تكللت الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بتوقيع البيان الثاني بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية حيث كان قد تم توقيع البيان الأول عام 1973 بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث في روما. ويأتي البيان الأخير كوثيقة لاستكمال نقاط الاتفاق والحوار اللاهوتي الذي بدأ منذ 44 عاما بجانب وضع مبادئ أولوية مثل الاتفاق علي المعمودية المتبادلة لتوضيح تفاصيلها وبنودها التي سيتم السير عليها وذلك من خلال لجان الحوار. وقال البيان: نحن فرنسيس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية، وتواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك كرسي القديس مرقس. نشكر الله في الروح القدس لأنه وهبنا الفرصة السعيدة لنلتقي مرة ثانية، ونتبادل العناق الأخوي، ونتجدد معًا مجددًا في صلاة مشتركة. أننا نمجد العلي من أجل أواصر الأخوة والصداقة القائمة بين كرسي القديس بطرس وكرسي القديس مرقس. وقال البيان إن حظوة وجودنا معًا هنا في مصر، هي علامة لصلابة علاقتنا سنة بعد سنة تنمو في التقارب والإيمان ومحبة يسوع المسيح، ربنا. وأننا نرفع الشكر لله لأجل مصر الحبيبة، »الوطن الذي يعيش فينا». كما اعتاد أن يقول قداسة البابا شنودة الثالث، و»الشعب المبارك» بحضارته الفرعونية القديمة، والإرث اليوناني والروماني، والتقليد القبطي والحضور الإسلامي، إن مصر هي المكان الذي وجدت فيه العائلة المقدسة ملجأ، وهي أرض الشهداء والقديسين. وأشار البيان الي أن أواصر الصداقة والأخوة العميقة، التي تربطنا، تجد جذورها في الشركة التامة التي جمعت كنائسنا في القرون الأولي، والتي تم التعبير عنها بطرق مختلفة من خلال المجامع المسكونية الأولي، بداية من مجمع نيقية سنة 325، ولمساهمة الشماس الشجاع، أحد آباء الكنيسة القديس أثناسيوس الذي استحق لقب »حامي الإيمان». وقد تم التعبير عن هذه الشركة من خلال الصلاة والممارسات الطقسية المماثلة، وتكريم نفس الشهداء والقديسين، ونمو الحياة الرهبانية ونشرها اقتداءً بمثل القديس أنطونيوس الكبير، المعروف بأبي الرهبان. إن خبرة الشركة التامة هذه، التي سبقت زمن الانفصال، تحمل معني خاصًا في الجهود الحالية لاستعادة الشراكة التامة بيننا. فغالبية العلاقات التي جمعت في القرون الأولي، الكنيسة الكاثوليكية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، استمرت حتي يومنا هذا بالرغم من الانقسامات وقد اعيد احياؤها أيضًا مؤخرًا. وهذا يحثنا علي تكثيف جهودنا المشتركة للمثابرة في البحث عن الوحدة المنظورة في التنوع، تحت إرشاد الروح القدس. وقال البيان: إننا نستحضر بامتنان اللقاء التاريخي، الذي جري منذ أربع وأربعين سنة خلت بين سلفينا البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث، بعناق سلام وأخوة، بعد عقود عديدة لم تستطع فيها أواصر محبتنا المتبادلة التي تعبر عن ذاتها بسبب التباعد الذي نشأ بيننا. ويمثل البيان المشترك، الذي تم توقيعه يوم 10 مايو 1973م، حجر الزاوية لمسيرتنا المسكونية. وقد شكل نقطة الانطلاق لإنشاء لجنة الحوار اللاهوتي بين كنيستينا، التي أعطت العديد من النتائج المثمرة وفتحت الطريق أمام حوار أوسع بين الكنيسة الكاثوليكية وكل أسر الكنائس الأرثوذكسية الشرقية. في ذلك البيان أقرت كنيستانا تماشيًا مع التقليد الرسولي، بأنهما يعلنان »ذات الإيمان بالإله الواحد والمثلث الأقانيم» و»ألوهية ابن الله الوحيد.... إله حق نسبةً لألوهيته، وإنسان حق نسبة لبشريته». وقد تم الاعتراف أيضًا »أن الحياة الإلهية قد اعطيت لنا عبر الأسرار السبعة، وتتغذي بها»، وأننا »نكرم العذراء مريم، أم النور الحقيقي، والدة الإله» وجاء في البيان المشترك: نستحضر بامتنان عميق أيضًا لقائنا الأخوي في روما بتاريخ 10 مايو 2013م، وتعيين يوم 10 مايو كيوم نتعمق فيه كل عام بالصداقة والأخوة التي تجمع كنيستينا. إن روح التقارب المتجدد قد سمح لنا أن ندرك مجددًا أن الرباط الذي يجمعنا قد نلناه من ربنا الواحد يوم معموديتنا. وإن هذا الإرث المشترك هو أساس مسيرة سعينا المشترك نحو الشركة التامة، بينما ننمو في المحبة والمصالحة.. واستطرد البيان: إن هذه المحبة تجد تعبيرها الأعمق في الصلاة المشتركة. فعندما يصلي المسيحيون معًا، يدركون أن ما يجمعهم هو أعظم كثيرًا مما يفرق بينهم. إن توقنا للوحدة هو مستوحي من صلاة المسيح: »ليكون الجميع واحدًا». فلنعمق جذورنا المشتركة في إيماننا الرسولي الأوحد عبر الصلاة المشتركة، باحثين عن ترجمات مشتركة »للصلاة الربانية»، ومن خلال التوصل إلي تاريخ موحد لعيد القيامة وفيما نخطو نحو اليوم المبارك فباستطاعتنا معًا أن نقدم شهادة مشتركة عن القيم الأساسية، مثل القداسة وكرامة الحياة البشرية، وقدسية سر الزواج والعائلة، والاحترام تجاه الخليقة باسرها الذي عهد الله بها إلينا. فأمام العديد من التحديات المعاصرة، مثل العلمنة وعولمة اللامبالاة، فإننا مدعوون إلي إعطاء إجابة مشتركة ترتكز علي قيم الإنجيل وعلي كنوز التقاليد الخاصة بكل من كنيستينا. وفي هذا الصدد، فإننا متحمسون للشروع بإجراء دراسة أكثر عمقًا لآباء الكنيسة الشرقيين واللاتين، وتعزيز التبادل المثمر في الحياة الراعوية، لا سيما في التعليم المسيحي وفي تبادل الغني الروحي بين المجامع الرهبانية والجماعات المكرسة. وقال إن شهاداتنا المسيحية المشتركة هي علامة مصالحة ورجاء ممتلئة نعمة للمجتمع المصري ومؤسساته، وبذرة غرست لتعطي ثمار عدالة وسلام. وإذ نؤمن بأن كل الكائنات البشرية قد خلقت علي صورة الله، نسعي جاهدين إلي الصفاء والوئام عبر التعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين، الأمر الذي سيشهد لرغبة الله في وحدة وتناغم الأسرة البشرية بأسرها، وفي المساواة بالكرامة بين كافة البشر. أننا نتشاطر الحرص علي رخاء مصر ومستقبلها. لكل أعضاء المجتمع الحق والواجب بالمشاركة الكاملة في حياة الأمة، متمتعين بالمواطنة والتعاون الكاملين والمتساويين في بناء وطنهم. وفي الحرية الدينية التي تتضمن حرية الضمير.