»عز« گان مهندس التوريث.. والآمر الناهي في الحزب وحده هذا الرجل الذي قرر ألا يقفز من السفينة وهي تحترق وتغرق! قرر البقاء رغم يقينه ان الحزب الذي ظل يحتكر السلطة في مصر طوال 04 عاما، لن يعود إلي الصفوف الأولي مجددا، وربما يكون مصيره الحل، بعد ان سقط شعبيا، وأصبح في مرمي نيران الشارع قبل القوي والاحزاب السياسية. انه د.محمد رجب الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي، حزب الرئيس، صاحب الأغلبية الكاسحة في البرلمان، والذي اسقطته ثورة 52 يناير بالضربة القاضية، فتحول إلي حزب سييء السمعة، تنصل منه كثير من قياداته واعضاؤه، ويقبع الآن معظم كبار كوادره في الزنازين أو غرف التحقيق. عن الفساد في الحزب الوطني، ودوره في مشروع التوريث، والمستقبل الغامض لهذا الحزب، حاورنا د.محمد رجب وواجهناه بأسئلة صعبة كثيرة.. وكانت هذه هي اجاباته. كل مواطن مصري يشعر بعداوة وثأر بينه وبين الحزب الوطني.. فهو يري ان الحزب كان مقرا للفساد والمحسوبية.. فكيف تحاولون القيام بإحياء هذا الحزب المتهالك بعد قيام ثورة 52 يناير؟ - من حقك ان تقول ذلك.. وانا متفق معك.. بان الصورة التي تشكلت لدي الناس عن الحزب الوطني.. سيئة جدا.. وان الناس تشعر بعداوة شديدة تجاه هذا الحزب.. وان عددا كبيرا من قضايا الفساد ارتبطت بأعضاء من الحزب الوطني.. وعدد من الفاسدين بعضهم له علاقة ومسئولية بالحكومة.. والبعض الآخر له مسئولية بالحزب الوطني.. ولكن علينا ان ندرك أيضا ان الحزب الوطني كيان كبير وصل عدد أعضائه إلي ثلاثة ملايين عضو.. ونشأ في ظل رغبة.. دعا إليها الرئيس الراحل السادات سنة 8791.. وسار الحزب في طريقه المرسوم لسنوات طويلة.. بعض هذه السنوات حدث له مد وبعضها الآخر جزر وسنوات أخري حقق فيها نجاحات وبعضها اخفاقات.. إلي ان جاءت السنوات العشرة الأخيرة.. وبدأ تغير أداء الحزب.. وسيطر علي الحزب وعلي مقدراته مجموعة خلطت بين السلطة والثروة.. وكان في رأيي وتقديري ان من يحكمهم في هذه المسألة ذلك المشروع الذي أطلق عليه مشروع التوريث.. ثم حدثت تجاوزات وسيطرة وهيمنة هؤلاء المنتفعين حتي فقد أعضاء الحزب الآخرون دورهم الايجابي الواجب أداؤه.. »تطوير الأداء الديمقراطي«. ويصمت قليلا.. ثم يستطرد: والآن.. بعد قيام ثورة 52 يناير ونحن جميعا معها.. ونؤيدها.. ونساندها.. ندعو ونطالب بأشياء طالبنا في السابق بها.. فقد طالبنا بتعميق الديمقراطية وتطوير أداء المجتمع المدني.. وتحقيق العدالة الاجتماعية.. نطالب الآن بكل هذا.. فلم يستمع إلينا أحد في الماضي.. ولسنوات طويلة.. ولم ينجح في تحقيق تلك المطالب.. ولماذا لم تنجحوا في تحقيق ذلك؟ - كانت هناك مجموعة سيطرت علي الحزب وعلي الحكومة وكانت ضد كل شيء.. واجهضت كل المحاولات.. لتطوير الآداء الديمقراطي داخل الحزب.. وإياك ان تتصوري ان الحزب كان علي قلب رجل واحد في عمليات الفساد. هل يصلح في هذا الحال الانسحاب أو الابتعاد بديلا عن مواجهة الفساد؟ - البعض انسحب، والبعض الآخر استبعد وذلك عن طريق تجريده من أي سلطة تمكنه من فعل أي شيء بدليل... ان الحزب نفسه عمل ضد كوادر محترمة من أعضاء الحزب ورموز معروفة بنزاهتها.. بل وساهم في اسقاطها في الانتخابات البرلمانية مثل النائب حمدي الطحاوي والدكتور حمدي السيد والدكتور مصطفي السيد والدكتور شريف عمر.. وغيرهم.. لان الحزب أدير بأداة بالغة السوء.. وهناك قاعدة مهمة.. »ان السلطة المطلقة.. مفسدة مطلقة، والحزب كان يديره من الألف إلي الياء شخص واحد، وهو وحده الذي يفكر ويقرر وينفذ. من هو هذا الشخص؟ - طبعا.. أحمد عز. وما مبررات اعطائه هذه المكانة القوية داخل الحزب الوطني؟ - لانه كان يقود مشروع التوريث.. ويتمتع بروابط وثيقة مع جمال مبارك.. ولم يكن احد يستطيع ان يقترب منه.. لان الاقتراب منه معناه الاقتراب من جمال مبارك.. وكثير من الآراء التي تبناها أحمد عز.. اختلفت حولها قيادات الحزب.. ولكن في النهاية كان رأيه هو الذي يؤخذ به. وهل يعني ذلك ان الحزب الجديد أو ما يطلق عليه من اسماء لم تحدد بعد ستكون القاعدة العريضة به للشباب؟ - نعم.. وأريد ان أقول ان المطالبة ببقاء الحزب ليست بسبب رغبة قياداته.. بل العكس بسبب حماس أعضائه ممن لديهم رغبة حقيقية لخدمة بلدهم.. ويريدون تبرئة ساحتهم.. فلو تم حل الحزب كأننا نقول.. انهم فاسدون. من هم أعضاء الحزب الشرفاء.. كما تري؟ - 09٪ تقريبا أعضاء الحزب الفاعلين. وكل القاعدة العريضة ليس لها علاقة بالفساد.. بل يتعلق الفساد بالمجموعة التي خلطت بين السلطة والثروة.. والتي انضمت للحزب لكي تحقق مصالح خاصة لها.. فالاحزاب التي تنشأ في حضن السلطة يخرج منها الانتهازيون.. هؤلاء مع أول وعكة صحية أو انتكاسة يسرعون بالفرار.. اما من أجل البحث عن مكان اخر.. يستطيعون من خلاله تحقيق مصالح لأنفسهم، أو لأنهم يريدون التبرؤ من الحزب وينفون أي علاقة لهم بالحزب! وما هو المنهج الذي تسير عليه وزملاؤك من أعضاء الحزب لتقديم حزب جديد للناس.. له مواصفات تتفق مع المناخ الديمقراطي السائد الآن؟ - نحن الآن نعمل في أربعة اتجاهات، الأول: هو تصفية كل العناصر الفاسدة، وقمنا بالفعل بفصل عدد منهم.. وسوف نستمر في هذا الاتجاه مع من تثار حولهم الشبهات، والثاني: الاستفادة من العناصر النظيفة والشريفة في القواعد الاساسية للحزب التي تطالبنا بان نبقي.. وسوف نمكنها من تولي قيادة العمل في الفترة القادمة وسنعيد هيكلة المواقع القيادية بحيث تكون الاغلبية بالحزب من الشباب.. وجميع التشكيلات القيادية القادمة ستكون 05٪ علي الأقل منها للشباب. ولن تكون عضوية الحزب عضوية ورقية.. كما كانت في الماضي.. بل ستصبح عضوية حقيقية. ما الاسم الذي اقترحتموه للحزب الجديد كبديل للحزب الوطني؟ - هناك اسماء كثيرة البعض يريدون اطلاق اسم الحزب الديمقراطي أو الوطني الجديد أو حزب الاصلاح.. وسنختار أي منهم.. ولكن في النهاية الاسم وحده لا يكفي.. بل تغيير السياسات والبرامج والوجوه أهم ألف مرة. أنت كنت زعيما للأغلبية بمجلس الشوري، وكان الفساد واضحا للجميع فلماذا لم تواجه هذا الفساد وتقاومه في حينه؟ - نعم الفساد كان واضحا.. وتحدثت كثيرا.. وطالبت مرارا وتكرارا.. بضرورة ضرب الفساد.. وفي الحقيقة لم أكن أعرف ان الفساد وبهذا الحجم. ماذا فعلت لمواجهة هذا الفساد؟ - شاركت بكل أدواتي الرقابية واستخدامها في طلبات إحاطة واستجوابات وطلبات مناقشة.. وطرح اسئلة.. بمواجهة هذا الفساد وفعلت ذلك كثيرا بمجلس الشوري.. ولكننا مع حكومة لا تستجيب لمطالب الشعب علي الإطلاق. هل كنت تري ان الرئيس السابق حسني مبارك علي علم بكم هذا الفساد؟ - إذا كان يعرف فتلك مصيبة.. وإذا كان لا يعرف فالمصيبة أكبر.. فهو كان الرئيس.. ولديه أجهزة رقابة.. ولديه مؤسسات.. وكانوا يقولون انهم يعرفون »دبة النملة«؟!!.. فكيف لم يشعر بهذا الكم من الفساد.. فهذه مصيبة كبيرة. هل سينجح أعضاء الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية القادمة من وجهة نظرك؟ - سوف نخوض الانتخابات البرلمانية القادمة وفقا للنظام الذي سيقرره المجلس العسكري.. واللجنة التشريعية سواء كان نظام الانتخابات بالقائمة أم بالنظام الفردي وعندنا ثقة أننا سنتقدم بعناصر جيدة لا تشوبها شائبة.. وسوف ننجح.