بعد أقل من شهر علي تجربتها الصاروخية الأخيرة، عادت كوريا الشمالية مجددا تثير فزع العالم وتقلق جيرانها بتجربة »باليستية» جديدة اضطر معها مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لبحث تداعيات تلك التجربة وسبل إخضاع بيونج يانج للقرارات الدولية الخاصة بمنع إجراء تجارب صاروخية من هذا النوع، فيما تحركت كل من واشنطن وسول عسكريا ونشرا منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي المتقدم »ثاد» في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية بعد ساعات من اطلاق بيونج يانج 4 صواريخ »باليستية» قبالة بحر اليابان ردا- كما قالت كوريا الشمالية- علي مناورات »فرخ النسر» العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة التي تعتبرها بيونج يانج »تحضيرات لشن حرب عليها». كل هذه الممارسات الاستفزازية التي أثارت غضب المجتمع الدولي تكشف حقيقة افلاس الدبلوماسية العالمية،وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية. اشارت الصحيفة في تقرير لها إلي أن الفشل المزمن للدبلوماسية العالمية في حل مشكلة مثل التي تمثلها كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونج اون، وصل إلي حد إعلان ماليزيا احتجاز موظفي سفارة كوريا الشمالية لديها في رد بالمثل علي قرار بيونج يانج احتجاز الماليزيين رهائن بسبب الأزمة بين البلدين التي اندلعت عقب مقتل كيم جونج نام الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية. وتساهم تلك التطورات في الإسراع من وتيرة التحرك نحو الصراع العسكري في منطقة شرق آسيا، ويمكن أن تكون الصينوالولاياتالمتحدة ضمن أطراف هذا الصراع. من جهة اخري، اختبرت هذه التجربة »الباليستية» التحالف الثلاثي الذي يضم كلا من الولاياتالمتحدةواليابانوكوريا الجنوبية، حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعم بلاده لمن أسماهم ب »حلفائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ»، وبالتالي باتت إدارة ترامب تحت ضغط ضرورة تحديد سياستها في مواجهة جهود بيونج يانج لامتلاك صواريخ »باليستية» نووية قادرة علي ضرب الدول المجاورة لها أو الأراضي الأمريكية.. فالصواريخ التي أطلقت لا تشير إلي تقدم فني جديد للكوريين الشماليين لكنها تجبر الإدارة الامريكية الجديدة علي الرد. وقد يفكر ترامب الذي يحب إبراز عضلات جنرالاته، في اختبار للقوة العسكرية مع بيونج يانج. وذكرت »التايمز» البريطانية إن فريق ترامب للأمن القومي يعكف علي وضع خيارات للتعامل مع كوريا الشمالية؛ بينها هجوم علي مواقعها النووية، لكن الخبير في نزع الاسلحة جيفري لويس الذي يدير المدونة المتخصصة »ارمز كونترول وونك» اوضح انه لا يمكن التفكير بخيار هجوم عسكري علي بيونج يانج »لان هذا يعني اندلاع حرب نووية». كما اعتبر المسئول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية ريد إيدلمان ان هذه الخيارات قاتمة؛ بسبب الغموض الذي يكتنف حجم وانتشار وأماكن الأسلحة النووية الكورية الشمالية، وعناصر البرنامج النووي، وأضاف أن احتمال وجود أسلحة مدفونة بعيداً في باطن الأرض قد يؤدي إلي لجوء بيونج يانج إلي استخدام بعضها، في حال فشلت الضربات الأمريكية في تدميرها جميعاً، واشار أيضاً إلي احتمال لجوء كوريا الشمالية إلي الأسلحة التقليدية لتدمير سول وتحويلها إلي دائرة من النار بحسب التهديدات الشمالية المتكررة. ووفقا ل »التايمز»، كان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، قد وصل إلي حافة حرب نووية مع كوريا الشمالية عام 1994، لكنه تراجع عندما أخبره قائد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية بأن الحرب ستؤدي إلي مقتل ما يصل إلي مليون شخص بينهم 52 ألف أمريكي، وتكلفة 100 مليار دولار، إضافة إلي دمار في المنطقة يقدر بتريليون دولار. غياب خيار استخدام القوة، يمكن أن تسعي إدارة ترامب إلي تطوير الوسائل الدفاعية المضادة للصواريخ لتأمين حماية افضل لحلفائها الأسيويين والقارة الامريكية، ويمكن أن تعمل علي نصب بطاريات جديدة مضادة للِصواريخ »ثاد» مثل تلك التي بدأت نشرها في كوريا الجنوبية، علي الرغم من اعتراضات الصين. وقال الخبير في الدفاع المضاد للصواريخ توماس كاراكو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان بطارية »ثاد» واحدة لا تكفي، مشيرا إلي الحاجة لعدد كبير منها لتغطية كل الأراضي الكورية الجنوبية. وقالت اليابان ايضا انها مهتمة بنشر »ثاد» و»ايجيس» المنظومة الدفاعية الاخري التي تتصدي للصواريخ المعادية وهي في الجو وتتعلق بالصواريخ الأبعد مدي. واوضح توماس كاراكو ان »الولاياتالمتحدة تملك 36 صاروخا معترضا للصواريخ» تتمركز في آلاسكا وكاليفورنيا. • جيهان الحديدي