في نهاية الثمانينيات قابلت اللواء حسين طنطاوي.. كان وقتها قائدا للجيش الثاني الميداني..وكنت بصحبة وفد من الصحفيين العرب.. حضروا إلي مصر للمشاركة في أول مؤتمر بعد اتفاقية السلام الإسرائيلية والتي قاطع بسببها العرب مصر.. ولم يبق علي علاقات معها سوي سلطنة عُمان والسودان. كان الهجوم علي مصر من العرب شديدا.. وكان من أبرز الهجوم الطعن في الجيش المصري.. لهذا كان تخطيطنا في نقابة الصحفيين برئاسة النقيب إبراهيم نافع علي أكمل وجه عندما دعونا، وكنت وقتها رئيسا للجنة العلاقات العربية والخارجية بالنقابة، إلي مؤتمر للصحفيين العرب يشارك فيه رموز المهنة من مختلف التيارات.. وكان ان استقبلهم الراحل مصطفي أمين والتقاهم، أمد الله في عمره، محمد حسنين هيكل.. وغيرهما من كبار رجال المهنة والثقافة والفنون.. وفكرت في ترتيب زيارة إلي احدي الوحدات العسكرية وجاء الاختيار علي احدي وحدات الجيش الثاني الميداني.. واستقبلنا وقتها قائد الجيش اللواء حسين طنطاوي الذي أهدانا درعا تذكارية للجيش مازلت احتفظ به.. وكانت الاجابة صريحة علي كل اسئلة الصحفيين العرب.. والذين خرجوا يستعيدون ذاكرة الجيش المنتصر في حرب أكتوبر المجيدة. ثم تابعت مسيرة طنطاوي المشرفة في خدمة وطنه.. حيث تم الحاقه كملحق عسكري بباكستان.. وعاد إلي قيادة الحرس الجمهوري.. ثم رئيسا لهيئة العمليات.. ثم وزيرا للدفاع والانتاج الحربي.. كما لاحظت ان السيدة الفاضلة حرمه ارتدت الحجاب ولم تعد تظهر، إلا ما ندر، في الحفلات العامة.. ويظل بيت المشير علي احترامه وأخلاقياته المصرية. وجاء الوقت العصيب للمشير طنطاوي عندما قامت ثورة الشباب في 52 يناير.. وليس من السهل ان يجد الإنسان نفسه أمام خيار الدفاع عن رمز الدولة الذي اختاره وزيراللدفاع وله بعض الفضل عليه، لكنه في نفس الوقت بدأت تتكشف عيوبه ومثالبه وخطاياه وجرائمه.. وبين الشعب الذي يقوده شباب الثورة لاسقاط النظام.. وبدأت تزداد تجمعاته من مختلف التيارات والفئات والمستويات.. هل يقف أمام الشعب وينضم بقواته المسلحة إلي السلطة »الفاسدة« أم يحمي الشعب الأعزل. وكان اختياره الوطني ان يقف مع الشعب.. ورفض ان ينساق وراء مطالب الطغمة الظالمة التي تملك السلطة والجاه والمال. وكان الموقف جماعيا من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. لقد حمي الجيش الشعب.. واضطر الرئيس السابق لآن يتنحي ويسلم السلطة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. ان الشعب مدين للجيش وقياداته بالحماية.. لهذا لا يمكن ان نسمع بما يروجه فلول النظام السابق من ان الشعب يد واحدة مع الشعب ضد الجيش.. هذه مقولة خطأ لم يرفعها الثوار.. لقد رفع الثوار مقولة الشعب والجيش يد واحدة.. فعلا الشعب والجيش يد واحدة في تطهير مصر من الفساد وإعادة بناء مصر.. يجب علينا ان نتنبه لما يدبر لنا من الداخل أو من الخارج.. مصر هي المستهدفة.. علينا ان نعمل علي بناء مصر من جديد.. علينا ان نحاكم رموز الفساد وبسرعة.. البطء الشديد في المحاكمة يزيد من الشائعات.. علينا ان نعي ان عدونا الأول هو إسرائيل.. وعلي المشير ان يدرك ان إسرائيل هي المستفيد الأول من الانهيار الذي نحن فيه.. لهذا اقترح سرعة الإجراءات سواء في المحاكمات سواء في البناء سواء في إعادة الأموال المهربة.. سواء في تحديد موقف الرئيس السابق المريض حسني مبارك.. أما باقي أفراد أسرته فعليهم ان يقدموا للمحاكمة.. البطء يزيد التوتر توترا!! مازالت فلول النظام السابق تمرح في مكاتبها.. وتحرك من تحت الترابيزة أعوانها لاجهاض الثورة.. حتي أننا يوميا نقول.. ماذا لو نجحت الثورة المضادة.. ماذا لو عاد حسني مبارك عاد يقول أنا الرئيس.. ماذا لو عاد الشريف إلي الشوري أو سرور إلي الشعب أو نظيف إلي مجلس الوزراء.. ماذا لو عاد جمال مبارك ليقول أنا الدولة والدولة أنا أو ليقل لي أحد ما الفرق بين يحيي الجمل والشريف.. لا فرق.. يحيي الجمل يعتمد في قراراته علي الأجهزة التي كان يتعامل معها الشريف.. بل أين ذهبت سكرتارية الشريف في الشوري والمجلس الأعلي للصحافة.. أين تعيش.. أين ذهبت تقارير أمن الدولة.. أين تذهب تقارير جهاز المحاسبات.. وماذا تم فيها؟!! لو أمعنا النظر قليلا سنجد الشيوخ أو بالأحري من هم فوق سن السبعين والثمانين يحكمون في كل الأمور الحيوية في البلد.. أين إذن الشباب.. لقد شاخ الشباب في مواقعهم.. إذا كان الشاب الذي لم يعد قائد العمل فوق سن الأربعين أو الخمسين.. فمن يكون إذن؟ في أي عمر إذن يصبح الشاب قائدا لمجموعة عمل أو وزيرا.. أو رئيسا لمؤسسة أو شركة.. أين عنفوان الشباب في قيادة الأعمال المختلفة؟! سبق أن قلت أن الاكرم للشيخ في سن الستين أو السبعين أو الثمانين أو التسعين أن يعطي الشباب الذي يليه »سن الأربعين والخمسين« عصارة فكره وخبرته ورؤيته.. لكن القرار يحتاج إلي رؤية شبابية.. إلي دماء جديدة طاهرة. لقد أتي علينا زمن قال عنه الأستاذ هيكل »قيادات شاخت في مقاعدها« واليوم أقول »لقد شاخ الشباب في مقاعدهم« حرام! [email protected]