لجنة المنشآت في جامعة بنها تتابع معدلات تنفيذ المشروعات الحالية    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    البنك التجاري الدولي صاحب أكبر وزن نسبي في مؤشر «التقلبات السعرية الأقل» الجديد    البورصة تعلن أسماء الشركات المنضمة لمؤشر "EGX35-LV" الجديد    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بالقاهرة الجديدة    ماليزيا: لا تهديد بحدوث تسونامي بعد زلزال روسيا    زيارة تبون لإيطاليا.. اتفاقيات مع روما وانزعاج في باريس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فحوى رسالة " الحية" !?    في حوار خاص ل"الفجر الرياضي".. مكتشف كاظم إبراهيما: شوقي حسم الصفقة ووليد رشحه لريبيرو    صلاح أساسيًا.. سلوت يعلن تشكيل ليفربول لمواجهة يوكوهاما مارينوس وديًا    القبض على 5 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار في القاهرة    حالة الطقس اليوم الاربعاء 30-7-2025 في محافظة قنا    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    برابط التقديم.. إنشاء أول مدرسة تكنولوجية متخصصة بالغردقة (تفاصيل)    «سلم على كل الغاليين».. رانيا محمود ياسين تودع لطفي لبيب    لمسات فنية لريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقي العربية ترتدي قفاز الإجادة بإستاد الأسكندرية    الرعاية الصحية تطلق مشروع رعايتك في بيتك لتقديم خدمة طبية متكاملة داخل المنازل    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    3 جثث لفتيات و12 مصاباً آخرين حصيلة انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    تجدد أزمة حارس باريس سان جيرمان    تعليم الفيوم تعلن عن مسابقة لشغل الوظائف القيادية من بين العاملين بها    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    براتب 550 دينار .. العمل تعلن عن 4 وظائف في الأردن    محافظ أسوان يوجه بسرعة الإنتهاء من مبنى قسم الغسيل الكلوى بمستشفى كوم أمبو    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    وزير الخارجية: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري وإسرائيل تغلق جانبه الفلسطيني    إصابة طفل تعرض لعقر كلب فى مدينة الشيخ زايد    المجلس القومي للطفولة والأمومة: نؤكد التزامنا بحماية أطفالنا من كافة أشكال الاستغلال والانتهاك    وزارة الصحة تشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المناخ والصحة 2025 بالبرازيل    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هل اجتمع الجنايني مع عبد القادر لإقناعه اللعب للزمالك؟    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    هنا الزاهد: حسيت إني بعيش فيلم ريستارت بعد اللي حصل في مصر (فيديو)    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    "من المطار إلى الكفالة".. القصة الكاملة لأزمة القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    «مش كل حريف أسطورة».. تعليق مثير من محمد العدل على تصريحات عمرو الجنايني بسبب شيكابالا    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    الدكتورة ميرفت السيد: مستشفيات الأمانة جاهزة لتطبيق التأمين الصحي الشامل فور اعتماد "Gahar"    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان ماسبيرو حائرون بين بدائل التطوير المقترحة من الحكومة

رغم المحاولات الحكومية الجادة لإيجاد حل مرضٍي لسكان مثلث ماسبيرو.. تمهيدا لتطوير المنطقة التي تحتل موقعا متميزا علي شاطئ النيل.. إلا أن خلف تلك المحاولات يعيش السكان حالة من القلق والتردد وعدم القدرة علي اتخاذ القرار المناسب وسط الخيارات التي طرحتها الحكومة كبدائل لهم. »الأخبار»‬ غاصت في نفوس هؤلاء البسطاء للتعرف علي ما يجول في أفكارهم ويختلج في صدورهم.
حكايات إنسانية مؤثرة لأناس وجدوا أنفسهم فجأة أمام خيارات أحلاها مر. فهذه الحاجة سعدية قطب تستيقظ كل يوم من نومها في تمام الساعة السابعة صباحا.. اعتادت أن تصحو في ذلك الوقت منذ ما يقرب من 40 عاما.. تخرج من حارتها الضيقة في مثلث ماسبيرو سعيا للرزق فهي تعمل خادمة في الشركات أحيانا.. وأحيانا أخري تقوم بتنظيف البيوت ولكن بعد أن بدأت تبلغ من العمر أرذله اضطرت في النهاية أن تستسلم للراحة الجبرية معتمدة في قوتها علي مصدرين هما 300 جنيه تحصل عليها من الشئون الاجتماعية بوزارة التأمينات والمصدر الآخر هي مساعدات أهل الخير.. ثم تعود مرة أخري إلي غرفتها الموجودة بساحة صغيرة بجانب 3 غرف أخري يشتركون في مطبخ واحد ودورة مياه واحدة لا تليق بأي إنسان.. تعود إلي غرفتها تنظر إلي بقايا المرآة المعلقة علي حائط اختفت معالمه بين ذلك النمل الأبيض الذي أكلها وبين عوامل الصيف والشتاء التي أضاعت لون ومعالم الحائط تنظر فتجد أمامها كل تلك التجاعيد التي خلفها زمن نسيت فيه هي ومثيلاتها.. وينتهي يومها الطويل وهي تحلم بأنه إذا خرجت من غرفتها الضيقة بحارتها الصغيرة بمثلث ماسبيرو إلي حي الأسمرات كما وعدتهم الحكومة بأن تتملك الشقة التي ستتسلمها بدلا من أن تدفع لها إيجارا 300 جنيه لأنها لن تستطيع أن تدفع لأن كل ما تحصل عليه من الشئون هو مبلغ 300 جنيه فقط.
في منزل عم سيد القديم بأحد الشوارع الضيقة.. سلالم متهالكة وحوائط متشققة وسقفه بالكاد يصارع عوامل الزمن، ووسط أكوام القمامة وفي أحد تلك الأدوار كانت شقة عم سيد التي يعيش فيها هو وزوجته وأبناؤهما الأربعة، قال عم سيد إنه ورث العيش في هذا المكان من الآباء والأجداد، ويصعب عليه التفكير في المعيشة في مكان آخر، فهو يشعر أنه سينتقل لعالم مجهول يصعب التأقلم فيه ومع جيرانه وأصدقائه وأقاربه هناك، كما أنه يشعر بعدم الثقة في البدائل التي طرحتها الحكومة علي قاطني ماسبيرو، كما أن الإيجارات تعتبر غالية الثمن علي الغالبية العظمي من مواطني المنطقة حيث إن بعضهم يعمل أرزقية باليومية وجنيهات قليلة تكفي قوت يومهم، بينما البعض الآخر يبحث دائما عن لقمة العيش لكسب الرزق في مناطق قريبة من منطقة وسط البلد مكان سكنهم، لتوفير الأموال التي تصرف علي وسائل المواصلات.
الخوف من المستقبل
وفي نظرة يملؤها الخوف من المستقبل والأيام القليلة القادمة وضع يديه علي كتف نجله الأكبر الذي يسعي ليلا ونهارا لكسب قوت يومه ليتمكن من إتمام زواجه في عيد الفطر، والذي قال إنه يعاني يوميا من غلاء الأسعار ولا يدري ماذا سيفعل بعد أن يكون له منزل وأولاد، كما أن نقل مواطني ماسبيرو لن يجعله يستطيع توفير كافة احتياجات المنزل، لأن الإيجارات بحي الأسمرات ستكون باهظة الثمن، وعمله في مدينة السادس من أكتوبر وبالكاد يتمكن من توفير مبلغ من المال للاستعداد لزواجه، ولكن إذا تم النقل وأضفنا مصاريف المواصلات والكهرباء واحتياجات أسرته فسنجدها تزيد عن راتبه الشهري الذي يصيبه مرض الضمور الجبري نتيجة الارتفاع الجنوني في تكاليف الزواج من إيجارات شقق أو توضيبات أو عفش وما إلي ذلك مما يتطلبه كل شاب في مقتبل حياته الجديدة.
التأقلم بالأسمرات
أما شقيقه عباس الذي لا يتجاوز عمره ال28 عاماً فإنه يخشي المجهول بعد الانتقال من المنطقة التي تربي بها منذ الصغر، كما أنه يعمل بورشة والده لمساعدته في إنجاز المهام اليومية بالورشة بالإضافة إلي توفير جزء من يوميته لتدبير مصروفاته اليومية، وقال إنه لا يدري كيف سيتمكن من التأقلم في الأسمرات والتي تعتبر مدينة سكنية في الصحراء الجرداء، حيث إن المعيشة في وسط البلد لها امتيازات كثيرة فهو يذهب لعمله سيرا علي الأقدام بشكل يومي، ولا يعلم إذا كان سيتمكن من الحصول علي فرصة عمل جيدة هناك أم لا وإذا لم يحدث ذلك كيف سيتغلب علي غلاء مصاريف المواصلات في الذهاب والإياب إلي عمله في وسط البلد يوميا.
أما زوجة الحاج سيد ونجلته التي قاربت علي الدخول بالمرحلة الثانوية فأعربتا عن قلقهما من الأيام القادمة وأنهما تخشيان ألا تجدا الراحة والأمان اللذين تتمتعان بهما في منطقة ماسبيرو، حيث قالت الزوجة إنها لا تقلق أثناء خروج نجلتها من المنزل لأن جميع الجيران من الأهل والأقارب والأصدقاء، لذلك لا يجرؤ أحد من التعرض لها، بينما الانتقال إلي مكان جديد سوف يسرب القلق والخوف إلي قلبها في كل مرة يخرج زوجها وأولادها من المنزل، وهو ما يجعلها ترفض الانتقال من المكان الذي ورثوه أباً عن جد.
وأشار سيد في نهاية حديثه معنا أن المحافظة لابد أن يكون لديها مصداقية مع أهالي ماسبيرو وأن يتم النقل علي مراحل، كما أنه يطالب بأن يتم تمليك الشقق للسكان وليس الإيجار لكي يتحقق مبدأ الاستقرار بالنسبة لهم ولكي يتمكنوا من تدبير أحوال معيشتهم.
ومن بين جحافل القاطنين بين طيات ذلك المثلث المرعب.. وقف هذا الرجل صاحب الوجه الشاحب والذي اخفت التجاعيد معالم وجهه .. وقف الحاج حسن رشدي يتكئ علي عصاه الخشبية التي أكلها السوس محاولا توصيل كلماته إلينا من خلال صوته الواهن بين زحام أبناء المنطقة الذين تجمعوا حولنا ليحددوا مطالبهم للموافقة علي الانتقال للأسمرات من عدمه.. اقترب بخطوات بطيئة أظهرت إعاقة في قدمه اليسري.. وقال إن كل دخله يتمثل في 360 جنيهاً فقط يتقاضاها من الشئون الاجتماعية.. متسائلا كيف أدفع منها 300 إيجار وأعيش باقي الشهر ب 60 جنيها فقط ؟.. وطالب الحاج حسن بأنه يمتلك الشقة التي سيذهب إليها في الأسمرات لأنه لا يستطيع أن يدفع إيجارها والذي يعتبر باهظا بالنسبة له وذلك إذا أرادت الحكومة أن يترك منزله الذي نشأ وتربي فيه منذ صغره والذي يقع في وسط البلد فهو قريب من كل المناطق والمؤسسات علي حد قوله .
حل المشاكل
وعلي أبواب دكان صغير وقديم وضع رشاد عادل كرسياً خشبياً جلس عليه وافترش أركانه الضيقة ببضائع بسيطة يبيعها لينفق من خلالها قوته الضعيف علي زوجته وأبنائه الصغار الذين هم في مراحل التعليم المختلفة.. قال رشاد إنه نشأ في تلك المنطقة وأن أبناءه أيضا ولدوا بين حواري مثلث ماسبيرو.. وأضاف أنه لن يستطيع أن يدفع إيجار الشقة التي تريد الدولة أن تنقله إليها في الأسمرات وليس لهذه المنطقة وسائل مواصلات سهلة وقريبة وستكون الحياه هناك صعبة للغاية.. لذلك قرر رشاد أنه لن ينتقل من منطقته إلا بعد أن تحل الدولة تلك المشاكل من خلال توفير وسائل المواصلات ونشر الأمن في المناطق النائية التي سينتقلون إليها بالإضافة إلي امتلاك الوحدات السكنية التي سيعيشون فيها لأنه غير قادر علي دفع الإيجار الذي حددته الدولة ب 300 جنيه شهريا.
وأمام باب خشبي لبناية ظهرت عليها علامات القدم وداخلها 6 غرف يشتركون في مطبخ واحد ودورة مياه واحدة.. وقفت جمالات سيد تتحدث بكلمات غير مفهومة نظرا لإصابتها بمرض قديم أثر علي أسلوبها وهي تحاول إظهار ما بداخلها.. ومن إحدي جاراتها التي بدأت توضح الكلمات غير المفهومة قالت إن جمالات تحصل علي 400 جنيه فقط من التضامن الاجتماعي ولديها بنت فرحها علي الأبواب وليس لديها من الأموال لتشتري لها جهازها.. وأوضحت تلك السيدة التي توضح كلمات جمالات أنها تخشي أن تتنازل عن غرفتها وتذهب إلي الأسمرات لأنها لن تستطيع أن تدفع 300 جنيه إيجارا لتلك الوحدة السكنية التي ستنتقل إليها وتعيش ب 100 جنيه فقط إلا إذا تملكت الشقة التي ستنتقل إليها.
وفي أحد الأزقة بحواري ماسبيرو الضيقة وجدنا عم صبحي، الرجل الذي بلغ من العمر أرذله، كان واقفا أمام بعض الأطباق والأواني التي ظهر عليها عوامل الزمن، ويستند علي عصاه التي أكل منها الدهر وشرب، يقوم بطهي أطباق المكرونة لأهالي المنطقة ويقف حوله الصبية الذين يقومون بشراء عدد من الأطباق لذويهم أو أصحاب الورش التي يعملون بها.
فيقول إنه ليس لديه باب رزق غير هذه الأطباق التي اشتهر بعملها منذ عشرات السنين ومنذ أن فقد ذراعه اليمني وهو لا يجد ما يتمكن من إنجازه سوي طبخ المكرونة ووضع الصلصة عليها، ويحاول التجديد من طعمها للتنويع وكسب زبائن أكثر بوضع بعض التوابل والخضار عليها، لكي يطلبها زبائنه بشكل مستمر وبذلك يتمكن من تدبير أحوال معيشته هو ونجلته الوحيدة التي تعيش معه في نفس الحجرة وتحاول أن تجد فرصة عمل لتساعده وتسقط عن كاهله مصاريف جهازها وتدبير أحوالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.