ما هي رسائل »ثورة التحرير« العظيمة إلي الزملاء والزميلات الكرام، العاملين في مجال الصحافة والإعلام؟ وما هي الرؤية التي يجب علينا، بوصفنا حملة رسالة وأمانة، أن ننطلق منها لرسم ملامح الطريق لمصر المستقبل؟ حاولت أن أتأمل المشهد فخرجت بالرسائل التالية: الرسالة الأولي هي وحدة الصف الوطني، والتلاحم الرائع بين أبناء مصر، الذي تجلي في جميع أنحاء البلاد، هذا المشهد الحضاري يستدعي من الإعلام الملتزم بالأمانة والمهنية، والمنتمي إلي روح هذه الثورة العظيمة، أن يعمق الشعور العام بضرورة الحرص علي وحدة الصف واتحاد الكلمة، وبخاصة أننا الآن في مرحلة استكمال أهداف الثورة. مهمة وسائل الإعلام أن تسعي إلي تعميق التوافق والتلاحم، والتحذير من التشرذم والتحزب والانقسام والصراع، وعلي سبيل المثال: لا يجب تضخيم حادثة فردية هنا أو هناك، أو التشهير برأي قيل من هذا أو ذاك، طالما أنه لا يشكل اتجاها سلبيًا عاما، فمصلحة مصر في الوقت الحالي ودائما تحتم علينا تعظيم المشترك الوطني، ورص الصفوف في مواجهة التحديات. الرسالة الثانية هي أن جميع القوي والتيارات السياسية والفكرية شاركت في هذه الثورة، التي أكدت بلسان الحال والواقع أننا جميعًا مصريون ووطنيون ومحبون للحرية والعدالة، وبالتالي لا يجوز أن يتم إقصاء أي طرف من الأطراف، أو الحديث عن تخوين أو ازدراء أو تحقير أي مصري، مهما كان رأيه أو اجتهاده السياسي، حتي لا نساعد في شق الصف وإضعاف اللحمة الوطنية. وأعتقد أن الإعلام المصري الحر، الذي يساهم في صناعة مصر المستقبل، يجب أن يتحرر من سيف الإقصاء والتخوين الذي مارسه النظام البائد، وألا يسارع بإلقاء الاتهامات دون روية أو بينة، وأن يتجنب الخوض في النوايا، وأن يتحلي بالرؤية الإيجابية الجامعة. الرسالة الثالثة هي روح الإيجابية والحركة الذاتية التي دفعت بهذه الملايين من أبناء مصر المخلصين، للمشاركة في فعاليات هذه الثورة في جميع المحافظات، هذه الايجابية كانت أحد أهم ملامح "ثورة التحرير"، التي ينبغي أن ننتبه إليها، وأن نعظم مردودها، وأن ندفع باتجاهها دائمًا، فالمواطن الإيجابي هو الضمانة الأساسية لاستمرار الثورة ضد الاستبداد والفساد، وضد الخوف والقهر والطغيان، والإعلام المنتمي لهذه الروح الثورية، ينبغي أن يدفع باستمرار باتجاه زيادة إيجابية الشعب ومحاربة السلبية وعدم المبالاة، من خلال رفع المعنويات وعدم الإنجرار وراء الإثارة والشائعات السلبية، مثل كثرة الحديث عن الثورة المضادة وفلول النظام السابق وغيرها من موضوعات تثير الإحباط واليأس لدي الناس. الرسالة الرابعة هي أن الدين كان وسيظل أحد أهم المكونات الرئيسية للشخصية المصرية، المسلمة والمسيحية علي السواء، وهذا التدين الوسطي الفطري، الذي يتميز به الشعب المصري، ينبغي استثماره بشكل إيجابي، والبعد عن استفزازه أو إثارته أو التخويف منه أو التعامل معه بروح الإقصاء أو الطائفية، فكلنا مواطنون مصريون متدينون، وعلي العاملين في مجال الإعلام أن يحترموا هذه السمة، وأن يوظفوها بصورة إيجابية، لخدمة الاجتهاد وإتقان العمل وإيقاظ الضمير ومراقبة الله سبحانه وتعالي، وصولا إلي تقدم الوطن وإزدهاره. الرسالة الخامسة هي أن »ثورة التحرير« التي نجحت في إزاحة هذا الكابوس الفاسد والمستبد، تعيش الآن في مرحلة النهوض وإعادة البناء، وهذا البناء يحتاج إلي التكاتف والتلاحم والتوافق والقبول بالآخر والتدريب علي السلوك الديمقراطي، ويحتاج كذلك إلي البعد عن التجريح والإثارة. . نحن بحاجة إلي إعلام وطني حر، يؤمن بديمقراطية الرأي وحق الاختلاف، ويدعو إلي الوحدة والإيجابية، ويحترم مكونات الشخصية المصرية، ويسعي إلي البناء والنهضة والتقدم والاستقرار.