الكوميديان الراحل إسماعيل ياسين سبق الجميع وغني للسعادة بأنها سكر زيادة ويقيني أنه لو عاش حتي هذا الزمان لكان غير رأيه بعد أن وصل كيلو السكر إلي أكثر من عشرة جنيهات وعرف السعادة بأن »سكرها سادة». ما علينا فالعالم كله يحتفل باليوم العالمي للسعادة ليس بمفهومها لدي غالبية المصريين في أنها تتلخص في الضحك والقهقهة و»التريأة» علي خلق الله في مواقع التواصل الاجتماعي أو تبادل النكات التي نحن فيها الأوائل بامتياز مع مرتبة الشرف لدرجة أننا أصبحنا نجد مسئولين يتبارون في إطلاق النكات وللأسف علي آلام ومعاناة الناس من ارتفاع الأسعار. السعادة التي يعنيها العالم وحسب تعريفات الأممالمتحدة هي مستوي حياة للمجتمع ككل فلم يعد معدل النمو الاقتصادي وحده هو المحدد لرقي وتقدم الشعوب بل أصبحت هناك معايير أكثر طموحا ومنها مؤشر رفاهة الحياة أي مستوي التقدم الاقتصادي بكافة جوانبه ومواكبة البنية الأساسية من مرافق وطرق ومياه وصرف ونظم مرور ومستويات نقاء الهواء وغيره لتطلعات البشر بما يجعلهم سعداء بمعني الإقبال علي الحياة الهنية وليس بمنطق »اضحك.. اضحك.. اضحك». هذا علي مستوي المجتمعات أما علي مستوي الفرد فقد احتار العلماء والباحثون في ظل تفرد كل شخص في عالمه الواسع بتعريفه الخاص جدا للسعادة فمنهم من يراها في المال ومنهم من يراها في البنين وآخرون يرونها في الاثنين معا وفئة تراها في اعتلاء المناصب لكن حتما الرابح من يراها في الصحة والستر اللذين يحملان في طياتهما كل هذه المتطلبات. صدقني هناك أناس كثر لا ينقصهم المال ولا العيال ولا الصحة لكنهم يشعرون دائما بعدم السعادة ومهما فعلت وحاولت لن تستطيع أن تجد معياراً موحداً يرضي به الجميع ويسلمون علي أن فيه السعادة ولأني لست د. أحمد عكاشة أو د. يحيي الرخاوي أكتفي بنصيحة سمعتها منذ سنوات من صديق وأحاول جاهدا أن أطبقها أنجح أحيانا وأفشل أحيانا لكن المهم المحاولة.. النصيحة تبدأ بالتسليم والرضا بما أعطاه الله لك كثير أم قليل.. حاول ألا تركز فيما يمتلكه الآخرون وتراه من وجهة نظرك ميزة.. ابتعد قدر المستطاع عن استدعاء الذكريات الأليمة.. استعذ بالله وأخرج لها الكارت الأحمر وانشغل باستدعاء الأحداث السارة أو قراءة كتاب خفيف في الفن أو الرياضة. وأنصحك هنا بكتاب »السعادة الداخلية» لمؤلفته فيرا بيفر بما فيه من أفكار تساعدك أن تسعد بحياتك أولها أن تكون علي اتصال بعالمك الداخلي، كما يجب أن تعمل علي مستوي العقل والجسم والروح معاً. واختار لك من الكتاب فقرة بعنوان: كيف تصبح سعيداً؟ أولا من الضروري أن تعرف هل هناك أسلوب حياة سلبي تتبعه أم لا فهذا يعطيك إشارات ترشد إلي الجوانب التي يجب أن تحدث فيها تغييرات ثم نتقدم بعد ذلك لنعرف كيف تعبر خبرات الماضي عن نفسها من خلال تأثيرها علي مشاعرنا وتصرفاتنا الحالية، فالمشاعر لا غبار عليها لأنها جزء من طبيعتنا الإنسانية لكن عندما تصبح مصدر إزعاج فإننا يجب أن نعالجها. وبالمثل إذا لم نكن قادرين علي الاستماع بأية مشاعر طيبة مثل الحب والسعادة فإن مسئوليتنا تجاه أنفسنا تحتم علينا أن نعمل علي تغيير ذلك.. فإذا لم تكن أنت نفسك سعيدا فإنك لن تستطيع أن تجعل غيرك يشعر بالسعادة لذلك فإن العمل علي تحقيق السعادة الداخلية يفيدك ويفيد كل من حولك. بقي أن نعرف أن الأممالمتحدة اعتمدت يوم السعادة العالمي الذي يوافق 20 مارس من كل عام في دورتها السادسة والستين اعترافاً منها بأهمية السعادة والرفاهية بوصفهما قيمتين عالميتين يتطلع إليهما البشر في كل أنحاء العالم. هيا معا نحاول لعل وعسي ونتطلع للمولي العزيز القدير أن يسعدنا جميعا ومن جاور السعيد يسعد فالشقيقة الإمارات حفظها الله ورعاها بقدر حبها ومساندتها لمصر المحروسة عينت أخيرا وزيرة للسعادة و»عقبالنا يا جيرانا». لحوم بلاد السامبا الأربعاء: المطربة شيرين عبد الوهاب بتسأل: ماشربتش من نيلها؟ وأنا بدوري أكرر السؤال دون انتظار الإجابة.. أسأل المستوردين المصريين الذين هبوا للدفاع عن لحوم بلاد السامبا التي قرر عدد من دول العالم حظرها لشبهة خروج كميات فاسدة أو كما تردد مسرطنة خرجت من عدد من المجازر هناك. أولاد بلدنا من بعض المستوردين غير مبالين بصحة الشعب ولا يهمهم سوي الدفاع عن مصالحهم وعدم الخسارة من كميات هائلة من اللحوم البرازيلية المكدسة في المخازن وكميات أخري أخذت موافقات لاستيرادها وهي الآن في عرض البحر أي في الطريق. لا أستكثر علي أي مستورد كائنا من كان الدفاع عن مصالحه فهذه طبيعة البشر ونحن لسنا في عالم ملائكي، لكني كنت أنتظر أن يبادر هؤلاء المستوردون من منطلق إنساني أولا ووطني ثانيا وتجاري ثالثا بطلب إجراء فحص دقيق علي ما لديهم من كميات من قبل السلطات المختصة في وزارتي الصحة والزراعة.. لكن الغريب أن يخرج عدد منهم بالقول بل الجزم بعدم وجود أي لحوم برازيلية فاسدة في السوق.. ليس هذا فقط بل يدعون أن أزمة اللحوم البرازيلية مسألة داخلية في البرازيل وتتعلق بالحكومة والموردين الذين أخذوا قروضا من الحكومة ويماطلون في سدادها وبالتالي تصرفت الحكومة البرازيلية - الهبلة العبيطة أم بدوي - بإطلاق شائعات علي لحوم بلادهم لوقف حال الموردين. كلام لا يصدقه عقل ولا منطق ولا حتي في بلاد الواق الواق فهل هناك حكومة تضر بمنتجات بلدها حتي إذا كانت هناك مشاكل مالية مع الموردين وهل الدول التي حظرت دخول اللحوم البرازيلية - نحو 7 دول حتي الآن - مفترية وجاهلة وليس لديها المعلومات الهابلة جدا التي يروج لها المستوردون عندنا؟. طبيعي أن يدافع التجار عن بضاعتهم لكن غير الطبيعي بل الذي يستحق المساءلة رد فعل وزارة الزراعة التي صفعت المواطن بإعلانها أنه لا يوجد وقف لاستراد اللحوم البرازيلية بل تعليق مؤقت لحين اتضاح الموقف.. وكان الأحري بوزارة الزراعة بدلا من هذه التصريحات المحبطة بل المشبوهة أن تسارع بالتنسيق مع وزارة الصحة لفحص اللحوم البرازيلية الموجودة في الأسواق وإعداد تقرير عاجل لرئيس الحكومة مشفوعا بالتدابير المطلوبة حماية لصحة المواطن. هكذا تعودنا مع كل قضية ننفي ثلاث مرات يوميا مثل الدواء قبل الأكل وبعده وتأتينا الحقيقة من الخارج أو من الداخل لكن بعد فوات الأوان.. وعلي سبيل المثال وليس الحصر أزمة التغذية المدرسية التي تتعلق بصحة أطفالنا أحباب الله وأمل المستقبل.. يوميا تكتشف حالات تسمم بين تلاميذ المدارس في الصعيد والسويس والمنوفية والبقية تأتي دون أن تتحرك الوزارات المختصة لتمارس دورها الطبيعي في كشف أسباب الظاهرة وضبط مرتكبيها لكن الضبابية هي طريقنا فبعد كل حالة تأتي نتيجة العينات فل الفل بل نقلل من خطورة المشكلة بأن التلاميذ الذين نقلوا للمستشفيات لم يكن لديهم سوي تلبك معوي بينما الحقيقة الواضحة أن لدينا تلبكا في الضمير يتعلق بالمورد ومن باشر فحص الأغذة وقرر أنها صالحة ثم مسئول التخزين وأخيرا المسئول سياسيا عن الصحة وكذلك المسئول عن التعليم خاصة وأن الوزير د. طارق شوقي وزير التعليم خرج علينا بتصريح غريب إذا صح أنه صدر منه بالفعل بأنه وزير للتعليم وليس وزيرا للثانوية العامة والتغذية المدرسية. أتطلع لأن تتولي الجهات الرقابية النشيطة في بلادنا وعلي رأسها الرقابة الإدارية هذه الملفات الخطيرة فهي الوحيدة التي ستأتي لنا بالخبر اليقين. شكرا ميرزا الخميس: كل يوم يزداد المصري يقينا أن له بلداً شقيقاً يسانده وأن له شقيقاً عربياً إماراتياً يدق قلبه لآلامه وهذا ليس غريبا علي بلد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وكذلك أبناؤه وجميع شيوخ الإمارات. كلمات ليست كالكلمات عادة أسمعها من أي إماراتي يتحدث عن مصر سواء من القيادة أو الشعب.. وأخيرا وقبل أيام هزت مشاعري كلمات د. ميرزا حسين عضو مجلس أمناء مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. قال إن ما تقدمه دولة الإمارت لمصر هو نوع من رد الجميل لأم الدنيا، فمصر هي قلب العروبة النابض وهي محور الأمة العربية بأكملها. وتابع ميرزا خلال احتفالية عيد الأم بقاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة إن مصر هي التي علمت دول الخليج العربي، فأرسلت الأطباء والمدرسين ليعلموا ويعالجوا أشقاءهم العرب، واستمرار احتفالية عيد الأم سنويا يؤكد عمق العلاقات المصرية الإماراتية. أمام هذا النهر العذب من الكلمات لا يسعني إلا أن أقول: شكرا ميرزا. ضبط الفتاوي الجمعة: لا أنكر حبي مثل الكثيرين لفضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق كونه يقدم المعلومة الدينية بأسلوب السهل الممتنع دون تعقيدات أو تفاصيل فقهية مكانها الحقيقي قاعات الدرس وليس وسائل الإعلام التي تخاطب جموع الشعب علي مختلف درجاتهم العلمية. الشيخ علي أفتي من خلال برنامجه الفضائي »والله أعلم» بأنه يجوز شراء الأثاث المنزلي المطرز بالذهب بعد تصنيعه بينما يحرم شراءه قبل التصنيع، فالأصل في تطريز الأغراض المنزلية بالذهب حرام لكن بعد تصنيعها وعرضها في المعارض يجوز للإنسان شراؤها وتحل له علي الدوام والذنب في ذلك يقع علي المصنع وحال عدم علم المصنع بحرمة ما يفعل فلا شيء عليه. وتابع الشيخ أنه حال أراد شخص شراء صالون مطرز بالذهب وذهب إلي المصنع وأراده أن يصنع له ذلك ففي هذه الحالة يحرم تماماً، لأنه لم يتعد مرحلة التصنيع. وقال إن الرسول صلي الله عليه وسلم حرم الذهب علي الرجال وكذلك حرم الأواني الذهبية والفضية وكذلك تطريز الأغراض المنزلية بالذهب لعلة الحفاظ علي المال أحد المقاصد الشرعية، بالإضافة إلي عدم اختلال المعروض منه في التعامل مع الناس. وأشار إلي أن العلة من تحريم الذهب علي الرجال يعود إلي عدم اختلال المعروض منه، بالإضافة إلي أنه معيار الأشياء وقيمها في التعاملات المالية، وحتي تكون كمية عرض الذهب تكفي تعامل الناس. وشدد علي أن بوابة الكعبة بها 120 كيلو ذهب وباتفاق العلماء هذا يجوز من قبيل تعظيم شعائر الله وكذلك المصحف المصنوع من الذهب. ليس القصد هنا إعادة ما قاله الشيخ الجليل فقط لكن التأكيد علي بساطة العرض ووضوح المفهوم دون لبس أو تأويل وهذا هو المطلوب من دعاوي تجديد الخطاب الديني وليس كما يفعل آخرون في إدخال الناس في متاهة المذاهب الفقهية والاحتمالات وكله متروك لاختيار طالب الفتوي بينما الأجدي بالنسبة لعامة الناس القول بما يتفق معه الجمهور. في اعتقادي أن الجانب المهم في تجديد الخطاب الديني هو تركه لأهل الاختصاص من مؤسسة الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء وعدم ترك كل من هب ودب يتطاول علي أصول الفقه وكبار الأئمة والفقهاء فالمريض عندما يمرض يذهب لطبيب وليس لبقال مع احترامي لمهنة البقالة وعندما تريد أن تبني منزلا تذهب لمهندس معماري وليس لطبيب بيطري علي سبيل المثال.. والأولي هنا أن تكون الفتوي علي أيدي العلماء المختصين حتي لا نجد من يفتي بحرمة الاحتفال بعيد الأم وغيرها من الخزعبات التي تصدر ليل نهار تحت مسمي فتاوي. معلوماتي أن هناك مشروع قانون لضبط الفتاوي أمام مجلس النواب بما يعطي الأمل لإغلاق باب دخول غير المختصين أو المدعين بالعلم الشرعي بإصدار فتوي تزيد الفتنة في المجتمع و»تبرجل» خلق الله.. وفي اعتقادي أن مشروع هذا القانون لا يقل أهمية عن قانون الاستثمار أو قانون التراخيص الصناعية وغيرها من القوانين المهمة التي ينظرها المجلس فمعظم هذه القوانين تتعلق بالحياة اليومية للمواطن ولها أهميتها لكن أيضا ضبط الفتاوي مهم للدين والدنيا معا.