.. لا استطيع أن أفهم لماذا شن الزميل الكبير طارق الشناوي كل هذا الهجوم علي فنان بقدر ومكانة وحجم وموهبة عبقري اللحن الأكبر في عالمنا العربي عمار الشريعي. فقد سن طارق قلمه وانهال علي تاريخ عمار قاصدا التشويه والتحقير من أفعاله وأعماله بحجة أن عمار الشريعي كان الملحن الأوحد لحفلات أكتوبر التي كان يشهدها الرئيس السابق ولأن طارق الشناوي زميل كبير وهو من بين قلة نادرة ممن يكتبون في عالم الفنون والأدب أحرص علي قراءة كل ما يكتب فإنني اود أن اعود بالذاكرة إلي تاريخ عمالقة كبار في دولة الفنون وعلي وجه التحديد السيدة أم كلثوم والفنان والموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب وكلاهما يا عم طارق غني للملك الزين فاروق أبو وردة علي الخدين ولكن هذا الأمر لم يمنع قادة ثورة يوليو وعلي رأسهم الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من أن يكرم أم كلثوم ويتقرب منها ويرفع من مقامها السامي لدرجة انها كانت صاحبة كلمة مسموعة في بر مصر أيام جمال عبدالناصر.. وعلي الرغم من كراهية الثورة للعصر الملكي ولشخص الملك فاروق ومحاولة محو تاريخه وحتي الأفلام التي انتجت في عهده كانت هناك دائما غلوشة ضوئية علي أي صورة تظهر للملك في هذه الأفلام.. أقول علي الرغم من كل هذه الكراهية وهذا البغض للعصر الملكي فإن جمال عبدالناصر كان يعلم تماما حجم الموهبة التي تسكن أم كلثوم وقيمة عبدالوهاب كفنان وملحن ومطرب ولذلك لم يهمش عبدالناصر دور أم كلثوم ولم يعاقبها أو يحاربها لأنها غنت للملك.. بل كان العكس هو الصحيح تماما ذلك لأن الفنان أي فنان هو زينة لعصره وهو شمعة تنير الطريق وتحترق من أجل اسعاد الملايين والحاكم أي حاكم يدرك أن عملية التقرب إلي الناس تحتاج أدوات من أخطرها علي الاطلاق هم أهل الفنون والجنون هؤلاء الذين انتخبهم الناس في زمان لم يكن لأحد الحق في انتخاب رئيس أو زعيم وقد عرف العالمون ببواطن الأمور كيف يستخدمون أهل الفن وعيد الفن من أجل اضفاء شعبية علي الرئيس كلما خبا نوره أو انطفأ ضوؤه وقد كان عمار الشريعي واحدا من هؤلاء النبهاء والنبغاء الذين ضمنوا الخلود بما قدموا من فنون فهم الأقوي والأبقي يأتي رئيس ويذهب ويأتي غيره ولكن ما يبهج القلب ويشرح الصدر وينير العقل فإنه يبقي ويدوم وهو لا يصيبه الفناء ولا يلحقه العدم بدليل ان أم كلثوم لاتزال باقية في دولة الطرب وكذلك الأمر بالنسبة لعبدالوهاب وايضا لفلتة عصره وزمانه وكل الأزمنة والأمكنة عبدالحليم حافظ وبالتأكيد يا عم طارق.. عمار الشريعي واحد من هؤلاء الذين توحدت حول موهبتهم أمة محمد وليس لأحد مهما طالت قامته أو عظم أمره أن يشكك في وطنية الشريعي أو انتمائه لتراب هذا الوطن وإلا فإن كل من صافح مبارك فهو خائن وكل من عمل إلي جانبه فهو عميل وكل من غني له فهو منافق وكل من اقترب منه شيطان آثم.. وأخيرا يا صديقي العزيز أود ان نتأمل في معني هذه الحكمة البليغة التي تقول.. إذا اشرت بأصبع الاتهام- السبابة- إلي أحدهم.. فانظر إلي أي اتجاه تشير بقية أصابعك.. وإذا بلغك المعني وأظنك كذلك.. فأرجو أن تتمهل قليلا قبل ان تطعن عمار الشريعي ومن هم في مقام عمار الشريعي نوارة عصرنا الذي كاد ان يكون عصرا عقيما لولا وجودهم معنا!!