لا شيء يشغل بال المواطنين الآن إلا الارتفاع الكبير غير المبرر لأسعار الأسماك، حيث شهدت الفترة الماضية وصول سعر كيلو سمك البلطي إلي 35 جنيها، فيما تخطي سعر كيلو البوري ال 60 جنيها، وهي الأسماك التي يعتمد هليها المصريون بشدة بسبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والدواجن. الدولة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الارتفاع في الأسعار، والذي أرجعه كثير من الخبراء إلي زيادة معدلات تصدير الأسماك، حيث تحركت في عدة اتجاهات أولها كان توقيع بروتوكول تعاون بين وزارتي الزراعة والتموين، لتوفير الأسماك في الأسواق المحلية عن طريق منافذ ومجمعات وزارة التموين بأسعار مناسبة، كما تم الاتفاق علي وضع ضوابط للحد من تصدير الأسماك للخارج والتي تسببت في رفع أسعارها خلال الأيام الماضية، ولم يكن هذا هو الإجراء الوحيد بل أصدر المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قراراً بفرض رسم صادر علي صادرات الأسماك الطازجة والمبردة والمجمدة بواقع 12 ألف جنيه للطن، وذلك لمدة 4 أشهر، حيث نص القرار علي عدم سريان هذا الرسم علي الأسماك المصنعة مثل المدخنة أو المعلبة، وكذا الرسائل المصدرة من الأسماك إلي دول الاتحاد الأوروبي نظراً لوجود قواعد منظمة للتصدير لتلك الأسواق. ورغم هذه المحاولات الحكومية لتوفير هذا البروتين بأسعار معقولة للمواطنين، يبقي التساؤل لماذا لا تحظي الثروة السمكية في مصر بالاهتمام الكافي رغم وجود مساحات شاسعة من المسطحات المائية التي تتجاوز 13 مليون فدان، ورغم ذلك يبلغ الإنتاج الكلي لمصر من الأسماك، وفقا لأحدث تقارير وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حوالي مليون و640 ألف طن، منها مليون و200 ألف طن من إنتاج الاستزراع السمكي، فيما يصل إجمالي إنتاج نهر النيل والترع والمصارف من الأسماك إلي 400 ألف طن، في حين تستورد مصر 300 ألف طن من الخارج لتلبية الاحتياجات من الأسماك. خطة التنمية في البداية قالت د.مني محرز، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي لشئون الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، إن الوزارة لديها خطة لتنمية الثروة السمكية وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، وعلاج كافة المشاكل التي تواجه هذا القطاع الحيوي، مشيرة إلي ضرورة عمل خريطة صنفية للأسماك، يستفيد منها راغبو الاستثمار في مجال الاستزراع السمكي في مصر، بحيث توضح تلك الخريطة الأماكن الصالحة للاستزراع، ونوعيات وأصناف الأسماك التي تصلح لتلك الأماكن. وأكدت أن هذه الخطة تستهدف النهوض بالإنتاج ل2.2 مليون طن سنويًا خلال الأعوام الخمسة المقبلة من أجل زيادة إنتاج الثروة السمكية لسد الفجوة، مشيرة إلي أنه سيتم التوسع في إنشاء المفرخات البحرية للقضاء علي صيد الزريعة للنهوض بالأسماك، بالإضافة إلي إنشاء مزارع سمكية مكثفة لزيادة الإنتاجية من المياه العذبة، والاستمرار في تطوير البحيرات الشمالية والعمل علي حل كل المشاكل التي تواجهها، واستكمال الأعمال الهندسية والصناعية اللازمة للتنمية في إطار الخطة القومية لتطوير البحيرات في مصر. كما تشمل الخطة أيضا تنمية المصادر الطبيعية والنهوض بالاستزراع السمكي البحري، وتجريم الحرف المخالفة ومنع صيد الزريعة والصيد في المياه الضحلة وأمام بواغيز البحيرات الشمالية، للحفاظ علي المرابي الطبيعية لصغار الأسماك والمخزون السمكي. القطاع الخاص فيما قال د.خالد الحسني، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، إن القطاع الخاص هو عصب أي تنمية حقيقية، وبالتالي سيتم العمل علي مشاركة القطاع الخاص بقوة في مشروعات الاستزراع السمكي خلال الفترة المقبلة، كما سيتم اختصار إجراءات الحصول علي التراخيص اللازمة لإقامة المشروعات في هذا المجال من أجل تشجيع المستثمرين علي العمل والإنتاج في هذا القطاع. وأضاف أنه ستتم إزالة كافة أشكال التعديات علي البحيرات الشمالية والعمل علي تقليل معدلات تلوث مياه الصيد في هذه المناطق وخاصة بحيرة المنزلة، نظرا لأنها أكثر البحيرات تصب فيها مياه الصرف الصحي والصناعي، مشيرا إلي أنه يتم حاليًا تحديث خرائط التصوير الجوي لبحيرة المنزلة والبرلس وإدكو ومريوط وقارون، لتحديد المساحات الحقيقية للتعديات عليها، والتوسع في افتتاح مزارع سمكية جديدة بعدد من المشروعات الجديدة، بالإضافة إلي متابعة تطوير موانئ الصيد بالسواحل الشمالية. وعن إنتاج البحيرات من الأسماك قال »الحسني» إن إجمالي إنتاج بحيرة البردويل 4.5 ألف طن، وإجمالي إنتاج بحيرة إدكو 6.7 ألف طن، بينما يبلغ إنتاج بحيرة مريوط 12.6 ألف طن، وإجمالي إنتاج بحيرة قارون 1100 طن، وإجمالي بحيرات التمساح والمرة 5 آلاف و400 طن، وبحيرة المنزلة 53 ألفًا و34 طنًا، وبحيرة البرلس 63 ألف طن، في حين يصل إجمالي إنتاج بحيرة ناصر في أسوان 22 ألف طن. وأضاف أن أنواع الأسماك النيلية 7 أنواع رئيسية هي البلطي، المبروك، سلفر، البوري، القراميط، البياض وقشر البياض، أما أنواع الأسماك البحرية فتصل إلي 12 نوعًا تضم الدنيس، القاروص، اللوت، الوقار، الجمبري، الإستاكوزا، الكابوريا، موسي، الشعور، المرجان، والمكرونة، موضحا أن أنواع أسماك الاستيراد، هي 3 أنواع تضم أسماك الماكريل، والتونة، والرنجة، موضحًا أن إجمالي الكميات المستوردة من أسماك الماكريل 185 ألف طن، بينما يصل إجمالي كميات أسماك التونة المستوردة حوالي 50 ألف طن، في حين يبلغ إجمالي كميات أسماك الرنجة المستوردة 75 ألف طن. تعظيم الاستثمارات فيما قال د.محمد فتحي عثمان، نائب رئيس اللجنة القومية لتطوير البحيرات، إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك أمر ممكن من خلال تعظيم الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص لأن ذلك لا يمكن أن يكون دور الدولة وحدها، مشيرا إلي أنه يجب تقديم دعم حقيقي للقطاع الخاص في مجال الأسماك من خلال تسهيل إجراءات الحصول علي تراخيص مزارع الاستزراع وتحديد المدد الإيجارية وهو ما يؤدي إلي تحقيق الاكتفاء ووجود فائض للتصدير. وأضاف أن هناك دولاً كثيرة اقتصادها قائم علي تصدير الأسماك ومن بينها فيتنام التي تصدر مليون طن سنويا، المغرب التي تصدر 1.5 مليون طن سنويا، وكذلك موريتانيا واليمن. وأشار إلي أنه تم خلال الفترة الماضية دراسة كافة مشاكل البحيرات، وقمنا بزيارة بحيرة المنزلة وقريبا سنزور بحيرة البرلس من أجل التعرف علي أحوال ومشاكل الصيادين، مؤكدا أن أبرز ما تم رصده من مشكلات خاصة بالبحيرات كان زيادة نسبة التعديات وارتفاع معدلات التلوث وزيادة »ورد النيل» علي سطح المياه، مؤكدا أن حل هذه المشكلات سيكون من شأنه زيادة معدلات الإنتاج وإعادة أنواع أخري لم يعد لها وجود في المياه المصرية مثل الدنيس والقاروص، بالإضافة إلي النهوض بالمستوي الاجتماعي والمعيشي للصيادين.