرج من بيتها وهي تحمل فوق رأسها ما لاتطيق،وتركب القطار وتأخذ مكانها في الأسواق ثم تعود إلي منزلها لإعداد وجبة الإفطار لعائلتها الصغيرة،وبمجرد أن تغفو تعود لتستيقظ من أجل تحضير وجبة السحور،وتخرج بعدها مع شروق الشمس لتبدأ من جديد نفس الرحلة. الحاجة فاطمة السيد تجاوز عمرها الخمسين عاما،ورغم ذلك لم تتخلف يوما في أي شهر عن الجلوس في موقعها داخل سوق المنيرة بمنطقة إمبابة،لبيع ماتيسر لها من بعض الخضراوات والفاكهة،كانت تحمي رأسها بورقة كرتون من أشعة الشمس الحارة،وتأتي الحاجة فاطمة يوميا إلي السوق من مركز البدرشين في رحلة تبدأ قبل الشروق بحيث تأخذ مكانها في السوق مبكرا،وعند العصر تلملم أشياءها وتبدأ رحلة العودة من أجل إعداد الإفطار لأبنائها الأربعة الذين تركهم زوجها أمانة بين يديها وفارق الدنيا ! أما حميدة عبد الرحمن وهي سيدة شابة عمرها 37 سنة،فتأتي من مركز الحوامدية، وتقول لنا :»علي الرغم من معاناتي وأنا صائمة من نار الشمس والإرهاق وعدم النوم الجيد،إلا أن شهر رمضان هو شهر الخير والبركات تباع فيه البضائع سريعا والرزق واسع»،وتشير إلي أنها تقوم بمساعدة زوجها العامل في إحدي الورش للإنفاق علي خمسة أبناء في مراحل التعليم المختلفة،فيما تأتي سعدية مصطفي 47 سنة إلي سوق المنيرة من مركز أبو النمرس، ورغم تأكيدها لنا بأن المشوار مرهق،ومجهد،ولكن الشعور بالرضا لم يفارقها يوما. وتقول: »أتعب قليلا وأنا صائمة لكن ربنا لطيف بنا وكرمه علينا واسع»،مؤكدة أن تحملهن العناء والمشقة من أجل توفير لقمة عيش بالحلال لاولادهن، تقول: »لدي 4 أولاد وأعمل منذ ان كان عمري34 عاما عقب سفر زوجي الذي سافر إلي ليبيا للعمل ولم يعد »،وتعترف بأنها تفقد أحيانا تركيزها وهي صائمة،ولكن القوة والصبر يأتيانها عندما تتذكر من ينتظر الرزق الذي ستعود به إليهم،وتلخص كل تلك المعاني آمال بكر الزوجة الثلاثينية الشابة فهي مثلهن تخرج من بيتها في قريتها الصغيرة المجاورة لمركز البدرشين إلي السوق وتقول :»أنسي تعب وإرهاق الصيام والعمل بمجرد الجلوس مع أبنائي الأربعة وزوجي لتناول وجبة الإفطار سويا بعد أن ينطلق أذان المغرب ويقول الله أكبر..الله أكبر».