عند الحديث عن تحرير سيناء لابد من ذكر اللواء محسن حمدي فهو عضو وفد مفاوضات السلام بواشنطن برئاسة الرئيس السادات، ورئيس اللجنة العسكرية للإشراف علي الانسحاب من سيناء، ورئيس وفد حل مشكلة طابا مع الوفد الإسرائيلي، وعضو اللجنة العليا لتحكيم طابا بجينيف والشاهد الرئيسي أثناء الحكم بمحكمة جينيف، ويعد اللواء بحري أ.ح محسن حمدي إحدي الركائز الأساسية في وفد المفاوضات المصري .. وكان للأخبار معه هذا الحوار .. كيف تحتفل بيوم 25 أبريل؟ - يجب أن يتم تسجيل هذا اليوم، في تاريخ مصر، فهو اليوم الذي حررنا واسترددنا فيه الأرض، وطردنا العدو الإسرائيلي، بعد احتلال دام 15 عاما، بمعركة فذة علي الجانب العسكري والتفاوضي. حدثنا عن المعركة العسكرية الفذة؟ -نحن المصريين خيبنا آمال أجهزة مخابرات العالم وأولهم الولاياتالمتحدةالأمريكية، بمعرفة موعد الاقتحام، فاخترنا توقيت »عز الضهر»، وعبرنا في ملحمة صنعها المصريون، لنهاجم العدو ونراهم أمامنا »يجروا زي الفيران». وأفضل أن اسميه اقتحام، لأنه أعظم من مجرد عبور، فالعبور من الممكن أن تعبر شارع، ولكنك لا يمكنك أن تعبر خط بارليف المنيع. كيف كان يتم رصد تحركات العدو؟ - كان الاستطلاع عن طريق الرصد الميداني، والاستطلاع بالقوة عن طريق ضرب مدفعي فيقوم العدو بالرد، فنعرف مواقع مدافعهم وأماكن تواجد أسلحتهم.. فضلاً عن الدور البطولي لبدو سيناء الشرفاء الوطنيين جداً جداً جداً. وماذا عمن يقوم بتخوين بدو سيناء؟ -كل ما يتردد الآن عن تخوين بدو سيناء أمر غير صحيح وغير سليم ولا يصح، أن يتم تخوين أبناء سيناء، وبدو سيناء لهم دور فعال، وقوي جداً كمصدر معلومات خلف خطوط العدو، فنحن نحترمهم وهم مشاركون في تحرير الأرض، فهم يعيشون في الأرض، ولديهم كامل المعرفة بالأرض، ومن يطالب بإخلاء سيناء »كلام هلس»، من يقول أن يترك مواطنون أرضهم. وما السر في نجاح الاقتحام؟ -العبور والحرب والاقتحام حققت 50٪ من المهمة التي تخوضها القوات المسلحة عن الشعب المصري، وأظهرت تفوقاً كبيراً علي العدو الإسرائيلي، وخاصة أن نسبة تفوق العدو علينا كانت نسبة 3 : 1، إلا أن الجندي المصري صمم علي الحرب، من أصغر مجند وحتي وزير الدفاع، وهنا يجب أن نقف احتراماً للشهداء والمصابين، الذين لولاهم لما كنا نحتفل بهذا اليوم. وماذا بعد نجاح الاقتحام؟ -إسرائيل صرخت وقالت :»الحقينا يا أمريكا»، شارون صرخ وقال »كتيبتي وقع منها 350 واحد»، و»رابين» قال لجولدا مائير »كفاية حرب مش قادرين نكمل»، ليأتي قرار وقف إطلاق النار، بعد استغاثة »مائير» بالولاياتالمتحدة وتدخل هنري كيسنجر. وماذا بعد؟ - وقفنا وفقاً للخطة الموضوعة من قبل قادتنا بالقوات المسلحة بعد أن تقدمنا 15 كم، ليقوم الفريق الجمسي ووايز مان، بإجراء مباحثات عرفت بمباحثات، الكيلو 101 في طريق السويس، لحل مشاكل ميدانية بين الجيش الثالث والقوات الإسرائيلية في السويس، بعد ما لاقوه من مقاومة شعبية كبيرة في السويس. وما الخطوة التالية؟ - جاءت مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات بالذهاب للقدس، وإلقائه خطائه في »الكنسيت» يجب أن يدرس في المدارس، فهو ذاهب وهو منتصر، مستند إلي نصر عسكري قوي، لم يتذلل لاستعادة الأرض، وقال بكل جرأة : »كفاية توسع واستيطان»، وعلي إسرائيل إذا أرادت العيش بيننا بسلام التخلي عن أي أفكار استيطانية أو توسعية. نعود لتفاصيل مباحثات الكيلو 101؟ - قبل توقيع المعاهدة أرسل الرئيس الأمريكي جيمي كارتروزير الخارجية كيسنجر وعمل رحلات مكوكية، لإقرار قرار الأممالمتحدة لوقف إطلاق النار، وتم تشكيل لجنة سياسية وأخري عسكرية، السياسية يترأسها إبراهيم كامل وزير الخارجية واجتمعت في القدس ولجنة عسكرية برئاسة الفريق الجمسي في قصر الطاهرة، ورأينا أن لهم أهدافا ومطامع استفزازية، وهو ما تم تسميته مباحثات الكيلو 101 .. وكان الجانب الإسرائيلي مكون من هارون ياريف مدير المخابرات العامة وممثل للأمم المتحدة، وكان الغرض من الاجتماع حل مشاكل عسكرية فقط، وتمخض عن الاجتماع 6 بنود، خاصة بعمليات عسكرية فقط. وما الذي أعقب زيارة القدس؟ - تأتي بعد ذلك اتفاقية »كامب ديفيد»، وهو استراحة للرئيس الأمريكي، والتي انتهت بورقتين فقط من 6 نقاط. وما محتوي الورقتين؟ - الورقة الأولي لم تتحدث عن سيناء، ولكنها كانت بشأن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا، لمدة 5 سنوات،وبعدها يقيمون دولتهم بانتخابات وحكومة، ووقتها رفض ياسر عرفات.. فالرئيس السادات لم يذهب لعقد سلام مع إسرائيل منفرداً مع مصر، ولكنه كان يطمح لحل القضية الفلسطينيية. وماذا عن الورقة الثانية؟ الورقة التانية، كانت بشأن مصر وإسرائيل ووقف الحرب، وبناء معاهدة السلام بين الطرفين، برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وكيف تتحول الورقة إلي واقع؟ - بعد عقد »كامب ديفيد»، لم يكن لدي الإسرائيلين أي نية للانسحاب من سيناء، وكان لابد من التفاوض، والذي كان صعبا وشاقا جداً، لأننا وجدنا مماطلة وتغيير مواقف من الإسرائيليين، فالتفاوض علي »الترابيزة» أصعب من الحرب. كيف ذلك؟ - الجلوس علي مائدة المفاوضات كان أصعب لأنك تقاتل بالحجة والتاريخ والجغرافيا، ولكننا كنا نستند إلي الانتصار العسكري الذي حققناه، فالعدو الإسرائيلي دائماً ما كان يعرقل مرحلة التفاوض. وما أبرز معوقات التفاوض؟ - تخيل أنك ستقوم بالتفاوض مع إسرائيليين لديهم مواقف رافضة للانسحاب وكان لدي العدو حالة من الغرور والاستعلاء، وسأذكر بعض تلك التصريحات، فقال وايز مان، تصريحا عن السلام »متقلقوش أستطيع أن أحتل سيناء خلال 48 ساعة مرة أخري» .. وبيجن قال : »طالما أنا أحارب باستمرار إذن أنا موجود» .. وشارون قال : »إن المعاهدة ما هي إلا مجرد هدنة مع مصر وسنحارب بعدها» .. علي الرغم من أن المعاهدة تنص علي أنه لا توجد حروب مستقبلية بين الطرفين وتم أخذ تصويت وتصديق الكنيست عليها .. وبعد توقيع المعاهدة قال شارون حول استمرار المعاهدة : »تقديري إن المعاهدة ممكن تستمر 3 سنوات، وإذا استمرت 10 سنوات هذا محتمل، إنما تستمر 30 سنة هذا مستحيل».. وشارون كان ضد الانسحاب ويؤكد أنه ليس هناك سلام وهناك حرب. وكيف تعاملتم مع تلك العقليات؟ - المطلوب من الوفد المصري أن يجلس مع تلك العقليات ونتفاوض معهم ونجبرهم علي الانسحاب من الأرض وكنا »رايحين نعمل المستحيل» .. ولكننا استندنا إلي شئ مهم جداً وهو الانتصار العسكري الأعظم في تاريخ الحروب، فنحن ألحقنا بهم خسارة لم تحدث لهم منذ تاريخ إنشاء دولتهم، خسائر في المعدات والأفراد، وأحدثنا خسائر قاسية جداً.. والسادات قال في خطابه للأمة بعد الحرب »أحدثنا في إسرائيل زلزالا». وهل تم الاتفاق علي الانسحاب قبل البدء في المفاوضات؟ - قبل توقيع المعاهدة بوجود كيسنجر وقبل زيارة الرئيس السادات، طلبنا الانسحاب علي الأرض، وقمنا بعمل اتفاقية الفصل الأولي، وحصلنا علي 3500 كم في نهاية عام 74، ثم اتفاقية الفصل الثانية علي 4500 كم، حوالي 8 آلاف كم، وذلك قبل توقيع المعاهدة، وساعدنا كيسنجر في هذا الأمر قبل الذهاب للتفاوض. أول جلسة تفاوض؟ - كانت أولي جلسات المفاوضات عقدت في فندق ماديسون بشكل ثنائي بحضور ممثل إدارة كارتر وتوالت الاجتماعات بمقر وزارة الخارجية الأمريكية ومقر البنتاجون، وكان يرأس الوفد المصري الفريق أول كمال حسن علي وزير الدفاع، وضم السياسيين د.بطرس غالي، ود.أسامة الباز، ود. أشرف غربال سفير مصر بواشنطن ومعهم كوكبة من أعظم رجالات الدبلوماسية المصرية والقانونيين، كما ضم العسكريين اللواء طه المجدوب، والعميد لبيب شراب، والعميد بحري محسن حمدي ومعهم مجموعة عمل من الأخصائيين أبرزهم مدير إدارة المساحة العسكرية اللواء مهندس عبدالفتاح محسن. وما مطالبهم الاستفزازية التي تحدثوا عنها؟ - هدف إسرائيل، هو أمن إسرائيل، أولا وأخيراً، وكانت لديهم مطالب كثيرة فمثلاً موشيه ديان قال: لماذا تتحدثون عن سيناء؟ قناة السويس تهمكم أكثر منها، وسواء توصلنا لاتفاق من عدمه فإن أمن إسرائيل مقدم علي أي شيء ويفوق كل الشروط التي يمكن وضعها، وهو ما يعني بقاء مستوطنات، ويجب أن تكون سيناء كلها منزوعة السلاح بالكامل، فكيف هذا؟؟ كما طلب ديان تأجير شرم الشيخ لمدة 50 سنة. ومطلب آخر إذا كان هناك انسحاب سيكون من أراضي محتلة، وليس من كل الأراضي المحتلة، مستندين علي قرار الأممالمتحدة رقم 242 لسنة 67، الذي يشير إلي أن تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة التي احتلتها بلفظ lands Occupied ولم يقل The landsOccupied وهنا الفرق كبير، حيث تعني الأولي أراضي محتلة، بينما تعني الثانية كل الأراضي المحتلة، وتلك حيلة ممن صاغ القرار وهو اللورد الإنجليزي ويلنجتون، وإذا استطاعت إسرائيل أن تُبقي علي جزء من أرض مصر فيمكنها أن تُبقي كذلك علي جزء من أراضي سوريا ولبنان والأردن. وماذا أيضاً؟ - ومن ضمن المطالب الاستفزازية أيضاً هي أنهم كانوا يصرون علي وضع كاميرات تصوير إليكترونية علي الضفة الشرقية للقناة، لمراقبة تحركات المصريين حتي نضمن ألا يقوم المصريون بعمل، كما كانوا يطالبون أن يضعوا نظام رادار »إنذار مبكر» علي جبال سيناء ترصد لهم تحركاتنا حتي عمق »الفيوم» .. وردنا كان »إيه البجاحة دي» .. وكان لهم قاعدتان جويتان في النقب في الجنوب والجورة في الشمال طوال فترة الاحتلال وطلبوا أن يستبقوا القاعدتين بطائراتهم. كما طالبوا بفتح 5 منافذ علي الحدود بيننا وبينهم وكان مطلب شارون، وطالبوا أيضاً باستخدام كلمة أخري مختلفة عن مصطلح »انسحاب» .. وقالوا ليس انسحاب ولكن ممكن أن نطلق عليه أننا سنقوم بسحب قواتنا أو إعادة انتشار قواتنا. ما الطلب الأكثر غرابة؟ - كان طلب ديان الأكثر غرابة هو عدم التفاوض حول مناطق البترول في أبورديس وخليج السويس ضمن بنود الاتفاقية، فأرادوا استمرار سحب البترول من أراضينا تحت دعوي أنه سيتم الاتفاق عليها فيما بعد عقب ما يسمي بإجراءات بناء الثقة كما يقولون، بعدما سرقوا بترولنا لمدة 15 عاما. ونجحتم في التفاوض؟ - أجبرنا العدو الإسرائيلي بعد 7 أشهر من التفاوض علي التوقيع في المعاهدة بملحقاتها ومشتملاتها علي حدود واضحة بيننا وبينهم، فإسرائيل علي مدي تاريخها ليس لها خريطة محددة، ولا توجد لها حدود مع أي دولة حتي الآن، إلا مصر، وقاموا بالتوقيع علي خط الحدود الدولي الفاصل بينها وبين مصر. وكيف يتم بدء الانسحاب؟ - حددنا بداية الانسحاب في اليوم التالي للتوقيع علي أن يكون علي مرحلتين، الأولي خلال 9 أشهر يتم الانسحاب من ثلثي سيناء، حتي خط العريش شمالاً، ورأس محمد جنوباً. والمرحلة الثانية؟ - حددنا المرحلة الثانية أن تكون بعد عامين و3 أشهر، لتنسحب إسرائيل بعد 3 سنوات، ولكننا فوجئنا باختلاق مشكلة. وما هذه المشكلة؟ - هي مشكلة وادي طابا، والتي قام بها العدو ليماطل، ولا ينسحب من أرض سيناء، وبدأت في عام 81 باختلاق مشاكل علي العلامات الحدودية، وكان شارون مسئولاً عن تحديد تلك العلامات من الجانب الإسرائيلي، وفي العلامة رقم 85 كان يريدها داخل سيناء لمسافة 2.5 كم ليحتل الجبال، ويكشف أرضنا، والعلامة 27 كان يريدها داخل سيناء بمتر و70 سم، ورفضت، ليستنجد بالرئيس السادات ويقول له : » جنرال محسن لازم يغير النضارات، لأنه هيبوظ المعاهدة، دول 170 سم، ليرد السادات : »هي كانت أرض أبوه عشان يتصرف فيها»، ليصمت شارون. وماذا كان التصرف حينها؟ - قمنا بالعمل علي الأرض وحددنا موضع العلامات كلها عدا 13 علامة بالإضافة إلي العلامة الرابعة عشرة الخاصة بطابا، واكتشفنا نوايا شارون عندما قال لي : » تنازل عن علامة طابا، وسأتنازل عن ال13 علامة السابقة، وهو ما رفضناه تماماً. وماذا بعد اختلاق المشكلة؟ - في 19 أبريل قبل الانسحاب ب 6 أيام كان الوفد المصري في تل أبيب في اجتماع مع مناحم بيجن بمكتبه وقال لنا : »أنا مش هنسحب في 25 إبريل، بسبب وجود خلاف علي نقط حدودية!! وماذا كان ردكم؟ - رفضنا بالقطع، فطبقاً للمادة السابعة بالمعاهدة التي تنص علي أنه إذا اختلف الطرفان علي حدود، فالتفاوض بينهم هو الحل، أو التوافق علي حلول وسط برعاية الولاياتالمتحدة، والحل الأخير بالتحكيم الدولي. وماذا عن الانسحاب في 25 أبريل؟ - أكدنا علي الانسحاب علي خطوط الاختلاف، فكل طرف يقف عند حدود الطرف الآخر، ويتم الانسحاب في موعده، وذهبنا لمنزل بيجن مساء يوم 19 إبريل، لنجد مظاهرات تطالبه بعدم الانسحاب، وهو ما رفضناه وأكدنا أن 25 أبريل تاريخ مقدس، ولا يمكن تعديله. وماذا حدث بعد ذلك؟ - تأزم الأمر جداً، ووصلنا ليوم 23 أبريل، فلجأنا للشريك الكامل، الرئيس الأمريكي الذي أرسل مندوباً عنه وهو، السفير ستويسيل، وقدم مقترحاً أمريكياً كيف يتم الانسحاب وفقاً لرغبة مصر، وتلك الورقة هي التي أنقذت موعد الانسحاب النهائي. حدثنا أكثر عن تفاصيل ذلك اليوم؟ - جاء السفير الأمريكي في القاهرة وقتئذ »أثرتون» والذي حضر بصحبة مندوب الرئيس الأمريكي في مكتب أبو غزالة، وأحضر ورقة من صفحتين بعنوان »الإجراء المبدئي لحل مسائل الحدود» والتي نصت علي أن تتفق مصر وإسرائيل علي إخضاع مسائل الاختلاف المتعلقة بالحدود الدولية طبقاً للمادة 7 من معاهدة السلام، كحل نهائي وكامل. وماذا تحتوي تلك الورقة؟ - التأكيد علي أن يتفق كل طرف بالتحرك وراء الخطوط التي عينها الطرف الآخر، ويتفق الطرفان أن يطلبا من القوات والمراقبين متعددي الجنسيات الحفاظ علي الأمن في هذه المناطق، علي أن تعقد مصر وإسرائيل اجتماعات لوضع الترتيبات لحين الفصل النهائي في مسائل وضع علامات الحدود . وماذا عن دور الولاياتالمتحدة؟ - يشترك ممثلون عن حكومة الولاياتالمتحدة في المفاوضات المتعلقة بالترتيبات الإجرائية إلي حل موضوعات وضع علامات الحدود الدولية بين فلسطين تحت الانتداب ومصر، وفقاً لمعاهدة السلام إذا طلب منها ذلك بواسطة الطرفين، وتم توقيعها بفندق السلام الساعة 1 صباحاً يوم 25 إبريل عام 1982، أي قبل رفع العلم بحوالي 12 ساعة، وبذلك أفسدنا مؤامرة إسرائيل. وماذا بعد ذلك رفع العلم ومشكلة طابا؟ - تفاوضنا لمدة 4 سنوات علي أزمة طابا وكنت رئيس الوفد وفشل، ثم التوافق برعاية الولاياتالمتحدة وفشل أيضاً، وقلنا لهم نلجأ للتحكيم ورفضوه لأنهم لا يثقون في أي محكمة، ولا حتي محكمة العدل الدولية، ولا الأممالمتحدة ذاتها. وظروف التحكيم كانت تحكيم خاص، هناك محكمة رئيس تتكون من عضوين أو رئيس و4 أعضاء، واخترنا المحكمة الخماسية، واخترنا عضوي المحكمة، رئيس محكمة النقض الفرنسي والحكومة المصرية، وإسرائيل اختارت رئيس المحكمة السويسرية ودفعنا مرتباتهم، وبعد الأدلة جاء الحكم لصالحنا بعد 7 سنوات في سبتمبر 1988 بما فيها وادي طابا. حدثنا عن قوات متعددة الجنسيات التي تم الاتفاق عليها؟ - نحن من قمنا بتشكيل القوة متعددة الجنسيات والمراقبون (Multinational Force and Observers) MFO - وهي قوات دولية مسؤولة عن حفظ السلام بين مصر وإسرائيل، أنشئت عام 1982 نتيجة لاتفاقية كامب ديفيد. مقرها الرئيسي الجورة في شمال سيناء . ولماذا لم يكن هناك قوات للأمم المتحدة؟ - أعلنت الأممالمتحدة أنها لن ترسل قوات حفظ سلام إلي سيناء، فقامت إسرائيل بطلب القوة متعددة الجنسيات والمراقبون، ومقرها الرئيسي في روما، وهناك مكاتب اتصال في القاهرة، وتل أبيب، وتقوم مصر وإسرائيل بدفع التمويل اللازم لوجودها، بالإضافة إلي الولاياتالمتحدة. وهنا أذكر موقف للرئيس السادات عندما تحدثنا عن تكلفة وجود تلك القوات وأن تتحملها مصر، وهنا اعترض السادات وقال للولايات المتحدة إن إسرائيل هي من تطلب، وأنا لن أتحمل، وهنا تدخلت الولاياتالمتحدة لتقوم بتقسيم التكلفة بنسبة السُدس تتحمله مصر، والسُدس تتحمله إسرائيل وأربعة أسداس تتحملها الولاياتالمتحدة بصفتها راعي اتفاقية السلام، ليتم تعديلها بعد ذلك وتتقسم علي الأطراف الثلاثة بالتساوي. أذكرلنا موقف صعب أثناء التفاوض؟ - أثناء تحديد موقع القوة متعددة الجنسيات في سيناء تم تحديد منطقتين في الشمال الجورة والجنوب في شرم الشيخ دون تحديد موقع بالمدينة وفقاً للمعاهدة، وتم تكليفي بزيارة الأرض، لتحديد موقع بشرم الشيخ، وبعد دراسة مستفيضة استقريت علي منطقة مرسي »العاط»، منطقة منخفضة علي البحر مباشرة، والقوة متعددة الجنسيات الأمريكية اختارت موقع علي الخريطة وموقع علي الهضبة، والقوة كانت كتيبة أمريكية ستقوم برفع علم القوة المتعددة وعلم الكتيبة علي الموقع، وبذلك سيكون العلم الأمريكي يلوح علي أرض مصر، وهو ما رفضته تماماً، وقامت الولاياتالمتحدة بإرسال وفد للرئيس السادات وتم تحديد موعد في المعمورة. وتم إرسال السفير مايكل شترنر وكيل بوزارة الخارجية برسالة من الرئيس الأمريكي ريجين بشأن تحديد الموقع، وتم شرح وجهة النظر الأمريكية، وكان الفريق أول كمال حسن علي وزير الدفاع متواجدا ومبارك بجوار الرئيس السادات، وسأله السادات سأله »إيه الحكاية يا كمال؟» ليرد عليه وزير الدفاع قائلاً إن اللواء محسن سوف يشرح لك الموقف علي الخريطة البحرية، وشرحت علي الخريطة موقع رأس العاط بمميزاته وعيوبه وهما اختاروا موقع علي الهضبة، والعلم سيكون واضحاً، وهو نفسيا ليس مقبولاً، واستمع السادات، ثم وجه كلامه لوزير الدفاع، »طيب خلاص يا كمال يقعدوا في شرم الشيخ»، لأرد عليه مسرعاً »لا يا فندم مرسي العاط»، ليرد السادات »أيوة أيوة في شرم الشيخ». وهنا أذكر موقف مبارك نائب الرئيس السادات وطالبني بعدم الحديث، قائلاً: »خليهم هما يتكلموا». هل تود أن تقول شيئاً في نهاية الحوار؟ - في النهاية أود أن أقول بعض كلمات للتاريخ وهي أننا حققنا ما أردناه بقوة السلاح والتفاوض المبني علي القوة العسكرية والنصر، ولم نتنازل عن أي جزء من أرض مصر عن شبر واحد من أرضنا، ولم نبادل أرض مقابل أرض - وهو ما كان معروضاً علينا أن نحصل علي جزء من »النقب» مقابل أن يأخذوا جزء من سيناء، ولم نؤجر حبة رمل واحدة، ولم نسمح بالمساس بالسيادة المصرية علي كافة أراضي سيناء بالكامل .. اديناهم ورقة مقابل الأرض، وأخذنا الأرض مقابل ورقة. ومن يدعي أننا تنازلنا أو بددنا أرض .. كذب، وأتحدي أي فرد، ولم نعدل خط الحدود . وماذا تري الوضع الآن في الحرب الدائرة في سيناء؟ - أؤكد أننا نسير في الطريق »الصح» فنحن في حالة حرب مع الإرهاب وداعش في سيناء، ولكننا قادرون علي دحر الإرهاب.