قبل ساعات قليلة من مليونية »إنقاذ الثورة« يوم الجمعة الماضي، أعلنت الحكومة عن قيام جهاز الكسب غير المشروع بالتحري عن ثروات الحيتان الكبار: عزمي وسرور والشريف ومنعتهم وزوجاتهم من السفر، وبعد أن طفح الكيل في المؤسسات الصحفية »القومية« ومرّ أكثر من شهرين علي اندلاع الثورة قامت الحكومة بالتغييرات الأخيرة وتولت وجوه جديدة المسئولية بدلا من الوجوه القديمة إياها، والأمر نفسه يمكنك أن تراه في ماسبيرو، فلم تحدث التغييرات إلا بعد فوات الآوان، رغم أن السيد المناوي والسادة في »مصر النهاردة« زيفوا وحرضوا علي القتل وكذبوا علي الشعب.. إلخ. ويمكن أن أذكر أمثلة عديدة، فأحد أهم مطالب الثورة، وهو محاكمة الرئيس المخلوع وحرمه وابنيه، لم يستجب له إلا بعد المليونية الأخيرة، وإن كان حرس المخلوع رفضوا أول إعلان لمحاكمته، وغني عن البيان أن هناك تباطؤاً ملحوظا في تنفيذ مطالب الثوار العادلة لحماية ثورتهم، رغم ان هذه المطالب ليست والعياذ بالله فئوية ولا تعطل الانتاج والعياذ بالله أيضا. والحال ان النظام السابق لايزال موجودا ويعمل بنشاط، ولم يتورع السيد محمد عبدالهادي أمين الحزب الوطني في كفر الشيخ- طبقا لما نشرته الشروق في أول أبريل- عن التصريح لهيئة مكتب الحزب بأن الوطني سيفوز بأغلبية البرلمان وسيحصد 31 مقعدا علي الأقل في كفر الشيخ، والثائر الكبير فتحي سرور لم يتورع بدوره عن التصريح للمصري اليوم أنه قاوم النظام السابق ببسالة، والثائر الآخر زكريا عزمي لم يقص من منصبه كرئيس لديوان رئيس الجمهورية إلا قبل أيام، وأيضا قبل المليونية الأخيرة مباشرة. لذلك أطالب الثوار والقوي السياسية المختلفة بالاستمرار في النزول إلي ميدان التحرير بالقاهرة وجميع الميادين بالمحافظات كل جمعة لحماية الثورة والدفاع عنها والضغط المتواصل من أجل تحقيق مطالبها، وهي مطالب ليست فئوية حتي يقولوا لنا إن اقتصادنا ضعيف ولا يحتمل، كما اننا لا نعطل الأعمال أو نسبب الشلل، لأننا اخترنا يوم الجمعة، وهو يوم أجازة كما يعلم الجميع، واضيف هنا ان الفرق الفنية المستقلة أقامت احتفالية مبهجة ومشرقة يوم السبت الماضي في ميدان عابدين »وهو يوم عطلة لمكاتب محافظة القاهرة التي تشغل المنطقة« غني فيها الشباب والاطفال ورسموا ورقصوا واحتفلوا بثورتهم دون حادث شجار أو تحرش واحد، وفي ظل تواجد أمني لا يكاد يلحظ، فالشباب مسئولون وسبق لهم ان أداروا جمهورية ميادين مصر علي مدي ثمانية عشر يوما اثناء الثورة بكفاءة واقتدار. النزول إلي ميادين مصر أذن كل جمعة ليس فوضي ولن يعطل الانتاج، بل هو ممارسة سياسية رفيعة المستوي، ومرت مليونية الجمعة الماضية بسلام رغم ان الإخوان والسلفيين والجماعة الاسلامية لم يشاركوا، ورغم ان ما يسمي بائتلاف شباب ثورة 52 يناير أعلن في بعض وسائل الاعلام الرسمي والصحف الحكومية عن النية لتأجيل المليونية، في محاولة ساقطة لافشال المليونية، لسبب بسيط هو أنه ليس هناك أصلا ما يسمي بائتلاف شباب ثورة 52 يناير. النزول إلي الميادين أيضا ضرورة وطنية ليس فقط لأن مبارك مايزال موجودا هو وأسرته ولم يحاكم بعد علي جرائمه كمسئول عن قتل ما يقرب من ألف شهيد مثلا، وليس فقط لأن الأساتذة سرور وعزمي والشريف مازالوا مطلقي السراح، بل ان محمد عبدالسلام رئيس شركة مصر للمقاصة والقائم بأعمال رئيس البورصة، صرح للمصري اليوم يوم الاثنين الماضي أنه لم تصدر قرارات بالتحفظ علي أقوال الثلاثي المذكورة وليس فقط لأن المخلوع وأسرته غيروا أكوادهم واسماءهم بعد الثورة.. ألا يكفي كل هذا للدفاع عن النزول إلي ميادين مصر والضغط المتواصل للدفاع عن الثورة وحمايتها، الثورة المضادة حقيقة ملموسة والأذناب والعملاء يتحركون بحراية، بدءا من الرئيس المخلوع وليس انتهاء بالحزب الوطني، ولم يتم حله واستلام مقاره ومكاتبه حتي الآن. استوقفني علي سبيل المثال، ما نشرته الشروق يوم الاثنين الماضي، بان البنك المركزي لم يتلق أي طلب يتعلق بالاستعانة به في عملية استرداد أموال المسئولين السابقين المهربة إلي الخارج، وأكد هشام رامز نائب محافظ البنك المركزي في مؤتمر صحفي: لم يتصل بنا أي شخص بخصوص ذلك. وإذا كانوا لم يتصلوا بالبنك المركزي للمساعدة في استرداد الأموال المنهوبة، فاتصلوا بمن إذن؟! لماذا هذا التباطؤ؟ الثوار يخافون علي ثورتهم وهذا حقهم وواجبهم، والدكتور عصام شرف تلقي تكليفه من الثوار في ميدان التحرير في مشهد لن يفارق وجدان الثوار، والضغط المتواصل السلمي أحد أهم أسلحة الثور في معركتهم ومعركة الوطن من أجل دحر الثورة المضادة.