دعونا نتفق ان لغة الحوار ولحظات الصدق مع النفس يجب ان تكون الآن وبعد هذه الثورة العظيمة في أبهي صورها وهذا يدعونا إلي طرح بعض الأسئلة التي تحتاج بالفعل إلي إجابات حقيقية بعيدا عن ثمة شعارات أو انفعالات حول ما يسمي بالحوار الوطني. بداية هل المقصود بالحوار المزمع عقده حوار وطني أم حوار حول الوطن؟ وإذا كان لهذا الحوار ضرورة ملحة فما جدول الاعمال الذي سوف يتم مناقشته لتفعيل هذا الحوار؟ وفي النهاية ما المعيار في اختيار الأشخاص الذين يمثلون هذا الحوار الوطني؟ أما بشأن الاجابة عن السؤال الأول فمن وجهة نظري إذا كان لهذا الحوار مسمي فهو حوار حول مستقبل هذا الوطن من خلال طرح جميع القوانين المزمع اصدارها في هذا التوقيت للحوار قبل ارسالها للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ايمانا بأهمية الحوار وشفافيته وحرصا علي تدعيم أواصر الثقة بين الحكومة والمجتمع بكل فئاته وطبقاته من أجل وضع رؤية مستقبلية لعقد اجتماعي جديد يحدد الإطار العام لتحديات عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي في ضوء ما تصبو ثورة 52 يناير إلي تحقيقه!! وإذا كان هذا هو المقصود بالحوار فدعونا ننتقل إلي الإجابة عن السؤال التالي وهو ان الفائدة من هذا الحوار سوف تكون منعدمة لكونه يفتقد إلي خريطة طريق واضحة المعالم من خلال جدول أعمال يتم مناقشته ودراسة الأفكار المقترحة التي يفرزها هذا الحوار سيما ان المشاركين في هذا الحوار لا يملكون اتخاذ ثمة قرارات بل هم يشاركون في عمل شعبي قد يكون مؤثرا في رسم رؤية أفضل لمصر. وتبقي الاجابة عن السؤال الأهم وهو علي أي أساس تم اختيار الأشخاص الذين يمثلون هذا الحوار الوطني مع كامل الاحترام لكل هؤلاء الأشخاص فلهم كل التقدير ولكن هل معيار الاختيار هو شكلي بمعني انه يعتمد علي أشخاص لهم تواجد إعلامي من خلال آليات يملكها هؤلاء أو من خلال التواجد بشكل معين علي الساحة السياسية وهنا لن تكون هناك ثمة فائدة من هذا الحوار ولن يكون سوي حوارا شخصي معبر عن برامج شخصية!! من هنا بات ضروريا إذا كانت هناك ضرورة لهذا الحوار فلابد ان يكون معيار اختيار الاشخاص موضوعيا بمعني ان يكون الحوار ممثلا فيه جميع طبقات الشعب المصري وطوائفه وألا يكون مقتصرا علي أشخاص بعينهم فيجب توسيع قاعدة المشاركة لتشمل كل مصري ومصرية وتوفير آليات معينة يمكن من خلالها ضمان مشاركة الأشخاص الذين لديهم القدرة علي التعبير وبمعني آخر يجب أن يكون حواراً مؤسسيا يرفع توصيات للحكومة وعلي الحكومة في هذه الحالة دراسة تلك التوصيات وتفعيلها في الإطار الذي يتفق ومستقبل مصر. وفي النهاية نحن لا نريد حواراً مع الحوار الوطني بل نريد تفعيل أفكار تخدم الوطن علي أرض الواقع فالعبرة ليست بالالفاظ والمباني ولكن بالقيم والمعاني.