المدينة مزودة ب 3 شبكات للصرف الصحي والصناعي ومحطة للغاز الطبيعي صناعة الجلود في مصر احدي الصناعات العريقة التي تميزت بها أرض الكنانة.. إلا أن هذه الصناعة تعرضت للضرب في مقتل خلال السنوات الماضية بعد الغزو الصيني من منتجات الجلود وفتح باب الاستيراد واقبال المواطن علي المستورد نظرا لانخفاض سعره.. ولكن هناك توجها جديدا في الدولة للحفاظ علي الصناعات العريقة وبالاخص صناعة الجلود وهو ما اتضح في تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي أول أمس أثناء افتتاحه مدينة دمياط للأثاث حيث أكد ان الدولة ستتحمل تكلفة نقل المدابغ من منطقة سور مجري العيون إلي منطقة الروبيكي بمدينة بدر الصناعية.. الأمر الذي سيوفر الكثير علي عاتقي من يقومون بصناعة الجلود في مصر خاصة ان الروبيكي مجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا وشبكات الصرف الصحي والصناعي والغاز الطبيعي وهو ما يعد عاملا لاحياء صناعة الجلود مرة أخري.. »الأخبار» أمضت يوما في المدينة الجديدة للجلود وترصد ملامحها في السطور القادمة. بمجرد أن تطأ قدمك أرض المدينة تجد أمامك بوابة ضخمة مكتوب عليها »الروبيكي مدينة الجلود المصرية» لتقف أمام هذا العنوان وتستشعر أهمية هذا المكان الذي يهدف إلي مد يد العون إلي كافة صناع المهنة بداية من أصغر عامل بها وصولا لأكبر أصحاب المدابغ، فالصورة الذهنية التي ظلت محفورة في الأذهان لسنوات بسبب الورش البدائية وطرق الصناعة التقليدية التي لطالما استخدمت في منطقة سور مجري العيون لعدة سنوات الأمر يتبدل تماما بمجرد وصولك إلي هناك، فعلي مساحة 516 فدانا تجد مدينة متكاملة يقوم العاملون بها بالعمل علي قدما وساق استعدادا لاستقبال أصحاب الورش والمدابغ في غضون الشهور القادمة، كما تم تخصيص 830 فداناً لإقامة غابة شجرية وفقاً للمعايير البيئية والعالمية. منظومة كاملة تشبه خلية النحل تعمل ليلا ونهارا للانتهاء من المرحلة الأولي المنتظر افتتاحها خلال الفترة القادمة، العمال واللوادر منتشرون في كافة أرجاء المشروع، الجميع يقوم بدوره علي أكمل وجه لتسطع المدينة كما تم التخطيط لها. ورش عملاقة تم تنفيذها علي أحدث طراز للمدن الصناعية المتطورة وبمواصفات عالمية، أسقف عالية وأحدث أجهزة إضاءة، مساحات خضراء واسعة أمام كل مدبغة، مجمع خدمي للعاملين بالمدينة، كافة المرافق من مياه وكهرباء وغاز تم توفيرها لكل مصنع لتصبح الوحدات جاهزة تنتظر تركيب الماكينات.. تصميم المشروع استقبلنا العميد مهندس مسعد عبد الفتاح عبد العال نائب مدير مشروع الروبيكي وأكد في بداية حديثه أن إنجاز المشروع يتم بشكل سريع ومنظم، حيث تبنت وزارة الصناعة والتجارة عمليات نقل معدات الدباغين إلي الورش التي تم تخصيصها لهم في المدينة، وإجراء عمليات توصيل المرافق الكهرباء والمياه والمصارف الخاصة بكل ماكينة حسب طريقة وأسلوب عملها. موضحا أن الشركة الإيطالية التي صممت المشروع تم اختيارها بعناية من بين العديد من الشركات، وتم توقيع بروتوكول تعاون بين الشركة ووزارة التجارة والصناعة لإنشاء الورش والمصانع علي الطراز الإيطالي، كما تم تصميم المصانع والورش بمساحات مختلفه ذات توسع أفقي والتي تتراوح بين 6500 متر، 5300 متر، و480 متراً، بالإضافة إلي وجود 84 محلاً تجارياً بمساحات متفاوتة سيتم طرحها في مزاد علني لتصبح مجمعاً خدمياً للعاملين بالمدينة. 3 شبكات صرف قال إن كل مدبغة مزودة ب 3 شبكات صرف للمياه، منها مصرف صحي، وهناك مصرف خاص بصرف الأملاح الناتجة عن عمليات الدباغة، ومصرف أخير مخصص لمادة الكروم، وهي المادة الأساسية التي تستخدم في عملية دباغة الجلد، كما تم إنشاء مدافن صحية للتخلص من بقايا الجلود المستخدمة في عملية الدباغة مع مراعاة المعايير الصحية والبيئية، فيما تم تخصيص مساحة 830 فداناً لزراعة الأشجار يتم ريها من مياه الصرف، بالإضافة لإنشاء محطة غاز وتجهيز عدد كبير من المحولات الكهربائية لتوفير جميع احتياجات الدباغين. وعن دعم صناعات الجلود الصغيرة، قال نائب مدير مشروع الروبيكي إن هناك مراحل إنتاجية تم تخصيصها لأصحاب المدابغ الصغيرة ومتناهية الصغر لمساعدتهم في إخراج المنتج النهائي عن طريق تقديم الدعم الفني والتدريب لكافة العمال، وذلك سيتحقق من خلال تشغيل مركز التدريب التكنولوجي الخاص بالمدينة. وأضاف أن وزارة الصناعة والتجارة تقوم الآن بنقل الدباغين علي عدة مراحل فالمرحلة الأولي سيتم نقل 10 مستثمرين من أصحاب المدابغ والتي تتسع ورشهم لمساحة 55 ألف متر مربع وهو ما يقرب من ثلثي مساحة المدابغ الموجودة بالمدينة ، ويتم نقل معداتهم ووضعها بالأماكن المخصصة لها بالورش وتوصيل كافة المرافق لها من كهرباء ومياه وغاز، موضحاً أن هناك استحسانا كبيرا من جهة المستثمرين أو أصحاب المدابغ الذين وجدوا في مدينة الروبيكي الجلود بيئة جديدة ونظيفة خالية من التلوث الذي طالما عانوا منه لسنوات كثيرة في سور مجري العيون.. وأشار أن الاتفاق الذي تم بين الدولة وأصحاب المدابغ أن يتم تخصيص ورش جديدة لهم مقابل الورش القديمة بسور مجري العيون دون دفع أي مبالغ أو رسوم، ولكن ستتم محاسبتهم علي استهلاك الكهرباء والغاز والمياه من قبل محافظة القاهرة المسئولة عن مرافق المدينة، كما تبنت المحافظة توفير مناطق سكنية للعاملين بمدينة الروبيكي وفقا للبروتوكول الموقع بين وزارة الصناعة والتجارة ومحافظة القاهرة وتوفير خطوط مواصلات ثابتة. وأثناء جولتنا بالمدينة قمنا بزيارة إحدي المدابغ تحت التجهيز والتي يمتلكها محمد البرديسي والذي أعرب عن سعادته بهذا المشروع وعن المساحة الواسعة التي تتمتع بها ورشته الجديدة، أملاً أن تكون بداية طريق جديد لتطوير الصناعة والتوسع في مشروعه الذي طالما حلم بالارتقاء به.. وطالب البرديسي محافظة القاهرة بسرعة توفير وسائل النقل والمواصلات بالمدينة لأنه يقوم حالياً بنقل عماله بسيارته الخاصة. ارتقاء بالصناعة ويقول محمود حمدي حرب صاحب مدبغة إن صناعة الجلود في مصر كانت في حاجة إلي هذه الخطوة المهمة والقوية التي ستقفز بصناعة الجلود المصرية للمنافسة في الأسواق العالمية حيث إن المدابغ القديمة بسور مجري العيون كانت تفتقد للكثير من مقاييس العلم والتكنولوجيا، بل كانت تقام هناك منذ عشرات السنين علي الحرفة اليدوية التي تتناقلها الأجيال وسط ظروف بيئية وسكنية وصحية غير ملائمة وغير جيدة لهذه الصناعة، وهو ما كان يؤثر سلبا علي المنتج النهائي، وكان يجعلنا نقوم بتصدير الجلود..وأكد أن مدينة الجلود الجديدة ستحقق ما كان يحلم به ويراه في إيطاليا وهو إنتاج الجلود حتي المرحلة الأخيرة والخروج بمنتج نهائي مصري ذي جودة عالية علي عكس ما كان يحدث سابقاً حيث كان يتم إجراء مرحلتين فقط في صناعة الجلود داخل مصر ويتم تصديره لإتمام باقي المراحل في الخارج واستيراده مرة أخري، مشيراً أن المنتجات التي ستخرج من الروبيكي سيطبق عليها ضريبة القيمة المضافة ليحقق عائداً قوميا كبيراً يساهم في الناتج القومي. ومن جانبه أوضح المهندس هيثم غنيم صاحب إحدي شركات المقاولات الخاصة بإنجاز عدد من المصانع بالروبيكي، أن المدينة تعتبر نقطة انطلاقة كبيرة في مجال صناعة الجلود في مصر، وأن الهيئة المسئولة عن المدينة قامت بإسناد عدد من المصانع إلي عدة شركات للمقاولات لتجهيزها وتوفير كافة سبل الإنتاج المطلوبة للعملية الإنتاجية، حيث يتم توصيل الماكينات وتركيب كافة المعدات، بالإضافة إلي عمل التوصيلات اللازمة بالورشة، وتهيئة الورشة لاستقبال كافة المعدات والأماكن المخصصة لها، ويتم التنسيق بين أكثر من شركة مقاولات والتي تسعي كل منها لإنجاز العمل المطلوب في أقل وقت ممكن. انتقال اختياري ويوضح محمد حربي رئيس غرفة دباغة الجلود أنه سيتم نقل أصحاب الورش والمصانع المتواجدين في سور مجري العيون إلي منطقة الروبيكي علي دفعات، وأشار إلي أن كلا منهم سيتسلم نفس مساحة المصنع أو الورشة التي كان يملكها أو يستأجرها ، كما سيتم تمليكهم أماكنهم الجديدة، حتي لو كانت القديمة مجرد إيجار أو حق انتفاع.. ويوضح أن غير الراغبين في الانتقال إلي الروبيكي لديهم خيار الحصول علي التعويض المالي واعتزال النشاط الصناعي، وقد قام بذلك حوالي 40% منهم، وتبلغ قيمة التعويض 2310 جنيهات للمتر، ولا يتم خصم ضرائب أو تأمينات أو مياه أو كهرباء من قيمة التعويض..ويضيف حربي أن الرئيس السيسي كان قد أمر ببناء مصنع نموذجي مجهز بأحدث الماكينات الإيطالية علي مستوي العالم، حتي يتمكن من يريد التصنيع بتكنولوجيا وجودة متطورة ولا يملك فعل ذلك من تنفيذ هدفه في هذا المصنع المتطور، مقابل مبلغ زهيد للعمالة التي تقوم بالتنفيذ.. كما وجه الرئيس باستقدام أفضل معمل من اليابان ليتم اختبار عينات الجلود التي يتم تصديرها، حيث إن 90% من الجلود تصدر للخارج. المنتجات المستوردة ويؤكد جمال السمالوطي رئيس غرفة صناعة الجلود أن المنتج المصري بعيد عن المنافسة منذ فترة، ويضيف أن بعض المنتجات المستوردة مهربة والبعض الآخر بأسعار متدنية، مما أدي إلي لجوء المواطنين إليها، وهو الأمر الذي تم تقنينه بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 43 لسنة 2016، حيث ألزم المستورد بتسجيل المصانع التي يتعامل معها في الخارج، مما أدي إلي الحد من الاستيراد، وأعطي بصيصا من الأمل للصناعة المحلية، لأن معظم المستوردين كانوا يتعاملون مع مكاتب وسيطة وليس المصانع نفسها، ويشير إلي أن أكبر دليل علي تراجع الاستيراد هو الاحصائيات، حيث إن عدد الأحذية المستوردة كان يبلغ 145 مليون زوج حذاء، لكنه تراجع في 2016 إلي أقل من 60 مليونا. ويتطرق السمالوطي لأسباب إقبال التجار علي الاستيراد أكثر من المنتج المحلي، فيشير إلي أن أبرزها وجود أعباء علي المصنع لا يتحملها المستورد مثل العمالة والضرائب والتأمينات، لكن بعد فرض بعض الأعباء علي المستوردين مثل دخول المنتجات بالسعر العادل وفرض الضرائب والقيمة الجمركية المناسبة، أصبح المناخ يسمح بالمنافسة، ويري أن الوصول لهذا التنافس لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تطوير الصناعة. ويشير أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة إلي أن معظم الجلود التي يتم استيرادها من الخارج صناعية، لقلة أسعارها وثبات ألوانها وجودتها العالية، كما أن الجلود الصناعية لا يتم تصنيعها في مصر، أما بالنسبة للجلد الطبيعي فيتم استيراده بنسبة بسيطة، بهدف البحث عن خامة مختلفة، خاصة أن صناعة الجلود في مصر تعتبر صناعة ضعيفة ونمطية ولا يتم تطويرها..ويؤكد أن الاستيراد لابد منه، وبدونه لا توجد صناعة من الأساس.