قبل أيام من حلول شهر رمضان الكريم كالمعتاد انتابت الحيرة وتكررت الاسئلة التي تدور في اذهان المسلمين الذين يعيشون هنا في ألمانيا حول متي يجب ان نصوم..؟ وهل يجب ان يتبع المسلمون الدول التي انحدروا منها او يتبعون الجالية التركية وهي الجالية المسلمة الاكبر في البلاد ام يتبعون المملكة العربية السعودية كمرجعية للمسلمين.؟.. ومثار هذا الجدل ناجم عن الاختلافات التي تسود المراكز الاسلامية والمساجد فليس هناك كيان واحد يجمع الجميع وليس هناك إلزام لمسجد او اخر باتباع منهج معين طالما ان معظم المساجد عبارة عن مراكز او جمعيات قام بتأسيسها أفراد عبر جمع التبرعات او تلقي مساعدات. ويخضع كل مسجد من المساجد للجماعة التي تسيطر عليه في الادارة والائمة وكذلك من أين يأتي الجانب الاكبر من التبرعات التي يقوم عليها المسجد. أغلب المساجد في العاصمة الألمانية برلين اتفقت قبل عدة شهورعلي توحيد مواقيت الصلاة، وأصدرت بذلك بيانا ومنشورا يحدد مواقيت الصلاة فيما اعتبر خطوة هامة من جانب العديد من المسلمين نحو تحقيق الوحدة المنشودة في ألمانيا، واعتبروا ذلك مؤشرا لما يطالبون به منذ فترة، لكنهم لايعرفون تحديدا كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل التشرذم الواقع بين الدول العربية والذي يعكس بظلاله هنا علي الجاليات المختلفة. كما ان الحساسية بين الاتراك والعرب في المسائل الدينية مازالت قائمة. فالعرب لايقبلون ان تكون للاتراك الكلمة والارشاد لهم، كما ان الاتراك يدركون أنهم الجالية الاكبر والاكثر تنظيما ويرون أنهم الاحق بأن يتم اتباعهم. كما ان الجالية التركية التي تعتبر الأكثر تنظيما وتأثيرا في البلاد يأتي قرارها الخاص بالشئون الدينية من أنقرة، وهو مالا يعجب العرب ويرون في ذلك امرا غير مقبول. والجالية التركية منذ السبعينيات تعتمد علي الحسابات الفلكية وفق قرار صادر من انقرة. قبل رمضان بعدة ايام استضاف المركز الثقافي للحوار والتأهيل وهو من اكبر المراكز الاسلامية ندوة ضمت عددا من كبار العلماء العرب والاتراك بهدف توحيد رؤية المسلمين تحت عنوان »مسلموٌ أوروبا وأعيادهم الدينية بين الرؤية البصرية والحسابات الفلكية» تحدث فيها الدكتور القرة داغي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ خالد الحنفي عضو لجنة الفتوي بألمانيا، الدكتور حسين حلاوة الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وأجمعت كلماتهم علي ضرورة الوحدة بين المسلمين في اوروبا وفي المانيا، وخاصة في هذه الايام التي يواجه فيها المسلمون وضعا صعبا في ظل تنامي الحركات اليمينية. إلا ان الواقع يقول ان الوحدة لم تتحقق ايضا. حيث يتبي القائمون علي هذا المشروع الرأي القائل بأن الرؤية الفلكية هي التي يجب اتباعها في ألمانيا. الشيخ »خضر عبد المعطي، مدير مركز الرسالة، قال ان هناك اتفاقا شبه كامل بين المراكز العربية المعتدلة علي اتباع الاغلبية وهم الاتراك ومعهم في ذلك الباكستانيين والافغان، علي هذا الاساس فإن الصيام هذا العام وفق الحسابات الفلكية تقرر السبت منذ فترة طويلة، لكنه اشار إلي ان المساجد التي تتبع السلفية تصر علي الرؤية العينية حتي مع تعذر رؤية الهلال، وفي الغالب ينتظرون إعلان السعودية. الوضع في ألمانيا ازداد تعقيدا خاصة مع وصول عدد كبير من اللاجئين واغلبهم مسلمون من سوريا والعراق وافغانستان، الذين لا يعرفون سببا لهذا الاختلاف وهو مايشكل عبئا جديدا لم يكن في الحسبان بالنسبة لهم. فيقرر أغلبهم الصيام حسب الدولة التي قدم منها. الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين، عبد الصمد اليزيدي، يري ان في عدم الاتفاق علي يوم موحد للصيام يرجع إلي الاختلاف في اتباع المنهج، مشيرا إلي ان المجلس التنسيقي للمسلمين والذي يضم المؤسسات الإسلامية الكبري مثل الاتحاد التركي الإسلامي للشئون الدينية، رابطة المراكز الثقافية الإسلامية، والمجلس الإسلامي والمجلس الأعلي للمسلمين في ألمانيا يتبعون الرأي الفقهي الذي يجيز اتباع الحسابات الفلكية وبالتالي حسم بداية الشهور القمرية قبل دخولها. لكن في نفس الوقت تتبني مؤسسات إسلامية أخري، الرأي الفقهي الذي يعتمد علي الرؤيا العينية، وفق ما نقلته عنه تقارير محلية. في تفسيره لاسباب اعتماد المجلس الأعلي للمسلمين في ألمانيا علي الحسابات الفلكية، قال انه هدفه مساعدة المسلمين في ألمانيا علي وضع الترتيبات المسبقة للعطل والأعياد، وأيضا من أجل الدفع بالمؤسسات التعليمية لإلغاء الامتحانات اذا تصادفت مع وجود مناسبة دينية في ذلك اليوم حتي يتم السماح للتلاميذ والطلبة بالاحتفال. ويشير اليزيدي إلي ان هذه السنة، لن يكون هناك خلاف، ليس لأن المجموعتين اتفقتا، ولكن لأنه تعذرت رؤية الهلال يوم الخميس 25 مايو، وبالتالي ستكون إرادة الله أن يصوم المسلمون في ألمانيا السبت 27 مايو.